هل يتزوج الفتاة التي تعرَّف عليها عن طريق الإنترنت؟

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم

الإخوان في هذا الموقع المبارك السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

السؤال:

عندي مشكلة حقيقة تقلقني، ولكنني سأقولها باختصار لعلمي التام بوقتكم الثمين، ولكن أخشى لو اختصرت أن أخل بجزء من الاستشارة، وأخاف لو قللت في الكلمات لغاب عنكم فهم الموضوع بشكل كامل، ولكن سأحاول أن أوصل المضمون بأقل قدر من الأسطر، ولو أردتم مني أي توضيح لجزء غير واضح فأرحب أن ترسلوا لي وسأجيب بكل صدق وصراحة، المهم أن أخرج من القلق هذا، ودمتم في خدمة إخوانكم المسلمين، وبارك الله لكم جهودكم وجعلها في موازين حسناتكم.

أنا شاب قد بلغت العشرين من شهرين أو ثلاثة، أدرس في كلية العلوم الإدارية في جامعة الملك سعود، ولله الحمد متفوق في دراستي وفي علاقاتي الاجتماعية، ومن أسرة متدينة ومن أبوين مثقفين وجامعيين، أحترم مبادئ الشرع، ولي أسس أنتهجها في الحياة من الدين والتقاليد والعادات والأعراف، عندما دخلت عالم الإنترنت لم أكن من النوع الذي يهوى الشات أو المحادثات، وتحديدًا كان دخولي له أواخر عام 99 يعني من أوائل مستخدميه، وحقيقة كان همي هو مشاهدة جديد تقنية الحواسب، ومتابعة الأخبار بالإضافة إلى النقاشات الاجتماعية في المنتديات، وهنا البداية فقد سجلت في بعض المنتديات، وبدأت أشارك في الرأي وأطرح مواضيع وأناقش، وكانت كلها اجتماعية أو سياسية وحتى تقنية وبرمجية، وتم طلبي كمشرف لعدد منها لخبرتي التقنية، وعملت في بعضها، ثم مللت الشيء هذا فتركتها كلها إلا واحدًا منها بقيت فيه لكي أركز جهدي فيه، المهم قررت ذات يوم أن أفتح منتداي الخاص لكي أكون أكثر حرية فيه، واتفقت مع شخص يكبرني في السن ربما يفوقني بعشر سنين أو أكثر أن يشترك معي، وبدأنا المشروع فقد قام بالدعم المالي هو والباقي كان عليَّ، قام المنتدى وزاد أعضائه وتطور ونما بشكل ملحوظ ومطرد، ولكي أكون دقيقًا كان هذا في وسط عام 2001، واستمررت في المنتدى كثيرًا وحتى شهر 2 من عام 2002 قررت ترك المنتدى وهجر هذه التفاهات لاقتناعي بأنها ضياع للوقت والمال، المهم هو في وقت وجودي في المنتدى كان كثيرات من الأعضاء يخطبن ودي ويلتمسهن مني الاستمالة بسبب كوني صاحب المنتدى والمشرف العام فيه، وكنت أرفضها بشكل تام ولن أكون صادقًا لو قلت بسبب ديني وإنما لعدم قناعتي بجديتها ولعدم قناعتي بفائدة هذه العلاقات الغير منطقية بين شاب وفتاة سواء كانت من السوق أو الإنترنت أو غيرها، وكنت أحاجج من زملائي من يفعلون هذا الشيء، وبغض النظر هل هي هاتفية أو بالبريد الإلكتروني أو حتى بالشات، المهم: أنني – كما قلت – أرفضها، ولذا لم أكوِّن أية علاقة وحتى لو كانت هناك علاقة فهي لمصلحة المنتدى، وبعد قطعي لعلاقتي بالمنتدى وابتعادي عنه لم يعد لي علاقة بأي نوع وأي شكل مع أي فتاة لا من قريب ولا من بعيد، ولكن أرسلت لي عضوة في المنتدى رسالة بعد شهر تستفسر عن سبب قطعي للمنتدى، ورددت عليها بشكل عادي، ووضحت لها الأسباب، المهم: قالت لي في رسالة أخرى أنها تود محادثتي على الماسنجر أو الشات الخاص بالإيميل، وافقت وقلت: لنرى ماذا تريد هذه البنت، فعندما كنا أيام المنتدى يحاولن قدر المستطاع في محادثة أحد المشرفين أو المراقبين، المهم: هذه لم تتحدث عن المنتدى أبدًا وإنما حديث عام عن النت والمنتديات بشكل عام، وعن بعض مواقع البرامج، وغيرها من الأسئلة العادية، ولم أدر ماذا تريد بالضبط، المهم: تكررت المحادثات بيننا لمدة شهر تقريبًا، وانقطعت هي ولكنها بدأت ترسل رسائل بالإيميل، وكنت أرد عليها ولا أدري ما الذي يدفعني ذلك الوقت، فقد توثقت أواصل العلاقة بيننا كثيرًا.

