اختلاف حكم الألباني على حديث في العقيقة، وهل يجزئ ذبح العقيقة قبل اليوم السابع؟

السؤال

أخرج الألباني في كتابه ” صحيح الجامع ” حديث ( العقيقة تذبح لسبع، أو لأربع عشرة، أو لإحدى وعشرين ) الذي رواه بريدة بن الحصيب الأسلمي، وقال عنه: حديث صحيح، في حين وجدت الحديث في كتاب ” الإرواء ” – نفس الحديث ، وقد ضعفه.
المرجو الرد على هذا السؤال، وما حكم أن يعق في اليوم الواحد والعشرين؟.
وجزاكم الله عنا خير الجزاء.

الجواب

الحمد لله

أولًا:

ننبه إلى لفظة وردت في السؤال جاءت في غير مكانها، وهي قول السائل ” أخرج الألباني ” ثم ذكر حديثًا في كتابٍ من كتب الشيخ الألباني رحمه الله، والصواب: أن يقال: ” أورد الألباني “، أو ” ذكَرَ “، وذلك أن كتاب الشيخ رحمه الله ليس مصدرًا أصليًّا في الحديث كالبخاري ومسلم والترمذي وغيرها مما روى أصحابها الأحاديث بأسانيدها.

والكتب التي تخلو من الأسانيد – كالكتب المعاصرة – إذا نُقل الحديث منها: فيقال ” ذكره “، أو ” أورده “، أو ” نقله ” ومثيلاتها من العبارات، وأما من يذكر الحديث بإسناده فيقال عند نسبة الحديث إليه: ” رواه ” و ” أخرجه “.

ثانيًا:

أما الحديث الذي سأل عن صحته الأخ السائل: فنحن نذكر نصَّه، وكلام العلماء حوله.

جاء الحديث المشار إليه من حديث بريدة، وحديث أم كرز:

أ. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ( الْعَقِيقَةُ تُذْبَحُ لِسَبْعٍ وَلأَرْبَعَ عَشْرَةَ وَلإِحْدَى وَعِشْرِينَ ). رواه الطبرانى في ” المعجم الأوسط ” ( 5 / 136 ) والبيهقي ( 9 / 303 ).

قال الهيثمي – رحمه الله -:

رواه الطبراني في ” الصغير “، و ” الاوسط “، وفيه إسماعيل بن مسلم المكى، وهو ضعيف لكثرة غلطه ووهمه. ” مجمع الزوائد ” ( 4 / 59 ).

ب. عن عطاء عن أم كرز وأبي كرز قالا: نذرت امرأة من آل عبد الرحمن بن أبي بكر إن ولدت امرأة عبد الرحمن نحرنا جزورًا فقالت عائشة رضي الله عنها: ” لا، بل السنَّة أفضل، عن الغلام شاتان مكافئتنان، وعن الجارية شاة، تقطع جُدُولا، ولا يكسر لها عظم، فيأكل، ويطعم، ويتصدق، وليكن ذاك يوم السابع، فإن لم يكن: ففي أربعة عشر، فإن لم يكن: ففي إحدى وعشرين  “.

رواه الحاكم في  المستدرك على الصحيحين ” ( 4 / 266 ).

” جُدُولاً ” أي: أعضاء، والجَدْل – بفتح الجيم -: العضو.

والحديث ضعيف.

قال الشيخ الألباني – رحمه الله -:

وعلى هذا فظاهر الإسناد: الصحة، ولكن له عندي علتان:

الأولى: الانقطاع بين عطاء وأم كرز؛ لما ذكرته فيما تقدم من الكلام على طرق حديث أم كرز هذه عند حديث عائشة، رقم ( 1166 ).

والأخرى: الشذوذ والإدراج، فقد ثبت الحديث عن عائشة من طريقين كما سبق هناك، وليس فيهما قوله: ” تقطع جدولًا … “، فالظاهر أن هذا مدرج من قول عطاء، ويؤيده أن عامر الأحول رواه عن عطاء عن أم كرز قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( عن الغلام شاتان مكافئتان، وعن الجارية شاة ). قال: وكان عطاء يقول: ” تقطع جدولا … ” دون قوله ” ولكن ذاك يوم السابع … ” أخرجه البيهقي ( 9 / 302 )، فقد بيَّن عامر أن هذا القول ليس مرفوعًا في الحديث، وإنما هو من كلام عطاء موقوفًا عليه، فدل أنه مدرج في الحديث.

