هل من أسلم ولم يعمل أعمال الإسلام يدخل الجنة في الآخرة؟

السؤال

هل صحيح أنّ كل مسلم سيدخل الجنة في نهاية المطاف؟ حتى الشخص الذي وُلد مسلما وتسمَّى باسم مسلم، لكنه لا يصلي ولا يصوم إلا نادرًا جدّا؟.
وأيضا: فقد ذكرت في إحدى إجاباتك أنّ المؤمنين سيكون بإمكانهم أن يُخرجوا من النار بعضَ الناس الذين يكون في قلوبهم مثقال ذرة من الخير، فهل ينطبق ذلك على من وُلد مسلما لكنه لم يطبق الأركان الخمس حقيقة؟ أغلب المسلمين الذي وُلدوا مسلمين يؤمنون بأنّه لا إله إلا الله وأن محمدًا صلى الله عليه وسلم رسوله، فهل يكفي ذلك لنجاتهم؟

الجواب

الحمد لله

كل من دخل في الإسلام وثبت عليه حتى أتته منيته وهو على ذلك: فمرده إلى الجنة – ولو عذب في النار – إلا إذا ارتكب ناقضا من نواقض الإسلام التي تخرج من الملة، فإنه لا يكون مسلمًا ولو قال بلسانه: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، فإن هذه الشهادة لا تنفع صاحبها إلا إذا أتى بشروطها كاملة.

ومن نواقض الإسلام: ترك أعمال الإسلام بالكلية، فمن فعل ذلك فلا يعدُّ صادقا في الشهادتين؛ لأنّ من لازم الصدق في نطقها العمل والانقياد.

* قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -:

من الممتنع أن يكون الرجل مؤمنا إيمانا ثابتا في قلبه بأن الله فرض عليه الصلاة والزكاة والصيام والحج ويعيش دهره لا يسجد لله سجدة، ولا يصوم يوما من رمضان، ولا يؤدي لله الزكاة, ولا يحج إلى بيته: فهذا ممتنع، ولا يصدر هذا إلا مع نفاق القلب وزندقة، لا مع إيمان صحيح. ” مجموع الفتاوى ” ( 7 / 611 ).

* وقال – رحمه الله -:

وقد تبين أنّ الدين لا بد فيه من قول وعمل، وأنّه يمتنع أن يكون الرجل مؤمنا بالله ورسوله، بقلبه، أو بقلبه ولسانه، ولم يؤد واجبا ظاهرا لا صلاة وزكاة ولا صياما ولا غير ذلك من الواجبات، ولو قدر أن يؤدي الواجبات لا لأجل أن الله أوجبها، مثل من يؤدي الأمانة أو يصدق الحديث أو يعدل في قسمه وحكمه من غير إيمان بالله ورسوله لم يخرج بذلك من الكفر، فإن المشركين وأهل الكتاب يرون وجوب هذه الأمور فلا يكون الرجل مؤمنا بالله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم مع عدم شيء من الواجبات التي يختص بإيجابها محمد صلى الله عليه وسلم. “مجموع الفتاوى” ( 7 / 621 ).

 * وقد سئل الشيخ صالح الفوزان – حفظه الله -:

ما حكمُ من ترك جميعَ العملِ الظاهرِ بالكليةِ لكنه نطق بالشهادتين ويقرّ بالفرائضِ لكنه لا يعملُ شيئا البتة، فهل هذا مسلمٌ أم لا؟ علما بأنّ ليس لهُ عذرٌ شرعي يمنعه من القيامِ بتلك الفرائض؟.

 فأجاب:

هذا لا يكونُ مؤمنا، من كان يعتقدُ بقلبهِ ويقرُّ بلسانهِ ولكنه لا يعملُ بجوارحهِ، وعطل الأعمالَ كلها من غيرِ عذرٍ فهذا ليس بمؤمنٍ؛ لأن الإيمانَ كما ذكرنا، وكما عرفهُ أهلُ السنةِ والجماعةِ أنه قولٌ باللسانِ واعتقادُ بالقلبِ وعملٌ بالجوارحِ، لا يحصل الإيمانُ إلا بمجموعِ هذه الأمور، فمن ترك واحدا منها فإنه لا يكونُ مؤمنا. ” مسائل في الإيمان ” ( ص 21 ).

وقال – حفظه الله -:

من نطق بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله: حُكِم بإسلامه بادئ ذي بدء، وحُقِن دمه، فإن عمِل بمقتضاها ظاهرا وباطنا: فهذا مسلم حقّا، له البشرى في الحياة الدنيا والآخرة.

وإن عمل بمقتضاها ظاهرا فقط: حُكِم بإسلامه في الظاهر، وعومل معاملة المسلمين، وفي الباطن هو منافق، يتولى الله حسابه.

وأما إذا لم يعمل بمقتضى لا إله إلا الله، واكتفى بمجرد النطق بها، أو عمل بخلافها: فإنه يُحكم بردته، ويعامل معاملة المرتدين.

وإن عمل بمقتضاها في شيء دون شيء: فإنه يُنظر: فإن كان هذا الذي تركه يقتضي تركه الردة: فإنه يُحكم بردته، كمن ترك الصلاة متعمِّدا، أو صرف شيئا من أنواع العبادة لغير الله.

وإن كان هذا الذي تركه لا يقتضي الردة: فإنه يُعتبر مؤمنا ناقص الإيمان بحسب ما تركه، كأصحاب الذنوب التي هي دون الشرك، وهذا الحكم التفصيلي جاءت به جميع الشرائع السماوية.

” المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان ” ( 1 / 9 ، 10 ).

 

والله أعلم.

 

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

spot_img

أكثر الفتاوى شهرة