نُصْـح وتوجيـه لِمَـنْ أراد الحـجَّ بدُون تَصْـريح.

رأي في الحج المتكرر

(بدون تصريح)

الحمد لله
= لا يخفى على أحد ما يحصل لمن يذهب للحج بغير تصريح من خوف تسفير وغرامة ومنع رجوع للحرمين، وما يحصل مع ذلك من ترقب شديد وترك للصلاة في الحرم وتحويل نسك “التمتع” إلى “إفراد” بسبب عدم قدرته على أداء عمرة.
= ولا يشك عاقل في قوة صدق مشاعر هؤلاء الناس ممن تركوا ديارهم من وقت طويل للدخول إلى مكة وما يدفعونه من تكاليف مالية للسكن والطعام وغيرهما.
= وأنا يهمني تبليغ شيء واحد هنا وهو (حكم البقاء على لباسه العادي وعدم لباسه ملابس الإحرام وذبح ذبيحة مقابل ذلك) فأقول : إن هذا الفعل غالب من سيقوم به لن تكون حجته حجة الإسلام بل هو ممن يكرر العبادة ويريد أن يبقى على ملابسه العادية بغير عذر مرض ونحوه فلا أراه معذورا، فهو مرتكب لنهي صريح وواقع في محظور بيّن من غير عذر شرعي، ولم تشرع الفدية لمثل هذه الحال إنما شرعت لمن احتاج للمحظور – كأذى في بدنه أو مرض – ففَعله، وليس عذر الإكراه هنا قائما لأن المحرِم هنا لم يُكرَه على السفر بل هو من اختار ذلك بنفسه، ولو كان طالب علم فلن يقبل عذر موظف اختار بنفسه وظيفة فيها تقديم طعام محرم أو فيها الالتزام بلباس محرم.
١. قال الشيخ محمد العثيمين رحمه الله:
أنهم عصوا النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- معصيةً ظاهرة، فقد قال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «لا يلبس المحرم القميص» وهؤلاء لبسوه، فكأنه يعلن بفعله معصية الرسول -عليه الصلاة والسلام-، وعجباً لهؤلاء أن يتخذوا آيات الله لعباً من أجل حج ليس بواجب عليهم.
انتهى
٢. وقال:
فأن نقول: ادخل بلباسك العادي واذبح فدية: هذا من اتخاذ آيات الله هزواً، فرض الله عليك إذا أحرمتَ ألا تلبس القميص ولا السراويل ولا غيرها وأنت تبارز الله بهذه المعصية، وتدعي أنك متقرب إليه، لا سيما إذا كان الحج نفلاً، سبحان الله! أتقرب إلى الله بمعصية الله! وإن كان هذا معصية في عبادة لكن هذا خطأ عظيم، وحيلة على من؟ على الله عز وجل، كيف تتحيل على الله بهذا وأنت تريد أن تفعل السنة؟! يا أخي! إذا كنت تفعل السنة ابق في بلادك وأعن من يريد الحج على حجه ويحصل لك الأجر.
انتهى
٣. وقال الشيخ عبد الكريم الخضير -حفظه الله-:
لكنْ إنْ رَأى الشَّخص أنْ يَحُجّ امتِثالاً لِما وَرَدَ من الأحاديث الكثيرة في التَّرغيبِ في الحج، ولمْ يَتَرَتَّب على ذلك لا كَذِب، ولا رِشْوَة ولا احتِيَال ولا ارْتِكابِ محظُور: فَيُرْجَى؛ أمَّا إذا أدَّى ذلك إلى الكذب أو رِشْوَة، أو تَحَايُل، أو ارْتِكاب مَحْظُور كما يُفْعَل الآن، بَعْضُهُم يَرْتَكِب مَحْظُور ويدخُل ويَتَجَاوز المِيقات بِثَِيَابِهِ، هذا كُلُّهُ لا يَجُوز، ولا يُسَوِّغ لهُ ذلك.
انتهى
= وسواء وصف الأمر أنه فعلُ محظور (البقاء على لباسه) أو أنه تركُ واجب (الإحرام بلباس الإحرام) فليست الفدية في الأولى و الدم في الثانية (على فتوى ابن عباس) للمتعمد، وإنما هي لمعذور، وأما المتعمد فهي معصية يحتاج معها لتوبة، ومن قال عليه دم أو فدية فهو من باب العقوبة لا البدليّة، والأولى تسميتها (كفارة).
= (وقد راجعني بعض طلاب العلم في قولي إن التجرد من اللباس العادي واجب، وسألني عمن قال بذلك من أهل العلم فذكرت له قول المالكية:
«ثم اعلم أن ‌التجرد ‌من ‌المخيط واجب ، فمن تركه لزمه الفدية ولو مع ضرورة ، وإن كان لغير ضرورة فعليه الفدية والإثم معا»
أسهل المدارك «شرح إرشاد السالك في مذهب إمام الأئمة مالك» (1/ 483)
والفدية هنا عبر عنها غيره بأنها (الدم) لأنها ترك واجب:
«أما التجرد من المخيط، فلا ينبغي عده من المستحبات؛ لأنه من واجبات الإِحرام التي يأثم فاعلها بدون عذر والتي تجبر بالدم، وهو يجب عند إرادة الإحرام قبل الإحرام؛ لأن المحرم ممنوع من لبس المخيط»
«مواهب الجليل من أدلة خليل» (2/ 132).
= هذا مع ما يكون عليه الحال من مذلة التوقيف والحبس والغرامة والخوف وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (لا ينبغي لمؤمن أن يُذلّ نفسه) – رواه الترمذي وابن ماجه وأحمد وهو حسن – وقد عذرت الشريعة من لا تنطبق عليه الشروط – في بلده – للحج، أو لا يملك مالا يمكّنه من الحج المميز (أو شراء فيزا) فلا ينبغي أن يشعر مثل هذا بالتقصير والذنب وقد عذرته الشريعة المطهرة.
(الكلام هنا فقهي ليس سياسيا ولا يعقله إلا العالِمون).
والله أعلم

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

ابقَ على إتصال

2,282المشجعينمثل
28,156أتباعتابع
10,000المشتركينالاشتراك

مقالات ذات صلة