نصرانية تسأل عن لباس المرأة المسلمة ومعتقدات المسلمين وتمسكهم بها!.

السؤال

أكتب بحثا عن الدين الإسلامي، وأتمنى إن تتمكن من الإجابة على بعض الأسئلة التي سألقيها في مقابلاتي.

  • كيف ترون القيود المفروضة على لباس المرأة, والاحتفالات بأعياد الميلاد, والتقاط الصور الفوتوغرافية؟
  • كيف تقارنون أنفسكم مع غير المسلمين؟
  • هل ترون أن مجيئكم إلى الولايات المتحدة سوف يغير في معتقداتكم الإسلامية؟

* هل ترون أن دينكم يقيدكم, أم هل تجدون متعة في تمسككم به, ولماذا؟

  • كيف ترون وضع المرأة في أفغانستان, حيث لا تسمح الحكومة لها بالعمل؟

الجواب

الحمد لله

 أولًا:

أ. القيود التي فرضتها الشريعة على المرأة هي عنوان حريتها، بل إن هذا القيد إذا خلعته فهي مقيدة وإذا سلسلت به فهي حرة.

أرأيت لو أنك ملكت جوهرة جميلة بهية تستهوي القلوب، وتميل الأبصار إليها من حسنها فتتدافع إليها النظرات متتاليات معجبات، وتتمناها الأنفس، وكل نفس تحدث صاحبها وتقول: هل لك من سبيل إلى هذه الجوهرة.؟

ونفس أخرى تقول لآخر: الناس في غفلة عنك فمد يدك إليها واجعلها في جيبك.

وكذا المرأة جوهرة ثمينة تتطلع إليها النفوس، وتشرئب إليها الأعناق، فلو تركنا المرأة تلبس ما تشاء لأسرتها الأيدي العابثة وقيدتها بقيد الشهوات والنظرات.

ثم إننا لم نفرض على المرأة لباسها من خواطرنا ولا بأمانينا، بل لقد حكم الله تعالى عليها هذا من فوق سماواته، فعظمة هذا القرار من عظمة الذي قرره وحسبك بعظمة الله تعالى عظمة وبكبريائه كبرياءا.

فقد قال الله تعالى جل في علاه:

{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} [ الأحزاب / 59 ].

فلباس المرأة صون لها وعفة وطهر وحفاظ للمجتمع من الضياع والفسق والدعارة والدياثة، وما أهلك المجتمعات في بلاد الغرب إلا بعدما تبرجت نساؤها وخانت النساء أزواجهن.

عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء “. رواه البخاري ( 4808 ) ومسلم ( 2740 ).

وعن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان “. رواه الترمذي ( 1173 ). والحديث: حسَّنه الترمذي، وصححه الشيخ الألباني في ” صحيح الترمذي ” ( 936 ).

وقد علمنا أن المرأة لو مرت وهي غير متزينة بجمع من الرجال لأمكن للشيطان أن يفتنهم بها أو يبقي شيئًا من ذلك في قلوبهم، فكيف بها حال تعطرها وتبرجها، ففتنتها مضرة ولا شك كما أخبر بذلك نبينا محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

ب. أما أعياد الميلاد التي يصنعها الكفار من غير المسلمين فلا يحل لنا أن نشاركهم بها لأن في مشاركتنا لهم موافقة لهم على ما يعتقدون من الشرك الذي لا نعتقده.

قال الإمام ابن القيم:

وقد سمى الله سبحانه أعيادهم زورًا، والزور لا يجوز إظهاره، فقال تعالى: { والذين لا يشهدون الزور } [ الفرقان / 72 ]، قال عبدالرحمن بن أبي حاتم في تفسيره: ….  عن الضحاك: { والذين لا يشهدون الزور } عيد المشركين، وقال سعيد بن جبير: الشعانين، وكذلك قال ابن عباس: الزور، عيد المشركين ….. وكما أنهم لا يجوز لهم إظهاره: فلا يجوز للمسلمين ممالاتهم عليه ولا مساعدتهم ولا الحضور معهم باتفاق أهل العلم الذين هم أهله، وقد صرح به الفقهاء من أتباع الأئمة الأربعة في كتبهم فقال أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري الفقيه الشافعي: ” ولا يجوز للمسلمين أن يحضروا أعيادهم لأنهم على منكر وزور وإذا خالط أهل المعروف أهل المنكر بغير الإنكار عليهم كانوا كالراضين به المؤثرين له فنخشى من نزول سخط الله على جماعتهم فيعم الجميع نعوذ بالله من سخطه …. . ” أحكام أهل الذمة ” ( 3 / 1244 – 1245 ).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:

