حكم المداعبة في نهار رمضان، وحكم الدخول قبل إشهار النكاح

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته، جزى الله مشايخنا حسن الجزاء, أما سؤالي فمعقد بعض الشيء, فأرجو من حضرتكم مدي بالجواب الشافي, فأنا في حيرة شديدة,  تمت خطبتي منذ شهرين على أخ ملتزم, وأراد أن تكون عوض هذه الخطبة عقد شرعي ولكن عائلتي رفضت بعلة أنه لا سبب للتسرع, وبسبب أننا كنا نخلو ببعضنا دون رقيب وقع المحظور( مداعبة دون جماع ), في أفضل الشهور ( رمضان ), وأنا منذ ذلك الوقت في غم شديد, فكيف أستطيع صيام خمسة أشهر, كفارة لما حدث ( شهر عن كل يوم )؟ هذه أول مشكلة, فأرشدوني لحلها, فهي تؤرق منامي, أما بعد فقد تم قبل أسبوعين عقد قراني على هذا الشخص, وقد بنى بي قبل إعلان الدخول المقرر العام المقبل, وقد اطلعت على أجوبة في موقعكم حول حقوق العاقد, فوجدت أنه درءًا للمفاسد أن على العاقد انتظار إعلان الدخول للبناء بالزوجة, وبناء على هذا أعلمته أني سأمتنع عنه حتى موعد الزفاف, فرفض وأصر على التمتع بحقه, والآن ما العمل فأهلي ليسوا على علم بأني لم أعد عذراء, وأنا أخاف أن أحمل قبل الزفاف؟ كيف أتصرف في مثل هذا الوضع؟ هل علي طاعة زوجي إذا دعاني؟ هل علي إعلام أهلي أنه قد بنى بي مع علمي أنهم لن يتقبلوا الأمر أبدًا؟ أرجو من حضرتكم إجابتي في أسرع الآجال, وأسأل الله العظيم أن يجعل ما تقومون به في ميزان حسناتكم, والسلام عليكم و رحمة الله وبركاته.

الجواب

الحمد لله

أولًا:

لا شك أن ما قمتما به قبل العقد من مداعبة خصوصًا أنه في شهر رمضان ذنب تجب التوبة منه, فعليكما أن تسارعا بالتوبة, لكنه طالما أنه لم يصل إلى الجماع فلا كفارة فيه لكن إذا ترتب عليه خروج مني أوجب القضاء.

ثانيًا:

بمجرد حصول العقد جاز للزوجين تلذذ بعضهما ببعض, لكن – كما اطلعت عليه – الأحسن تأخير الوطء إلى إعلان النكاح بالدخول, جاء في فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء ما يلي:( ليس في جماع الزوج زوجته بعد العقد وقبل الزفاف بأس من الناحية الشرعية لكن إذا كان يخشى من ترتب آثار سيئة على ذلك فإنه يمتنع عن ذلك لأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح ). فتاوى اللجنة الدائمة ( ج 2 ص271 ).

واتّفق الفقهاء على أنّ للمرأة منع نفسها حتّى تقبض مهرها، لأنّ المهر عوضٌ عن بضعها، كالثّمن عوضٌ عن المبيع، وللبائع حق حبس المبيع لاستيفاء الثّمن, فكان للمرأة حق حبس نفسها لاستيفاء المهر.

هذا إذا كان المهر حالًّا, ولم يحصل وطء, ولا تمكين.

فإن تطوّعت المرأة بتسليم نفسها قبل قبض المهر، ثمّ أرادت بعد التّسليم أن تمتنع عليه لقبض المهر فقد اختلف الفقهاء في المسألة:

فيرى أبو حنيفة و ابن حامد من الحنابلة أنّه لو دخل الزّوج بزوجته برضاها وهي مكلّفة فلها أن تمنع نفسها حتّى تأخذ المهر، لأنّ المهر مقابل بجميع ما يستوفى من منافع البضع في جميع الوطآت الّتي توجد في هذا الملك، لا بالمستوفى بالوطأة الأولى خاصّةً، لأنّه لا يجوز إخلاء شيء من منافع البضع عن بدل يقابله, احتراماً للبضع, وإبانةً لخطره، فكانت هي بالمنع ممتنعةً عن تسليم ما يقابله بدل، فكان لها ذلك بالوطء في المرّة الأولى، فكان لها أن تمنعه عن الأوّل حتّى تأخذ مهرها, فكذا عن الثّاني والثّالث.

جاء في الفتاوى الهنديّة: في كلّ موضع دخل بها أو صحّت الخلوة وتأكّد كل المهر لو أرادت أن تمنع نفسها لاستيفاء المعجّل كان لها ذلك عند أبي حنيفة خلافا للصّاحبين.

وذهب المالكيّة في المعتمد والحنابلة وأبو يوسف ومحمّد إلى أنّ المرأة ليس لها منع نفسها لقبض المهر الحال بعد أن سلّمت نفسها ومكّنته من الوطء قبل قبضه؛ لأنّ التّسليم استقرّ به العوض برضا المسلم، فلم يكن لها أن تمتنع منه بعد ذلك، كما لو سلّم البائع المبيع, وهذا هو مذهب الشّافعيّة وابن عرفة من المالكيّة, إذا كان الزّوج وطئها بعد التّسليم، وأمّا إذا لم يجر وطء فلها العود إلى الامتناع, ويكون الحكم كما قبل التّمكين.

27 – أمّا إذا كان المهر مؤجّلا إلى أجل معلوم, فيرى جمهور الفقهاء أنّ عليها تسليم نفسها, وليس لها الامتناع لقبض المهر, ولو حلّ الأجل قبل الدخول، لأنّها قد رضيت بتأخير حقّها وتعجيل حقّه، فصار كالبيع بالثّمن المؤجّل, يجب على البائع تسليم المبيع قبل قبض الثّمن. وقال أبو يوسف: لها أن تمنع نفسها بالمؤجّل، لأنّ حقّ الاستمتاع بها بمقابلة تسليم المهر، فمتى طلب الزّوج تأجيل المهر, فقد رضي بتأخير حقّه في الاستمتاع.

 

 

والله أعلم.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

spot_img

أكثر الفتاوى شهرة