معتقدات فاسدة حول الزكاة

السؤال

زادت في مجتمعنا فكرة إعطاء الزكاة للسيد (علي محمد)؛ لأنّ “السيد” أفضل من البَشَر، وفي رأيي أن هذا غير صحيح وغير متناسق مع رسالة النبي صلى الله عليه وسلم، لأنّ كل البشر متساوون ولا فضل لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود وأن الأفضلية بالتقوى، وفي إحدى المرات قال النبي صلى الله عليه وسلم لابنته أنها ليس لها أفضلية لأنها ابنته، وفي سورة البقرة( وقالوا لن تمسنا النار إلا أياماً معدودة قل أتخذتم عند الله عهداً فلن يخلف الله عهده…) نرجو توضيح هذا الموقف بالنسبة لمن يولد “سيداً” هل هو أفضل وهل يجب أن نعطيه الزكاة؟

الجواب

الحمد لله:

أولاً:

ميزان التفاضل عند الله سبحانه وتعالى هو التقوى والعمل الصالح كما قال الله سبحانه وتعالى:{ إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم } [ الحجرات / 13 ]، وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري ( 3194 ) ومسلم ( 2378 ) عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ  قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم من أكرم الناس؟ قال: أكرمهم عند الله أتقاهم، قالوا:ليس عن هذا نسألك قال: فأكرم الناس يوسف نبي الله بن نبي الله بن نبي الله بن خليل الله، قالوا: ليس عن هذا نسألك، قال: فعن معادن العرب تسألونني؟ قالوا: نعم، قال: فخياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا.

وأما الحديث الذي ذكره السائل:” لا فضل لعربي على أعجمي ….” صححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة ( 2700 ) وفي تخريج أحاديث غاية المرام رقم ( 313 )، فهو حديث لا يصح ولكن يشهد له في المعنى أحاديث كثيرة.

 

 ثانياً:

فكرة أنّ هناك أسياد أو أولياء اختصهم الله بشيء دون البشر، أو أن لهم منزلة دون غيرهم من الناس فكرة مجوسية، مبدؤها أن الله يحل في أناس اختارهم واصطفاهم من دون البشر، وكان الفرس يعتقدون هذا المعتقد في ملوكهم الأكاسرة، وكانت هذه الروح تنتقل من ملك إلى آخر من ملوكهم وفي أحفاده من بعده، وتسربت هذه الفكرة المجوسية إلى المسلمين عن طريق الشيعة الرافضة ـ الذين كانوا في أصولهم مجوسا ـ فأدخلوا هذه الفكرة إلى المسلمين، وهو أن الله اختص بعضا من البشر بمنزلة دون الناس وهي منزلة الإمامة والولاية فهم يعتقدون في علي بن أبي طالب وأحفاده من بعده هذه الفكرة، وأضافوا إلى ذلك مراتب عندهم كمرتبة الأسياد والآيات وتسربت هذه الفكرة إلى بعض طوائف المتصوفة الضالة  كفكرة الأبدال والأقطاب.

 

 

ومن هذا المنطلق بما أن هذا السيد أو الولي له هذه المنزلة وهذه الدرجة فهم أدرى بمصالحنا وينبغي لنا أن نوكلهم أمورنا وشؤوننا؛ لأنهم أفضل منا، وبالتالي هم أولى بإعطاء الزكاة لهم.

والصحيح: أن الواجب في الزكاة أن تعطى لمن سمى الله في كتابه إذ يقول:{ إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم } [ التوبة / 60 ].

والأفضل في مذهب الحنابلة أن يتولى المسلم توزيع زكاته بنفسه؛ للفقراء الذين يعرفهم في بلده ويبدأ بأرحامه، فإن لم يتيسر له ذلك يعطيها لرجل يثق في دينه من أهل الصلاح ويعلم يقينا أن هذا الرجل أمينا ويتحرى بالصدقات الفقراء والمساكين لا كما يفعل هؤلاء من استخدامها في أغراضهم الشخصية.

وإن في إعطاء هؤلاء الأسياد هذه الزكاة إعانة لهم في نصرة مذهبهم، فلا يجوز شرعا إعطاء الزكاة لهم . وانظر في تفصيل الفكرة المجوسية كتاب “نشأة الفرق الإسلامية ” لعبد الرحمن المحمود ( ص 34 ).

 

ثالثاً:

إن لفظة ” سيد ” جاءت في الشرع على عدة معانٍ ومنها: صاحب مِلك اليمين، والمطاع، والزوج، والمتولّي لقبيلة أو جماعة كثيرة، وليس من بينها اللقب الذي يختص بمن كان من نسل النبي صلى الله عليه وسلم، ويطلق عليهم ” الأشراف ” أحياناً، هذا في حال أن يكون اللقب منطبقاً على من يستحقه وإلا فإنا رأينا أعاجم – بل غالبهم الآن كذلك – يدَّعون أنهم ” أسياد ” وقد علم العقلاء من الناس كذب هذه الدعوى، وأنّ من كان من نسل النبي صلى الله عليه وسلم فهم من العرب أباً عن جد، لكنه الادعاء لأكل أموال الناس بالباطل؛ اقتفاءً لأثر من قبلهم من اليهود والنصارى الذين قال الله في حقهم:{ يا أيها الذين آمنوا إن كثيراً من الأحبار والرهبان لَيأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله } [ التوبة / 34  ].

 

والله أعلم.

 

 

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

spot_img

أكثر الفتاوى شهرة