وأما أعياد المشركين فجمعت الشبهة والشهوة والباطل ولا منفعة فيها في الدين، وما فيها من اللذة العاجلة فعاقبتها إلى ألم فصارت زورًا، وحضورها: شهودها، وإذا كان الله قد مدح ترك شهودها الذي هو مجرد الحضور برؤية أو سماع فكيف بالموافقة بما يزيد على ذلك من العمل الذي هو عمل الزور لا مجرد شهوده؟ ثم مجرد هذه الآية فيها الحمد لهؤلاء والثناء عليهم ذلك وحده يفيد الترغيب في ترك شهود أعيادهم وغيرها من الزور ويقتضي الندب إلى ترك حضورها وقد يفيد كراهية حضورها لتسمية الله لها زورًا. ” اقتضاء الصراط المستقيم ” ( 1 / 183 ).

وسئل – يعني ابن تيمية – عمن يفعل من المسلمين مثل طعام النصارى في النيروز ويفعل سائر المواسم مثل الغطاس والميلاد وخميس العدس وسبت النور ومن يبيعهم شيئا يستعينون به على أعيادهم أيجوز للمسلمين أن يفعلوا شيئا من ذلك أم لا؟.

فأجاب: الحمد لله، لا يحل للمسلمين أن يتشبهوا بهم في شيء مما يختص بأعيادهم لا من طعام ولا لباس ولا اغتسال ولا إيقاد نيران ولا تبطيل عادة من معيشة أو عبادة أو غير ذلك ولا يحل فعل وليمة ولا الإهداء ولا البيع بما يستعان به على ذلك لأجل ذلك ولا تمكين الصبيان ونحوهم من اللعب الذي في الأعياد ولا إظهار زينة، وبالجملة ليس لهم أن يخصوا أعيادهم بشيء من شعائرهم بل يكون يوم عيدهم عند المسلمين كسائر الأيام لا يخصه المسلمون بشيء من خصائصهم. ” مجموع الفتاوى ” ( 25 / 329 ).

ج. أما التقاط الصور الفوتغرافية:

فقد سبق الجواب على مثلها وقلنا هناك:

أما التصوير الفوتوغرافي أو التصوير بالفيديو فقد اختلف العلماء في حكمهما:

فقال قوم: هي حرام، حكمها حكم التصوير بالنحت أو الرسم باليد وما أشبه هذا، واستدلوا بالأحاديث الزاجرة عن التصوير والمحرمة له وهي:

  • قال أبو زرعة: دخلت مع أبي هريرة دارًا بالمدينة فرأى أعلاها مصورًا يصور قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ” ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي فليخلقوا حبة وليخلقوا ذرة …. “. رواه البخاري ( 5609 ) – واللفظ له – ومسلم ( 2111 ).

ب.  عن مسلم قال: كنا مع مسروق في دار يسار بن نمير فرأى في صفته تماثيل فقال: سمعت عبدالله قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ” إن أشد الناس عذابا عند الله يوم القيامة المصورون  “. رواه البخاري ( 5606 )  ومسلم ( 2109 ).

ج.  عن القاسم بن محمد عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: أنها أخبرته أنها اشترت نمرقة فيها تصاوير فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على الباب فلم يدخله فعرفت في وجهه الكراهية فقلت يا رسول الله أتوب إلى الله وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم ماذا أذنبت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” ما بال هذه النمرقة؟ قلت: اشتريتها لك لتقعد عليها وتوسدها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أصحاب هذه الصور يوم القيامة يعذبون فيقال لهم أحيوا ما خلقتم، وقال: إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله   الملائكة “. رواه البخاري ( 1999 ) ومسلم ( 2107 ).

