تنبيهات حول ليلة القدر (مقطع مرئي مع التفريغ)

تنبيهات حول ليلة القدر- لفضيلة الشيخ إحسان العتيبي:

[ مقطع صوتي ]
الرابط أسفل المنشور👇🏼

١. ارتباط ليلة القدر بنزول القرآن ألصق من ارتباطها بصيام رمضان.

٢. ليلة القدر خير من ألف شهر ولا تعادل ألف شهر.

٣. الأعمال المشروعة لإحياء ليلة القدر.

٤. مقصود الشارع إخفاء ليلة القدر وعدم تحديدها حتى يجتهد الناس في العبادة سائر الليالي.

٥. متى جاءت ليلة القدر في زمن النبي ﷺ؟

٦. لا تلتفوا لمن يقول هذه الليلة وترية أو يحدّدها بليلة معينة أو برؤيا أو بتصوير الشمس صبيحة كل يوم.

٨. اسمع العلامة القطعية اليقينية لليلة القدر..

كل هذه المسائل مذكورة في المقطع:
https://youtu.be/izI5e4O6PtM


 

تفريغ الكلمة:

الحمدلله رب العالمين وأصلي وأسلم على خير المرسلين وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد : 

أولًا: أنبه على أن ليلة القدر : متعلقة بالقرآن وبـرمضان ألصق من تعلقها بالصيام ، لأن القرآن أول ما نزل على النبي ﷺ في شهر رمضان وتحديداً في ليلة القدر .

فالله سبحان وتعالى قال (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) يعني بدأنا نزوله أو ابتدأنا إنزاله وقال سبحانه وتعالى (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ ۚ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ) فليلة القدر مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالقرآن الكريم ولم يكن الصيام قد فرض حينئذٍ ، بل إن الصيام لم يفرض إلا بعد ١٥ سنة من بدأ نزول القرآن في ليلة القدر .

فالحقيقة لا يوجد ارتباط بين نزول القران والصيام، لكن الارتباط بين القرآن وبين شهر رمضان وليلة القدر .

فشهر رمضان كان معروفًا ومعلومًا قبل البعثة وبعدها وكذلك بقية الشهور فالارتباط هو بين ليلة القدر وبين شهر رمضان .

لماذا قلت هذا؟ لحرص كثير من الناس -والحمدلله رب العالمين- على الصوم، فالصُّوم ركن من أركان الدِّين ومعلوم اهتمام الناس به، لكن أردت التنبيه على أن ليلة القدر ليلة عظيمة عظمتها كانت مع نزول القران على النبي ﷺ في هذه الليلة فَـ لتعظيم هذه الليلة أنزل الله القرآن في هذه الليلة 

وهذا الارتباط الوثيق بين ليلة القدر وبين شهر رمضان والقرآن ، هذا هو الارتباط الحقيقي والصيام جاء بعد ١٥ سنة.

هذا ما أردت أن أنبه عليه أولا أنها ليلة نزول القرآن وقبل تشريع الصيام فالصيام شرع في السنة الثانية للهجرة فانظروا الفرق ١٣ سنة في مكة و٢ سنة في المدينة وبعدها فرض الصوم.

ثانيا :هي كما قال الله -سبحانه وتعالى- : (خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ) ولم يقل أنها تعادل ألف شهر  فالذي يتكلم في فضائل ليلة القدر يذكر أنها تعادل ٨٣ سنة أو ٨٤ سنة..، لا هي أفضل من ٨٣ سنة وهذا يقال كما يقال في صلاة النساء في بيتها أنها أفضل من صلاتها في المسجد هي أفضل وليست مثل صلاة المسجد …، وهكذا فلننتبه للضد الخير. 

– الأمر الأخر الذي أردت التنبيه عليه وهو أن العمل في هذه الليلة ليس مختصا بالقيام والاعتكاف لأنني سمعت بعض المشايخ ينتقد تعميم الأعمال الصالحة في هذه الليلة ويقول أن هذه الأعمال محصورة في القيام والاعتكاف وهذا الكلام الحقيقة أنه “غير صحيح”. 

