طلَّق زوجته وأساءت في تربية ابنه فكيف يتصرف وهو يعيش في دولة غير مسلمة؟

السؤال

أعيش في الولايات المتحدة منذ خمس سنوات، حيث تزوجت بامرأة أمريكية مسلمة – لكن تصرفاتها لا تدل على ذلك -، منذ عشر سنوات، ولديَّ منها ولد، بالإضافة إلى ولدها من الزوج الأول، وقد طلقتها منذ سنتين بعد إصرار منها، رغم عدة محاولات من جهتي أن أبقي على رباط الزوجية بيننا إلا أنها لم ترغب في ذلك، بعد الطلاق تدهورت حالتها المعيشية، ولم يعد لديها عمل، وبالتالي: أثَّر ذلك على ولدي الذي لم يعد يتغذى الغذاء الصحيح، كما أنه بدء يتأثر بأخيه لأمه تأثرًا سلبيًّا، فأصبح يتلفظ بألفاظ بذيئة، كما أنها أيضا لم تهتم بتربيته وتنشئته تنشئة دينية، فطلبتُ منها أن تأخذ أي شيء، وأن تسمح للولد أن يبقى معي يومين في الأسبوع، ولكنها رفضت ذلك، وقالت: يومان كل أسبوعين كافٍ لرؤيته، فاضطررنا إلى أن نذهب إلى المحكمة، هناك في المحكمة صدر الحكم بأنه يتوجب عليها أن تغادر البيت الذي كنا نعيش فيه، والذي هو من ممتلكاتي، كما أنهم حكموا بأن لي الحق أن يمكث الولد معي يومين في الأسبوع، بالإضافة إلى غرامة مالية فُرضت عليها، ولكنها لم تلتزم بأي شيء من هذا، فما رأي الإسلام في ذلك؟ وما هي نوع العلاقة التي تظل بين الرجل والمرأة بعد الطلاق؟ وما مصير الولد من وجهة نظر شرعية؟.

الجواب

الحمد لله

أولًا:

ذكرنا في أجوبة كثيرة مسألة الإقامة في بلاد الكفر، والمفاسد المترتبة على ذلك، والشروط الواجب توفرها في المقيم إن أقام لعذر شرعي يبيح له تلك الإقامة، فانظر تلك الأجوبة داخل الموقع.

وهذه القضية شرعية بحتة – ومثلها الطلاق والزواج والعدة – ومع ذلك فها أنتم تتحاكمون إلى المحاكم الكافرة، وفق قوانين وضعية، وهذا من أعظم مفاسد إقامتكم في تلك الديار.

ثانيًا:

والزوج الذي يطلِّق زوجته إما أن يكون الطلاق رجعيًّا، أو بائنًا، فإن كان رجعيًّا – وهو ما يملك الزوج فيه إرجاع زوجته لعصمته -: فالعلاقة بينهما علاقة زواج كاملة، إلا أنه يُمنع من جماعها إلا أن يقصد به إرجاعها لعصمته، وفي حال الطلاق الرجعي فإنه لا يجوز للزوج أن يُخرج زوجته من بيت الزوجية، ولا يجوز لها أن تخرج، ويجوز أن يراها، وتراه، ولو متزينة، بل من مقصود عدم خروجها وإخراجها هو أن يحدث رغبة في الرجعة، وإصلاح الأمر بينهما.

قال تعالى في بيان الطلاق الذي تُِرجع فيه الزوجة: ( الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ) البقرة/ من الآية 229، وقال تعالى في بيان حق الزوج في إرجاعها في العدة: ( وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا ) البقرة/ من الآية 228، وقال تعالى في بيان المنع من إخراج الزوجة وخروجها في الطلاق الرجعي: ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا ) الطلاق/ 1.

وأما إن كان الطلاق بائنًا – وهو ما لا يملك فيه الزوج إرجاع زوجته، وهي حالتك هنا -: فإنها تكون أجنبية عنه بمجرد تطليقها، ولا يحل له أن يراها، ولا أن يختلي بها، وتُعامل معاملة الأجنبيات، وإن كان بينهما ولد، أو أمر يحتاجان معه للكلام: فيُلتزم بالضوابط الشرعية لذلك، من عدم الخضوع في الكلام، وعدم الخلوة، وغير ذلك مما فيه إغلاق الباب على الشيطان أن يوقعهما فيما حرَّم الله.

ثالثًا:

والأصل في الحضانة بعد الطلاق: أن تكون مع من يُحسن تربية أولاده، ويدلهم على الخير لدينهم ودنياهم، ومن يفرِّط في ذلك من أحد الأبوين: فلا حضانة له، وهذا – للأسف – غير معمول به في دول الإسلام، فأنَّى أن يكون له اعتبار في دول الكفر والإلحاد؟!.

فعليك أن تحاول ضم ابنك لك بما تستطيعه من وسائل شرعية، فإن عجزت: فعليك استثمار اليومين اللذين تلتقي فيهما بابنك لتعلمه الصلاة، وتربيه على حسن الخلق، وإذا لم تستجب الزوجة السابقة للحكم الصادر في حقها: فعليك متابعة الأمر مع الجهات المسئولة عن التنفيذ القضائي، ولعلك تثبت لهم تفريطها في رعاية ابنك، وعدم قدرتها على تربيته، والعناية به؛ ليئول إليك، وإلى حضانتك.

 

والله أعلم.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

spot_img

أكثر الفتاوى شهرة