د.  عن عائشة رضي الله عنها قالت: ”  قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفر وقد سترت بقرام لي على سهوة لي فيها تماثيل فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم هتكه وقال أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله قالت فجعلناه وسادة أو وسادتين”. رواه البخاري (5610 ) ومسلم ( 2107 ).

القرام: ستر رقيق فيه ألوان نقوش.

السهوة: الرف أو سترة تكون في ساحة البيت.

يضاهون: يشابهون.

فألحق المحرمون للتصوير الفوتغرافي هذا التصوير بالتصوير باليد والنقوش وقالوا: له حكمه لأن العلة المانعة من ذلك هي وجود الصورة التي فيها الروح.

وقال آخرون:

لا يأخذ التصوير الفوتغرافي حكم التصاوير الأخرى؛ لأن التصوير الفوتغرافي خيال كخيال المرآة فالتصوير بها كالوقوف أمام المرآة وكلاهما مباح لا إثم فيه.

وقالوا: إن هذا التصوير يعطي صورة مماثلة طبق الأصل لا ترى اختلافًا بين الصورتين فليس فيها محاولة للمشابهة بخلق الله الذي نص الحديث عليه وجعله علة للتحريم.

وأحل بعضهم التصوير بالفيديو وحرموا التصوير بالورق – أي: التصوير الفوتوغرافي بالكاميرا -.

يقول الشيخ ابن عثيمين:

وأما الصور بالطرق الحديثة فهي قسمان:

القسم الأول: لا يكون له منظر ولا مشهد ولا مظهر، كما ذكر لي عن التصوير بأشرطة الفيديو فهذا لا حكم له إطلاقا ولا يدخل في التحريم مطلقا، ولهذا إجازة أهل العلم الذين يمنعون التصوير على الآلة الفوتغرافية على الورق وقالوا: إن هذا لا  بأس به حتى إنه قيل: هل يجوز أن تصور المحاضرات التي تلقى في المساجد؟ فكان الرأي ترك ذلك؛ لأنه ربما يشوش على المصلين وربما يكون المنظر غير لائق  وما أشبه ذلك.

القسم الثاني: التصوير الثابت على الورق، وهذا إذا كان بآلة فوتوغرافية فورية فلا يدخل في التصوير ولا يستطيع الإنسان أن يقول: إن هذا ملعون؛ لأنه لم يصور في الواقع فإن التصوير مصدر صوَّر يصوِّر أي: جعل هذا الشيء على صورة معينة كما قال الله تعالى:  { هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء } [ آل عمران /6 ] ، وقال: { وصوركم فأحسن صوركم } [ التغابن / 3 ].

فالمادة تقتضي أن يكون هناك في الفعل في نفس الصورة؛ لأن ” فعل ” في اللغة العربية هذا مقتضاه، ومعلوم أن نقل الصورة بالآلة ليس على هذا الوجه وإذا كان ليس على هذا الوجه فلا نستطيع أن ندخله في اللعن ونقول إن هذا الرجل ملعون على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه كما يجب علينا التورع في إدخال ما ظاهر اللفظ عدم دخوله  فيه: يجب علينا  أيضا التورع في منع ما لا يتبين لنا دخوله في اللفظ؛ لأن هذا إيجاب وهذا سلب فكما نتورع في الإيجاب: نتورع أيضا في السلب، وكذلك كما يجب أن نتورع في السلب: يجب أن نتورع في الإيجاب، فالمسألة ليست مجرد تحريم ولكن سيترتب عليها عقوبات فهل نشهد أن هذه العقوبات باللعن وشدة الظلم وما أشبه ذلك؟ لا نستطيع أن نجزم إلا بشيء واضح؛ ولهذا يفرق بين رجل أخذ الكتاب الذي خطته يدي وألقاه في الآلة الفوتغرافية  وحرك الآلة فانسحبت الصورة فيقال: إن هذا الذي خرج بهذا الورق رسم الأول، ويقال: هذا خطه ويشهد الناس عليه، وبين أن آتي بخطك أقلده بيدي أرسم مثل حروفه وكلماته فأنا الآن حاولت أن أقلدك، وأن أكتب ما كتبت، وأصور ما صورت أما المسألة الأولى فليس مني فعل إطلاقا، ولهذا يمكن أن أصور في الليل ويمكن أصور إنسانًا وقد أغمض عينيه، ويمكن أن يصوِّر الرجل الأعمى، فكيف نقول إن هذا الرجل مصور؟

فالذي أرى أن هذا لا يدخل تحت اللغة، ولا يكون تحت التصوير بناء على المادة التي اشتق منها ” صور “.

