مترددة في ارتداء الحجاب

السؤال

عاهدت الله أن أتحجب إذا زالت البثور من وجهي، لم تختفِ البثور من وجهي جميعها ولكنها قلَّت كثيرًا، وكان لدي شك في وفائي بالعهد الذي عاهدتُ الله عليه، ولكن بدأت البثور والحبوب تزداد مرة أخرى فعدت وارتديت الحجاب، وأصبحت أفكر بأنني أفضل من اللاتي لا يتحجبن، في الحقيقة فإن المجتمع الذي نعيش فيه والناس الذين نخالطهم من المسلمين لا يتحجبون، ولكنني تحجبت بسبب ما حصل لي، وأشعر الآن بأنني أفضل من الباقي، أليس هذا نوع من الفخر؟ ثم فكرت في نفسي بأنني يجب أن أكون أفضل وأتصرف كمسلمة، أعلم بأننا لن نعيش تلك الفترة الطويلة.

أشعر بالحيرة إذا بدأت أتحجب ثم رأيت امرأة تلبس الأكمام القصيرة أو الأشياء التي كنت أحبها وربما أشعر بأنها في حالة أفضل مني.

أرجو المساعدة فأنا أشعر بالحيرة وأرجو أن تخبرني بدعاء يجعلني مقتنعة بممارستي للإسلام.

الجواب

الحمد لله

أولًا:

ينقسم المسلمون تجاه أوامر الله تعالى إلى ثلاثة أقسام، فمنهم من يسارع إلى طاعة ربه وتنفيذ أوامره، ومنهم من يتوقف ويظن أن له الخيَرة أن يفعل أو لا يفعل، وثالث يعصي ربه ويخالف أوامره، والمؤمنون – ولا شك – هم أصحاب القسم الأول، وليسوا من القسم الثاني فضلًا عن الثالث.

قال تعالى: { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا } [ الأحزاب / 36 ].

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي:

أي: لا ينبغي ولا يليق ممن اتصف بالإيمان إلا الإسراع في مرضاة اللّه ورسوله، والهرب من سخط اللّه ورسوله، وامتثال أمرهما، واجتناب نهيهما، فلا يليق بمؤمن ولا مؤمنة { إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا } من الأمور، وحتَّما به وألزما به { أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ْ} أي: الخيار، هل يفعلونه أم لا؟ بل يعلم المؤمن والمؤمنة، أن الرسول أولى به من نفسه، فلا يجعل بعض أهواء نفسه حجابًا بينه وبين أمر اللّه ورسوله.

{ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ْ} أي: بَيِّنًا، لأنه ترك الصراط المستقيم الموصلة إلى كرامة اللّه إلى غيرها من الطرق الموصلة للعذاب الأليم، فذكر أولًا السبب الموجب لعدم معارضته أمر اللّه ورسوله، وهو الإيمان، ثم ذكر المانع من ذلك، وهو التخويف بالضلال، الدال على العقوبة والنكال.

” تفسير السعدي ” ( ص 612 ، 613 ).

فلا ينبغي للمؤمن أن يتردد في تنفيذ ما أمره الله تعالى به، وهو يدل على صدق إيمانه، وهو متوعد بالعذاب في حال أن يعصي أوامره تعالى.

وتحجب المرأة واجب شرعي عليها، ليس لها الخيار فيه، وليس لها أن تعصي ربها تبارك وتعالى، وإلا تعرضت لوعيد الله عز وجل.

 

ثانيًا:

وإذا عاهد المسلم ربَّه على الالتزام بطاعته فإن الواجب عليه أن يحافظ على هذا العهد وأن لا ينقضه بتركه له.

قال تعالى: { وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ } [ النحل / 91 ].

وجعل الله تعالى الوفاء بعهد من صفات أهل العقول الراجحة، فقال تعالى: { … إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ . الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ } [ الرعد / 19 ، 20 ].

وقد جعل الله تعالى نقض العهد معه من صفات الفاسقين فقال: { … وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ . الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ } [ البقرة / 27 ، 28 ].

 

ثالثًا:

ولا ينبغي لكِ – أختنا – أن تنظري لمن حولكِ ممن عصى الله تعالى أنهم قدوة وأسوة في أفعالهم، بل الواجب أن تتخذي من أطاع ربه من النساء فلبسن الحجاب وتسترن عن أعين الأجانب قدوة وأسوة لك، فإن فعلتِ فيحق لكِ أن تفتخري بطاعة ربك على غيركِ ممن تخلف عن طاعته.

عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” إذا نظر أحدكم إلى مَن فضِّل عليه في المال والخلق فلينظر إلى من هو أسفل منه “.

رواه البخاري ( 6125 ) ومسلم ( 2963 ).

قال الصنعاني:

والمراد بمن هو أسفل من الناظر في الدنيا فينظر إلى المبتلى بالأسقام وينتقل منه إلى ما فضل به عليه من العافية التي هي أصل كل إنعام … وينظر من هو فوقه في الدين فيعلم أنه من المفرطين، فبالنظر الأول يشكر ما لله من النعم، وبالنظر الثاني يستحي من مولاه، ويقرع باب المتاب بأنامل الندم، فهو بالأول: مسرور لنعمة الله، وفي الثاني: منكسر النفس، حياء من مولاه.  “سبل السلام ” ( 2 / 617 ).

عليكِ – أختنا – أن تسارعي إلى طاعة الله تعالى، ولا تلتفتي للمخذِّلين، ولا للعاصين، وليكنْ قدوتك أولئك الصحابيات اللاتي سارعن إلى شق مروطهن لتتلفع الواحدة منهن بها لتغطي وجهها بعد نزول آية الحجاب، وهنّ الصحابيات المهاجرات الجليلات، واستمري في الطاعة، وكيف تكون تلك العاصية لربها خيرًا منكِ وأنت التي سارعت لتفعل ما يُرضي الله تعالى عنها، وهنَّ اللاتي تعرضن لوعيد الله تعالى؟ واحرصي على الصُحْبة الصالحة، واعلمي أن الدنيا زائلة، وقريبًا يلقى كل واحدٍ منا ربَّه بعمله.

 

والله الموفق.

المقالة السابقةهل يطيع أباه ويشتري له خمرًا؟
المقالة القادمةالحج عن شخص مريض

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

spot_img

أكثر الفتاوى شهرة