أفعال الرسول، أنواعها وأحكامها

السؤال

هل كل ما صدر عن الرسول صلى الله عليه وسلم يعتبر من التشريع؟ بيِّن ذلك؟.

الجواب

الحمد لله

أفعال الرسول صلّى الله عليه وسلّم ليست كلها على درجة واحدة، بل هي أقسام متعددة، أوصلها بعض العلماء إلى عشرة، ويمكن إجمالها في ثلاثة أقسام، ولكل قسم منها حكمها، وهي: الأفعال الجبليَّة، والأفعال الخاصة، والأفعال التشريعية.

الأفعال الجبلية: من قيام وقعود ونوم وأكل وشرب، وهذه لا تدخل في مسمَّى ” السنَّة التشريعية “؛ وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم بشر مثل سائر البشر كما قال تعالى: { قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إليَّ } [ الكهف / 110 ], فهذه لا نِزاع في أنّها على الإباحة بالنسبة إليه وإلى أمّته، وليس يجب التأسي والاقتداء به في هذا النوع، وهذا هو مذهب الجمهور.

الأفعال الخاصَّة: وهي ما صدر عنه صلّى الله عليه وسلَّم، ودلَّ الدليل الشرعي على اختصاصه به، كتزوجه الواهبة من غير ولي ولا مهر، وكإباحة وصال الصيام، والجمع بين أكثر من أربع، وهذا القسم خاص بالرّسول صلّى الله عليه وسلّم, لا يشاركه فيه أحد من الأمّة، ولا يُقتدى به فيه.

* ما صدر عنه صلّى الله عليه و سلّم و كان المقصود منه التشريع والاقتداء، وهذا القسم نوعان:

أ- ما ورد بيانًا لمجمل الكتاب، وحكمه كحكم ما بيّنه، ولا يعتبر الفعل بيانا إلاّ بدليل, مثاله: قوله صلّى الله عليه وسلَّم: ” صلّوا كما رأيتموني أصلي “, وهو قول يدل على أنّ ما صدر عنه من أفعال الصلاة هو بيانه لقوله تعالى: { وأقيموا الصلاة }، وكذلك قوله صلّى الله عليه وسلّم: ” خذوا عني مناسككم “.

ب- ما لا يكون بيانا لمجمل ورد في القرآن وإنّما فعله الرسول صلّى الله عليه وسلّم ابتداء، وهذا النوع إمّا أن تعلم صفته الشرعية من الوجوب أو الندب أو الإباحة أو لا تعلم صفته الشرعية, فإن علمت: فالأمة مثل الرسول صلّى الله عليه وسلّم في ذلك، وعليها التأسي به صلّى الله عليه وسلّم، ومن ذلك أنّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يقبِّل الحجر الأسود ويقول: ” إنِّي أعلم أنّك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أنّي رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلَّم يقبِّلك ما قبَّلتك “.

وإن لم تُعلم صفته الشرعية: فإمّا أن يظهر فيه قصد القربة أو لا يظهر, فإن ظهر فيه قصد القربة: أفاد استحباب ذلك الفعل وندبه على القول الراجح، وإن لم يظهر منه قصد القربة كالبيع والاتجار والمزارعة وغيرها من أنواع المعاملات: كان مفيدًا لإباحة الفعل على القول الصحيح؛ لأنّ الإباحة هي القدر المتيقن ولا يثبت الزائد إلا ّبدليل يدل عليه ولا دليل.

وللشيخ الدكتور محمد سليمان الأشقر رسالة وافية في هذا الموضوع بعنوان ” أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم ودلالتها على الأحكام الشرعية ” فلتنظر لمن رغب بالمزيد.

 

والله أعلم.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

spot_img

أكثر الفتاوى شهرة