التوفيق بين حديثي: “مغفرة الذنوب بين كل فرض وفرض والجمعة إلى الجمعة ” و ” من لم تنهه صلاته فلا صلاة له “.

السؤال

يوجد حديث للرسول صلى الله عليه وسلم فيما معناه ” أن الله يغفر الذنوب ما بين الفرض للفرض والجمعة للجمعة ورمضان إلى رمضان “، والحديث الآخر ” أن من لم تنهه صلاته فلا صلاة له “، أريد أن أعرف ما الفرق بين الحديثين؟.

الجواب

الحمد لله

الحديث الأول صحيح رواه مسلم، والحديث الثاني له روايتان، وكلاهما غير صحيحة، وعليه: فلا يعارض الضعيف المنكر ما ثبت في الصحيح، وسنذكر – إن شاء الله – لفظ الحديثين، وكلام أهل العلم فيهما.

الحديث الأول:

عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: ” الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان: مكفرات ما بينهن إذا اجتنب الكبائر “. رواه مسلم ( 233 ).

الحديث الثاني:

  • عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” مَن لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بُعْدًا “. رواه الطبراني في ” الكبير ” ( 11 / 54 )، حكم الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله على الحديث بالبطلان، وقال: وهو مع اشتهاره على الألسنة لا يصح من قبل إسناده، ولا من جهة متنه. ” السلسلة الضعيفة ” ( 2 ).
  • عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له “.

* قال الشيخ الألباني:

منكر، رواه ابن أبي حاتم في ” التفسير ” … وهذا سند ضعيف فيه علتان – وذكرهما، وهما الانقطاع وجهالة أحد الرواة -. ” السلسلة الضعيفة ” ( 985 ).

* قال الشيخ الألباني – بعد تخريج الحديث الأول والحكم عليه بالبطلان -:

وجملة القول: أن الحديث لا يصح إسناده إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما صح من قول ابن مسعود، والحسن البصري، وروي عن ابن عباس.

ولهذا لم يذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في ” كتاب الإيمان ” ( ص 12 ) إلا موقوفًا على ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما ….

ثم قال:

وأما متن الحديث: فإنه لا يصح؛ لأن ظاهره يشمل من صلى صلاة بشروطها وأركانها، بحيث إن الشرع يحكم عليها بالصحة، وإنْ كان هذا المصلي لا يزال يرتكب بعض المعاصي ، فكيف يكون بسببها لا يزداد بهذه الصلاة إلا بعْدًا؟! هذا مما لا يعقل، ولا تشهد له الشريعة، ولهذا تأوله شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله:

” وقوله: ” لم يزدد إلا بعْدًا ” إذا كان ما ترك من الواجب منها أعظم مما فعله، أبعده ترك الواجب الأكثر من الله أكثر مما قربه فعل الواجب الأقل. ”

وهذا بعيد عندي؛ لأن ترك الواجب الأعظم منها معناه ترك بعض ما لا تصح الصلاة إلا به كالشروط والأركان، وحينئذ فليس له صلاة شرعًا، ولا يبدو أن هذه الصلاة هي المرادة في الحديث المرفوع والموقوف، بل المراد الصلاة الصحيحة التي لن تثمر ثمرتها التي ذكرها الله تعالى في قوله: { إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر } [ العنكبوت / 45 ]، وأكدها رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قيل له: ” إن فلانا يصلي الليل كله فإذا أصبح سرق؛ فقال: ” سينهاه ما تقول “، أو قال: ” ستمنعه صلاته “. رواه أحمد والبزار والطحاوي … بإسنادٍ صحيحٍ من حديث أبي هريرة.

فأنت ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن هذا الرجل سينتهي عن السرقة بسبب صلاته – إذا كانت على الوجه الأكمل طبعًا كالخشوع فيها والتدبر في قراءتها – ولم يقل إنه ” لا يزداد بها إلا بعْدًا ” مع أنه لما ينته عن السرقة  فثبت بما تقدم ضعف الحديث سندًا ومتنًا. انتهى كلام الشيخ من ” السلسلة الضعيفة ” ( 1 / 56 – 58 ).

 

والله أعلم.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

spot_img

أكثر الفتاوى شهرة