ولكن يبقى النظر إذا أراد الإنسان أن يصور هذا التصوير المباح، فإنه تجري فيه الأحكام الخمسة بحسب القصد، فإذا قصد به شيئًا محرمًا: فهو حرام، وإن قصد به شيئًا واجبًا: كان واجبا، فقد يجب التصوير أحيانًا خصوصا الصور المتحركة، فإذا رأينا مثلًا إنسانًا متلبسا بجريمة من الجرائم التي هي من حق العباد كمحاولة أن يقتل، وما أشبه ذلك  ولم نتوصل بإثباتها إلا بالتصوير: كان التصوير حينئذ واجبًا، خصوصًا في المسائل التي تضبط القضية تمامًا،  لأن الوسائل لها أحكام المقاصد، إذا أجرينا هذا التصوير لإثبات شخصية الإنسان خوفًا من أن يتهم بالجريمة غيره، فهذا أيضا لا بأس به، بل هو مطلوب.

وإذا صورنا هذه الصورة من أجل التمتع بالنظر فهذا حرام بلا شك، وكالصورة للذكرى؛ لأننا لا نقول إنها غير صورة، هي صورة لا شك، فإذا اقتناها فقد جاء الوعيد فيمن كان عنده صورة أن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة. ” الشرح الممتع ” ( 2 / 197 – 200  ).

ثانيًا:

الإسلام هو آخر الديانات التي ارتضاها الله تعالى لخلقه جميعًا، وقد أرسل الله خير أنبيائه به، وأمره أن يدعوَ الناس جميعًا إليه، فصار الإسلام حاكمًا على غيره من الأديان، وأصبح القرآن ناسخاً لما قبله من الكتاب السماوية ومهيمنًا عليها، وقد ثبت بما لا شك فيه أن كل الأديان السابقة قد حرَّفها أهلها، وكل الكتب السماوية السابقة قد بُدلت وحرفت، فهي صحيحة في أصلها وهي من عند الله ولكن جاء الإسلام فأمر الله تعالى الناس جميعًا به ولم يرض منهم غيره، فمن آمن بغيره لا يقبل الله منه دينه.

والدليل على ذلك قوله تعالى: { ومن يبتغ غير الإسلام دينًا فلن يقبل منه و هو في الآخرة من الخاسرين }   [ آل عمران  / 85 ].

قال الإمام الطبري في تفسير هذه الآية:

يعني بذلك جل ثناؤه: ومن يطلب دينًا غير دين الإسلام ليَدين به: فلن يَقبل الله منه، { وهو في الآخرة من الخاسرين }، يقول: مِن الباخسين أنفسهم حظوظها من رحمة الله عز وجل. ” تفسير الطبري ” ( 3 / 339 ).

والإسلام لا ينظر إليهم على أنهم مذنبون فحسب بل على أنهم كافرون مخلدون في نار جهنم كما سبق في الآية السابقة.

هو خاسر في جهنم لا يخرج منها، ولا يمكن للكافر أن يدخل الجنة إلا أن يسلم، قال الله تعالى: { إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سَمِّ الخياط وكذلك نجزي المجرمين } [ الأعراف / 40 ].

بل إن الله تعالى أخذ العهد على الأنبياء جميعًا أن يؤمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم وينصرونه لو قُدِّر أن يكون بين ظهرانيهم، كما قال تعالى: { وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ  وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ . فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون }   [ آل عمران / 81،   82 ].