” إرواء الغليل ” ( 4 / 369 ).

وبه يتبين أن ضعف الحديث هو المتعين، وأن ما ذكره الشيخ الألباني رحمه الله من تصحيح الحديث في كتابه ” صحيح الجامع ” هو من القديم المجمل، وأن ما ذكره من التضعيف في كتابه ” إرواء الغليل ” هو من الجديد المفصَّل.

ثالثًا:

وأما من حيث الحكم الشرعي العملي: فإنه قد اختلف العلماء في الوقت التي تُجزئ فيه العقيقة على أقوال، مع اتفاقهم على استحباب كون ذلك الذبح في اليوم السابع.

وفي ” الموسوعة الفقهية ” ( 30 / 278 ، 279 ):

ذهب الشافعية والحنابلة إلى أن وقت ذبح العقيقة يبدأ من تمام انفصال المولود، فلا تصح عقيقة قبله، بل تكون ذبيحة عادية.

وذهب الحنفية والمالكية إلى أن وقت العقيقة يكون في سابع الولادة ولا يكون قبله.

واتفق الفقهاء على استحباب كون الذبح في اليوم السابع على اختلاف في وقت الإجزاء كما سبق.

وقال المالكية: إن وقت العقيقة يفوت بفوات اليوم السابع.

وقال الشافعية: إن وقت الإجزاء في حق الأب ونحوه ينتهي ببلوغ المولود.

وقال الحنابلة – وهو قول ضعيف عند المالكية -: إن فات ذبح العقيقة في اليوم السابع يسن ذبحها في الرابع عشر، فإن فات ذبحها فيه انتقلت إلى اليوم الحادي والعشرين من ولادة المولود فيسن ذبحها فيه وهو قول عند المالكية، وهذا مروي عن عائشة رضي الله تعالى عنها. انتهى.

والراجح من تلك الأقوال: أن العقيقة تستحب في اليوم السابع من ولادة المولود، وأنه إن فات ذلك اليوم: فتُذبح في أي يوم؛ لضعف الحديث الوارد في كونها تُذبح في اليوم الرابع عشر، والواحد والعشرين، إن فات اليوم السابع، وأن ذبحها متعلق بالولادة، فتجوز قبل السابع وبعده، وهو قول الشافعية والحنابلة  – كما سبق -، وهو ما رجحه ابن القيم رحمه الله، ووافقه عليه علماء اللجنة الدائمة.

قال ابن القيم – رحمه الله -:

والظاهر: أن التقييد بذلك – أي: اليوم السابع – استحباب وإلا فلو ذبح عنه في الرابع أو الثامن أو العاشر أو ما بعده: أجزأت.

” تحفة المودود بأحكام المولود ” ( ص 63 ).

وقال علماء اللجنة الدائمة:

العقيقة سنَّة مؤكدة عن الغلام شاتان تجزئ كل منهما أضحية، وعن الجارية شاة واحدة،  وتذبح يوم السابع، وإذا أخرها عن السابع: جاز ذبحها في أي وقت، ولا يأثم في تأخيرها، والأفضل تقديمها ما أمكن.

الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن قعود.  ” فتاوى اللجنة الدائمة ” ( 11 / 439 ).

وقالوا – أيضًا -:

وتحديد اليوم السابع للذبح لا يؤخذ منه أن مشروعيتها لا تبدأ إلا في اليوم السابع؛ فإن الولادة هي سبب طلب العقيقة، واليوم السابع هو الوقت الأفضل لتنفيذ هذا الأمر المشروع، ولهذا لو ذبحها قبل السابع: أجزأت، كما قال ابن القيم ومن وافقه من أهل العلم.  الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ عبد الله بن منيع  ” فتاوى اللجنة الدائمة ” ( 11 / 445 ، 446 ).

 

والله أعلم.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

spot_img

أكثر الفتاوى شهرة