هل تتزوج شخصًا ملتزمًا ولكن عنده أخطاء في المنهج؟ أم تتزوج من فاسق؟

السؤال

السؤال الأول:

منذ سنتين تقدمت إلي عائلة، خطبتني لابنها الشاب فوافقت على هذا الشاب لكون ظاهره الالتزام وقوله إنه سلفي، فمن خلال ضيافتنا له ومحادثته مع أخي الذي كان يشرف على استقباله ومجالسته، مع العلم أن أخي ملتزم وسلفي، تبيَّن أن هذا الشاب صاحب منهج منحرف وأنه يكفر حكام المسلمين ويرى الخروج عليهم ومحاربتهم، وأن له مشايخ يسمع منهم ويقتدي بهم كالشيخ ” أبو حفصة ” – هو مسجون في العاصمة منذ خمس سنين – والشيخ ” عبد الرحيم الطحان “، وهذا الكلام كله قاله هو بلسانه فرد عليه أخي: ” إن هؤلاء المشايخ ليسوا بعلماء وإن الشيخ الألباني – رحمه الله – قال في عبد الرحيم الطحان إنه صوفي مبتدع يتستر بالسنة، وبيَّن له أن هؤلاء الحكام ليسوا بكفار وإن لم يحكموا بكتاب الله إن لم يستحلوا ذلك بقلوبهم “، فقال له: ” أنا لا آخذ عن الألباني وعبد العزيز بن باز والعثيمين إلا في الأمور الفقهية، وإن الألباني يتساهل كثيرا في الحاكمية، وعلماء السعودية ينقادون لملوكهم لهذا يتساهلون مع حكامهم، وهؤلاء العلماء أمثال الألباني رحمه الله وابن باز والعثيمين – رحمهم الله – ينتمون إلى سلفية جامدة، وكل من يمشي على منهجهم “، وقال: ” إن أبو حفصة – الذي ذكرته قبل قليل – ردَّ على الشيخ الألباني – رحمه الله – في رسالة كتبها في السجن ينقض فيها الشيخ الألباني – رحمه الله – على عدم تكفيره لحكام المسلمين.

والسؤال هو:

هل يجوز لي أن أتزوج من هذا الشاب، مع العلم أنه قد دفع المهر الذي عليه وتم بيننا العقد المدني؟.

السؤال الثاني:

هل يمكن للفتاة الملتزمة مع العلم أنها قد بلغت من العمر 30 سنة القبول برجل ليس بملتزم بدينه كحلق اللحية ومشاهدة التلفاز, والسماع للأغاني، وهو من عامة الناس لا يجتهد في الطاعات وربما يكون ذا علم بالأحكام الشرعية لكنه لا يطبق؟.

الجواب

أولًا:

شرع الله تعالى الزواج، وجعله من آياته، وجعل بين الزوجين مودة ورحمة، والاختلاف في الأخلاق والدين يسلب الزواج حكمته والغاية منه، ومثله الاختلاف في المنهج الحاصل بين طوائف تنتسب إلى السنة والسلفية – وللأسف -.

وقد رأينا الأخوَّة بين الشباب تفقد بريقها، ويخبو نورها، فكيف ستكون الحياة بين زوج وزوجة يتبنى كل واحد منهما منهجًا يخالف الآخر بل يراه ضالًّا مبتدعًا!؟.

والطعن في العلماء واتهام دينهم أمر غاية في الحرمة والشناعة، ولا يصدر إلا من متحامل جاهل بقدر العلماء، حملة الشريعة، ومن اضطراب هؤلاء أنهم يفزعون إلى العلماء لتصحيح طهارتهم وصيامهم وصلاتهم، ويرفضون الأخذ باعتقادهم، وهو ما يذكرنا بحال أولئك المتعصبة الذين أخذوا الفقه من الأئمة الكبار من السلف، وأخذوا الاعتقاد من أهل البدع!.

وقد رأينا الغلو من الطرفين، فالطرف الآخر لا يقبل بالخلاف في مسائل الاجتهاد ويجعلها قطعية والمخالف فيها منحرف، حتى لو كانت في مسائل الاعتقاد أو ما هو أقل منها، وهم لا يوفرون جهدهم من النيل في أفاضل أهل العلم والدعاة إلى الله تعالى، هذا مع اتهامهم للآخرين بأنهم يطعنون في أهل العلم، ولا شك أن كلاهما طاعن متعدٍّ، لكن الغلو أعمى أبصارهم، وحبك الشيء يعمي ويصم.

فالذين طعنوا في المشايخ الفضلاء بسبب الاختلاف في مسائل الحاكمية، قابلهم من طعن فيهم بسبب مخالفتهم لصغارهم في مسائل الجماعات الإسلامية والموقف منها ومن بعض مسائل الدعوة إلى الله، بل وتعدى الأمر إلى الطعن فيهم بسبب صدعهم بالحق في مسائل الإيمان والتي خالف فيها من ظن نفسه سلفيًّا فيها وهو ليس كذلك.

وعلى كل حال: فالواجب على الجميع تقوى الله تعالى، والأخذ بما وافق الكتاب والسنة، وعدم الطعن في أهل العلم، والتأدب مع المخالف، وترك الغلو في الأشخاص والهيئات والجماعات.

والصورة المنقولة في السؤال هي صورة بيت مسلم سيقوم على التناحر والتضاد، إلا أن يقتنع واحد منهما بكلام الآخر، وعليه: فلا نرى التزوج من مخالف لاعتقاد السلف ومنهجهم ومن طاعن في أئمة الدين وعلمائهم إلا إذا ظُنَّ بأنه سيدع ما هو عليه من ضلال وانحراف، وهذا الكلام نوجهه للطرفين، فكلٌّ منهما طاعن متهم، لكن بعضهم أشد من الآخر.

ثانيًا:

لا نرى الزواج من صاحب المعاصي المجاهر بها كحالق اللحية والمستمع للأغاني، ليس لبطلان العقد – بالطبع – ولكن لما في ذلك من احتمال التأثير على الزوجة والأبناء مما يسبب سوء في التربية، وانحرافًا عن جادة الصواب في رعايتهم وتحسين أخلاقهم.

 

والله أعلم.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

spot_img

أكثر الفتاوى شهرة