عن أبي الدرداء قال: جاء عمر بجوامع من التوراة إلى رسول الله  صلى الله عليه وسلم  فقال: يا رسول الله جوامع من التوراة أخذتُها من أخ لي من ” بني زريق ” فتغير وجه رسول الله  صلى الله عليه وسلم  فقال عبد الله بن زيد – الذي أريَ الأذان -: أمسخ الله عقلك؟ ألا ترى الذي بوجه رسول الله  صلى الله عليه وسلم، فقال عمر: رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا وبالقرآن إمامًا، فسرِّي عن رسول الله  صلى الله عليه وسلم، ثم قال: والذي نفس محمد بيده لو كان موسى بين أظهركم ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم ضلالا بعيدًا أنتم حظي من الأمم وأنا حظكم من النبيين.  رواه أحمد ( 15437 ).

 وقال ابن حجر:

.. جميع طرق هذا الحديث، وهي وان لم يكن فيها ما يحتج به لكن مجموعها يقتضي أن لها أصلا.

” فتح الباري ” ( 13 / 525 ).

ثالثًا:

لو أننا ذهبنا إلى الولايات المتحدة فلن يزيدنا هذا إلا تمسكًا والتزامًا وقوةً في ديننا لأننا سنبصر الضلال على حقيقته وسنعايشه فنكون أشد فرارا ونفرة منه، والذي يرى الشيء ويعاينه ليس كمن سمع به، إذ الرائي سيكون أكثر بصيرة واستيقانا، فإذا كنا ننكر على ضلالات الناس هناك دون أن نراهم فكيف بنا إن عايناهم وأبصرتهم عيوننا.

قال شاعر العرب:

خذ مـا رأيــت ودع شيئا سمعت به       فــي رؤية البـدر ما يغنيك عن زحل

وعندكم من المسلمين ما يكفي من العدد، من سائر أقطار العالم، وكلهم مازال مستمسكا بعقيدته لا يبيعها بملء الأرض ذهبا.

رابعًا:

نحن لم نؤمن بالله تعالى إلا بعدما امتلأت قلوبنا رغبة وحبا وإيمانا وتصديقا بديننا فنؤمن بالله تعالى الذي هو ربنا وخالقنا ومنشؤنا من العدم وهو رازقنا ومصرف أمورنا إليه مآلنا ومنتهانا بيده رزقنا ومعايشنا.

فنحن نحب القرآن الذي هو كلام الله تعالى الذي جاءنا به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من عند الله وسن لنا به ما يصلح  دنيانا وأخرانا، وكذلك نحب نبينا وحبيبنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا نبدل بحبه شيئا من الدنيا.

وإن تمسكنا في الدين رغبة حقة في القلب، ولا نرى ذلك قيدا يقيدنا ويمنعنا مما سواه، فإن حلاوة الإيمان خالطت بشاشة قلوبنا وتمكنت من سويدائها فهي في صميم الصميم تمشي في عروقنا مع الدماء.

قال القرطبي:

وقال سهل بن عبدالله: ” علامة حب الله: حب القرآن، وعلامة حب القرآن: حب النبي صلى الله عليه وسلم، وعلامة حب النبي صلى الله عليه وسلم: حب السنَّة، وعلامة حب الله وحب القرآن وحب النبي وحب السنة: حب الآخرة، وعلامة حب الآخرة: أن يحب نفسه، وعلامة حب نفسه: أن يبغض الدنيا، وعلامة بغض الدنيا: ألا يأخذ منها إلا الزاد والبلغة.  ” تفسير القرطبي ” ( 4 / 60 – 61 ).

وقال ابن رجب الحنبلي:

ويدخل في مسمى الإيمان وجل القلوب من ذكر الله وخشوعها عند سماع ذكره وكتابه وزيادة الإيمان بذلك وتحقيق التوكل على الله عز وجل وخوف الله سرا وعلانية والرضا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا واختيار تلف النفوس بأعظم أنواع الآلام على الكفر واستشعار قرب الله من العبد ودوام استحضاره وإيثار محبة الله ورسوله على محبة ما سواهما والحب في الله والبغض فيه والعطاء له والمنع له وأن يكون جميع الحركات والسكنات له وسماحة النفوس بالطاعة المالية والبدنية والاستبشار بعمل الحسنات والفرح بها والمساءة بعمل السيئات والحزن عليها وإيثار المؤمنين لرسول الله صلى الله عليه وسلم على أنفسهم وأموالهم وكثرة الحياء وحسن الخلق ومحبة ما يحبه لنفسه لإخوانه المؤمنين ومواساة المؤمنين خصوصا الجيران ومعاضدة المؤمنين ومناصرتهم والحزن بما يحزنهم. ” جامع العلوم والحِكم ” ( 1 / 32 ).