فالنبي ﷺ حين وصفت أحواله في ليلة القدر قال (أحيا ليله) ولم يقل قام ليله ولكنه قال (أحيا ليله) وإحياء الليل يكون بالأعمال الصالحة سواء قراءة القرآن أو ذكر الله سبحانه وتعالى أو القيام وكل ما يتعلق بعبادة يفعلها المسلم في هذه الليالي فهي يرجى أن تكون مضاعفة ولم تأتي المضاعفة في القيام.

لم تأت المضاعفة بالقيام بنص من الرسول ﷺ، أي لا يوجد نص هنا على أن المضاعفة هنا للقيام ولا للاعتكاف إنما هي الآية القرآنية نص عام هذا للمتفرغ الذي ليس عنده شيء يذهب للمسجد يقرأ قرآن ويعتكف ويصلي. 

لكن ماذا يفعل من يكون مثلا مناوبا بالجيش ؟ في الرباط؟ ماذا يفعل من يكون مناوبا بالمستشفيات يستقبل الحالات الطارئة ؟ ماذا يفعل من يغيث الناس يعني الإغاثة بالطعام والشراب هل تترك الناس بدون فطور أو سحور ؟

ماذا يفعل هؤلاء الذين يتفقدون الناس كالمرضى والجوعى والعطشى ؟ والذين يحتاجون إلى الإفطار والسحور؟ 

الذين يشفعون للناس في السجون يشفعون للناس في النظارة في التوقيف؟ في الدعوة إلى الله في تعليم الناس الخير في إرشاد الناس ؟

في ليالي رمضان يكثر السكارى واللاهون واللاعبون والغافلون …، فلا يمكن أن نحصر ليلة القدر فقط في القيام والاعتكاف هذا فقط لمن لا عمل له أما ليس لنا حصر الاعمال في هذا ولا نحرم الناس الذين يحتاجون إلى هذا الفضل من الله سبحانه وتعالى. 

كذلك النساء فالنساء أين تذهب ؟ تذهب إلى المسجد؟ لا يوجد اعتكاف لهن فصلاتهن في بيتهن  وصلاتهن في البيت أفضل

طيب المرأة الحائض لا تصلي.. تحرم ؟ لا تحرم هذا فضل الله سبحانه وتعالى لكل من جاء بعمل صالح طيب يرضى الله عنه .

ولذلك في كلام الشيخ الطريفي حفظه الله قال:  إن من أفضل الأعمال وأيسرها الذكر خاصة ليلة رمضان لسهولته، ولو وافق ليلة القدر لرجي له المضاعفة عشرات الآلاف المرات 

مثلا كلمة: “لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير” تعدل عشر رقاب فلو قالها الأب في كل من ليلة من ليالي العشر الأواخر من رمضان فوافق ليلة القدر لكان كأنما أعتق أكثر ٣٠٠٠٠ رقبة، والرقبة الواحدة تعتق من النار، فنقول لهؤلاء الناس الذي يشتغلون بالأعمال العبادية والطاعات المتنوعة مع هذه الطاعات أذكر الله فهو ذكر يسير ويضاعف، فهذه المضاعفات أردت أن أنبه على أن النبي ﷺ لما وصفت حاله “أحيا ليله” وحصر المضاعفة بشيء معين واحد يحتاج إلى نص وهذا النص غير موجود وكذلك أثني على كلام المشايخ أن الناس تحيي ليلها ولا تجعل لهذا الليل شيء من النوم اجعل النوم في النهار واجعل هذه الليالي كلها في الإحياء و”الإحياء عامٌ وليس خاصًا”.

ثم أنبه على أن ليلة القدر من يقول للناس أنها في الليالي الفدرية أو أنها في ليلة سبعة وعشرين فإنه يناقض مقصود الشرع، مقصود الشارع هو عدم تحديد ليلة القدر أولا؛ لأنها عقوبة للأمة، وثانيا: لحكمة جليلة

فالنبي ﷺ خرج ليخبر الناس بتحديد ليلة القدر لكنه لما حصلت مشاحنة بين اثنين رفعها الله سبحانه وتعالى فرفعها من الله سبحانه وتعالى يعني أنه كل من حددها فهو مخطئ خطأ كبيرا شديدا.

