تنبيـهان في طلب العلم.

لكاتبه: الشيخ/ أحمد بن ناصر القعيمي.

تنبيـهان في طلب العلم.

الأول: لا يزال بعض طلاب العلم يريد إدراك الغاية في كل العلوم

وهذا مع كونه صعب المنال لا يُوْجِدُ طالبَ علم متقن مرجع في أي علم إلا أن يشاء الله كشيخ الإسلام رحمه الله

كونك تستطيع أن تتكلم في كل العلوم لا يعني أنك أتقنتها كلها ولا مرجعا فيها…

ولا يعني هذا الغفلة عن التأصيل في كل علم خادم لفهم الشريعة، فيجب دراستها وتحقيق قدر كبير منها؛ لكن لابد من التخصص.

وكم رأيت من مشايخ كل يوم فائدة في علم من العلوم لكن لا تشعر منه إتقانا للعلم الذي يزعم تخصصَه فيه من فقه أو حديث أو تفسير أو غيرها .

وبعضهم أعرض بالكلية عن العلم الذي هو مشهور به .

الثاني: مع حرصي على حفظ المتون إلا أنه ينبغي التركيز على أهمها في كل فن، وعدم الاستكثار منها بالقدر الذي يشغلك عن فهم تلك المتون والتمكن من دراستها والكتابة فيها، وتدريسها أيضا.

وقد رأيت أحد مشايخي عنده محفوظ كثير تقدمت به السن وهو يراجعها فقط، ولا يسعفه الوقت لتدريس ولا لتصنيف ولا غيرهما .

وبعضهم كثير الحفظ، وشُغلُه هو المراجعة، والتسميع لمن يريد أن يحفظ فقط هذه حياته.

وليس عنده ذلك الفهم الذي هو بقدر حفظه .

والمراجعة والتسميع فيه خير كثير وكبير، لكن كيف تحمل علوما لا تفهمها، أو متونا لا تعرف معناها .

لابد من الاتزان في كل ما يفعله طالب العلم والعمر يمضي سريعا، والله لا تشعر إلا والشيب قد دب في شعرك الأسود لا يفتر ولا يمهل، والله المستعان .

قال الإمام أحمد: ما شبهت الشباب إلا بشيء كان في كمي فسقط.

وصدق والله .

سنوات قليلة إلا والشباب قد مضى.

ينبغي لطالب العلم أن يتخصص في علم أو علمين أو ثلاثة على الأكثر إن استطاع.

ولا يغتر طالب العلم بجودة حفظه، أو كثرته فالعبرة مع الحفظ الفهم، ولا بكثرة القراءة الخالية من إدراك وتمحيص.

وينبغي لطالب العلم أن يتتلمذ، وأن يكرر النظر، وأن يقرأ كل ما في العلم الذي هو متخصص فيه، مع دراسته دراسة معمقة متقنة، ومراجعة محفوظه، وينبغي أن يعاود النظر بلا ملل ولا كلل، وألا يستعجل الظهور والتصنيف حتى تكتمل عنده الآلة وتحتد القريحة .

وكل فن له أسراره وقواعده وضوابطه لا تعلم إلا لمن لزم الفن وتخصص فيه، مع توفيق الله تعالى والإخلاص له.

ولا تكن كشكول علوم لست مرجعا في واحد منها .

ولا تكن أيضا ممن يهجم على العلوم بدون أن يتأصل في مبادئ العلوم .

المقالة السابقةطالب العلم المبهر حقًا.
المقالة القادمةالجَدْب الكِتابي!

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

ابقَ على إتصال

2,282المشجعينمثل
28,156أتباعتابع
8,860المشتركينالاشتراك

مقالات ذات صلة