فديننا الذي نحب عالج لنا أمراض القلوب:

فقابلنا المصائب بالصبر.

وفقر الدنيا بغنى النفس.

وضيق الدنيا بسعة الآخرة.

وزهدنا بما في أيدي الناس ورغبنا بما في يد الله تبارك وتعالى.

طلقنا الدنيا واقترنا بالآخرة.

فلم نزل على هذا حتى يبعثنا الله تعالى إليه.

خامسًا:

لقد حرم الإسلام على المرأة الابتذال والتهتك سواء في ملبسها أو في عملها فحجبها عن الرجال لتصان وتحفظ عفتها، والذي حدث هنالك في أفغانستان هو تطبيق لشرع الله تعالى الذي فرض على المرأة أن تصون نفسها من وحل التبرج والتبذل والخلاعة.

وتعريض المرأة للخروج للعمل ينقص من عفتها ويعرضها للفتن والمساويء، بل إن ديننا من حفاظه على المرأة حبب لها الصلاة في بيتها ولم يحببها لها في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي تعدل الصلاة فيه ألف صلاة فيه والمسجد الحرام الذي تعدل الصلاة فيه بمائة ألف صلاة.

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام “. رواه البخاري ( 1133 ) ومسلم ( 1394 ).

فمع هذا الأجر العظيم يرد علينا هذا الحكم من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

عن عبد الله بن سويد الأنصاري عن عمته امرأة أبي حميد الساعدي أنها جاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إني أحب الصلاة معك، فقال: قد علمت انك تحبين الصلاة معي وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك وصلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي فأمرت فبني لها مسجد في أقصى شيء من بيتها وأظلمه فكانت تصلي فيه حتى لقيت الله عز وجل. رواه ابن خزيمة ففي ” صحيحه ” ( 1689 ).

وقد حذر الرسول صلى الله عليه وسلم في كثير من أحاديثه الرجال من النساء وحذر النساء من الرجال، وعظم أمرهم حتى جعل فتنتهم أشد الفتن وأشد المضرات.

عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء “. رواه البخاري ( 4808 ) ومسلم ( 2740 ).

قال ابن حجر: 

وفي الحديث أن الفتنة بالنساء أشد من الفتنة بغيرهن، ويشهد له قوله تعالى: { زين للناس حب الشهوات من النساء }، فجعلهن من حب الشهوات، وبدأ بهن قبل بقية الأنواع إشارة إلى أنهن الأصل في ذلك ويقع في المشاهدة حب الرجل ولده من امرأته التي هي عنده أكثر من حبه ولده من غيرها. وقد قال بعض الحكماء: النساء شر كلهن وأشر ما فيهن عدم الاستغناء عنهن، ومع أنها ناقصة العقل والدين تحمل الرجل على تعاطي ما فيه نقص العقل والدين كشغله عن طلب أمور الدين وحمله على التهالك على طلب الدنيا وذلك أشد الفساد. ” فتح الباري ” ( 9 / 138 ).

وقال ابن القيم رحمه الله:

ولا ريب أن تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال أصل كل بلية وشر وهو من أعظم أسباب نزول العقوبات العامة كما أنه من أسباب فساد أمور العامة والخاصة واختلاط الرجال بالنساء سبب لكثرة الفواحش والزنا وهو من أسباب الموت العام والطواعين المتصلة.  …

فمن أعظم أسباب الموت العام كثرة الزنا بسبب تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال والمشي بينهم متبرجات متجملات ولو علم أولياء الأمر ما في ذلك من فساد الدنيا والرعية قبل الدين لكانوا أشد شيء منعا لذلك. ” الطرق الحكمية ” ( ص 408 ).