والأمر الثاني: أن الشريعة مقصودها في هذا الإخفاء وحصرها في العشر الأواخر أن يحيي الإنسان الليالي جميعاً وقد أخفى الله سبحانه وتعالى عنا :

ساعة الإجابة في كل ليلة وذلك لتحري الليالي الساعات كلها .

وأخفى الله سبحانه وتعالى عنا ساعة الجمعة وذلك لجعل ساعات الجمعة كلها ساعات دعاء.

وكذلك أخفى الله سبحانه وتعالى عنا التنصيص على أسماء الحسنى ٩٩«إن لله تِسْعَةً، وتِسْعِينَ، اسْمًا، مِائَةً إلا واحدًا مَنْ أَحْصَاهَا دخل الجنة». أين النص على تحديدها ؟ غير موجود.. لماذا ؟

حتى يجعل المسلم أسماء الله كلها يمكن أن تكون هي المقصودة في الحديث

فيتعبد ربه سبحانه وتعالى بأسماء الله كلها.

مما يدل على ذلك أن ليلة القدر جاءت في زمان النبي ﷺ ليلة ٢٧ كما في حديث أبي سعيد الخدري في الصحيحين وجاءت في ليلة ٢٣ كما في حديث عبد الله بن أنيس في أبي داود هذا يدل على خطأ من حددها في ٢٧ وخطأ من حددها في ليلة واحدة وما قيل في علامات ليلة القدر إنما الصحيح الراجح أنها كانت في تلك السنة قال النبي ﷺ: (رَأيتُنِي أسجُد فِي مَاءٍ وَطِين)  هذا ليس من علامات ليلة القدر إنما في تلك السنة كذلك الشمس لا شعاع لها في تلك السنة والذي يقول إنها متكررة أسأله سؤالا واحدا، أين اتفاق الأرض على وجود شمس واحدة تشرق على الأرض كلها لا شعاع لها ؟ هل مر معكم في حياتكم  على وجود شمس جاءت إلى الأرض كلها لا شعاع لها؟ كل سنة يختلفون فيها ويشغلون العالم فيها 

أختم في ذلك وأقول : لا تلتفتوا لقول من يقول لكم هذه الليلة وترية لأنها جاءت حقيقة وترية وزوجية في فهم العلماء وفي نص النبي ﷺ، ولا تلفتوا لمن يقول لكم ليلة القدر هي ليلة ٢٧ ولا تلتفتوا لمن يقول لكم رأيت في المنام أن ليلة القدر كذا وكذا ولا تلتفتوا لكلام المعبرين بتحديدها ولا لصور المصورين كل واحد في الصباح يصور بلده قال هذي الصورة من لبنان وهذي الصورة من سوريا وهذي الصورة من استراليا كل واحد يتنافس شمسي أوضح وشمسك أوضح كل هؤلاء يمنعونكم من الخير العظيم وللجزم واليقين بأنك أصبت ليلة القدر اجعلوا ليالي العشر الأواخر كلها كأنها ليلة القدر، واعظم علامة لـ ليلة القدر يقينية  أنها في العشر الأواخر ..

روى الإمام مسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال:( مَن يَقُمِ الحَوْلَ يُصِبْ لَيْلَةَ القَدْرِ) 

يعني من يقم ليل السنة كلها فإنه لا محالة سيصب ليلة القدر هذه همتهم  لوكانت ليلة القدر في السنة كلها لأقاموا السنة كلها

فكيف وقد جعلها الله تعالى في عشر ليال فحسب إنه لفضل عظيم

وقد كان النبي ﷺ يجتهد في العشر كلها دون تفريق بين ليلة وليلة 

وإني لكم لمن الناصحين..

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

١٩ رمضان ١٤٤٣ هـ

 

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

ابقَ على إتصال

2,282المشجعينمثل
28,156أتباعتابع
8,840المشتركينالاشتراك

مقالات ذات صلة