وإننا لنقرأ في كثيرٍ من الأحيان شكاوى المرأة في الغرب، ونسمع آهات كثيرة متعددة من هنا وهناك كلها تطالب بأن تُحفظ للمرأة كرامتها وعفتها، وأن لا تكون سلعة رخيصة في الإعلانات والمحلات لجلب الزبائن، وكلهنَّ يحسدن المرأة في الإسلام على ما أعطاها من إكرامٍ وتعظيم، وليس معنى هذا أن المرأة لا تعمل في الإسلام، بل إنها تعمل أعظم العمل وأخطره وهو تربية أولادها على الدين والخلق، والقيام بواجب الزوج الذي جعل الله تعالى جسمَه مهيئًا للعمل دون المرأة.

قال الفيلسوف الإقتصادي ” جون سيمون “:

النساء قد أصبحن الآن نسَّاجات وطبَّاعات … إلخ، وقد استخدمتْهن الحكومة في مَعاملها، وبهذا اكتسبن بضعة دريهمات، ولكنهن في مقابل ذلك قد قوَّضن دعائم أسرهنَّ تقويضًا، نعم، … وهناك نساء يشتغلن بصك الدفاتر، وفي محلات التجارات، ويُستخدمن في المكاتبات، وفي وظيفة التعليم، وبينهن عدد عديد في التلغرافات والبوسطات والسكك الحديدية، وبنك فرنسا والكريدي ليونيه، ولكن هذه الوظائف قد سلختْهنَّ من أُسرهنَّ سلخًا. ” مجلة المجلات ” المجلد 17، بواسطة ” وسقط القناع ” لعصام الخالدي ( ص 30 ).

ويقول ” جيوم فريرو ” البحَّاثة الشهير:

يوجد في أوروبا كثير من النساء اللواتي يتعاطين أشغال الرجال، ويلتجئن بذلك إلى ترك الزواج بالمرة، … ولو تمادى الحال على هذا المنوال لنشأ منه خلل اجتماعي عظيم الشأن، وإنا لنذكر أن ” هتلر ” في أواخر أيَّامه قد بدأ يمنح الجوائز لكل امرأة تترك عملها خارج البيت وتعود إلى بيتها، وكذلك فعل ” موسوليني “، ويكاد يُجمع مفكرو الغرب على أنه ليس هناك سبب لضياع الأبناء وفسادهم وتفكك أُسرهم إلا هجر المرأة بيتَها لتعمل خارجه. ” مجلة المجلات ” المجلد 17، بواسطة ” وسقط القناع ” لعصام الخالدي ( ص 31 ).

وفي عام ( 1660 م ) تجمعت ( 74 ) دولة في مؤتمر الجريمة في ” لندن ” فقرر أن مِن أهم عوامل ازدياد الجرائم بين الأحداث: خروج المرأة من البيت، والفراغ الذي تتركه لأبنائها الأحداث. ” صوت الإسلام ” عدد 115، سنة 1961 م، بواسطة ” وسقط القناع ” لعصام الخالدي ( ص 30 ).

وتقسيم الأدوار في العمل أمر منطقي معقول، فما يستطيعه الرجل لا تستطيعه المرأة، وما تقدر على فعله المرأة يعجز عنه كثير من الرجال.

ومشاركة المرأة للرجال في الأعمال في غالبها ما تكون مكابرة وإلا فهي أعجز من أن تستطيعها فضلًا عن أنها تتقنها، وإنك إذا نظرت في بعض الأعمال والمِهن لا تكاد تجد فيها امرأة، لحاجة هذه الأعمال للقوة أو للجرأة أو للحكمة، وخذ مثالا على ذلك: طب العظام، فمن النادر أن تجد امرأة في هذا التخصص! وإن وجد فنسبته لا تكاد تُذكر.

وهذا لا يعني أن الإسلام يحرم العمل بالكلية على المرأة، لكن لا يجوز ذلك إلا بشروط وضوابط، بل إن بعض الأعمال لا يحل للرجل العمل بها مع توفر النساء، كتدريس النساء، أو علاجهن أو ما شابههما.

وعلى كل حال: فالحكم في عمل المرأة هو الجواز إن كانت الظروف مهيأة لعملهن في أمن وأمان، وكان مجال العمل فيه لا يصلح إلا لهن.

وأنه لا يجوز حيث يوجد الاختلاط وتعريضها للفتن وقلة أو انعدام الأمن.

 

والله أعلم.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

spot_img

أكثر الفتاوى شهرة