أيها الأكارم قبل أن يسئ ظنكم بأخيكم سأقول: في بداية الرسائل قلت لها: أنا غير مقتنع بأي علاقة ليس لها هدف كالزواج مثلًا، أما علاقة بدون هدف وبلا معنى لا تشكل لي أي شيء فلتعرفي نظرتي للعلاقة بين الشباب والفتيات، وعرفت وجهة نظري واستمرت هي بمراسلتي ولم يحدث في مراسلاتنا إلا المشاكل، فقد كنت أقول لها هذه آخر رسالة مني، وعندما تأتي رسالة منها أشفق عليها وأرد عليها، المهم: في شهر 5 من نفس العام وبعد أن دامت علاقتي معها بالمشاكل المستمرة 3 أشهر أعطيتها رقم جوالي، وعندما وصلتها رسالتي وفيها هاتفي لم ترسل لي أي رسالة وإنما انقطعت عن مراسلتي، فقلت في نفسي: أنا رغبتي هكذا من زمان أن تقطع هي العلاقة وليس أنا، ربما تستغرب أنني أرسلت لها رقم جوالي سأقول نعم ولم أدر ذلك الوقت ما هدف إرسالي له، المهم: انقطعت هي لمدة شهر، ثم أرسلت رسالة مقتضبة وفيها استنكار لتصرفي عندما أعطيتها رقم جوالي، وذكرت أنها لم تتوقعه وهلم جرًّا، المهم: لم أرد على رسالتها من باب العزة بالإثم، مرت علي الأيام بشكل طبيعي جدًّا وعادي، ولا أخفيكم سرًّا فقد كنت من مستمعي الأغاني، ومن المتهاونين في الصلوات، وكنت كأغلب شباب هذا البلد – ولا حول ولا قوة إلا بالله -، المهم: أعطاني أحد الأخوة شريطًا للشيخ العريفي، بعد أن سمعته تبت إلى الله من كل ذنب اقترفته، وبدأت في المحافظة على الصلاة مع الجماعة، وتخلصت من أشرطة الفسوق، وأحسست بالفرق في حياتي بعد الظلام جاء النور، أسأل الله لي ولكم الثبات على طاعته، وأن يشرح صدري للخير.

بعد شهرين من العودة للطريق الصحيح فوجئت باتصال من رقم غريب على جوالي وقمت بالرد فإذا هي فلانة نفسها، وجاء الشيطان، وللأسف كلمتها قرابة الساعتين وقلت لها ما الذي ذكرك فيني بعد هذه الفترة الطويلة والتي تقارب السنة؟ قالت: إنها لم تنسني ولم تنس أي كلمة قلتها في رسائلي، وأنها مازالت معجبة في شخصيتي، وهذا هو سبب أنها لم تنسني، أقفلت سماعة الهاتف على أننا سنكرر المكالمة في ليلة غد، بدأتُ في مراجعة نفسي وقلت هل هذه توبة؟ ووقعت في حيرة شديدة وقررت أن أتصل بها وأزجرها وأنهاها عن الشيء هذا ثم أستغفر الله منه، وفعلا كلمتها بكل حزم وقلت لها: فلانة أنا تغيرت ” فلان ” الذي قبل ما هو ” فلان ” الجديد، واتقي الله في نفسك وفي عرضك وفي أهلك، ولا أرضى هذا العمل لأختي فكيف أرضاه لك أنت؟ فأنت كأختي وككل بنات المسلمين، بكت بكاء شديدًا وبدأت تستجديني في تغيير موقفي، رفضت وأنهيت المكالمة، وهي تبكي، وقالت: بأنها ستبقى تحبني مهما تغيرت ومهما صار لي، فرحتُ بقراري وبما عملته، وعرفت أن الله هداني لهذا الشيء، وبدأت تتصل وترسل رسائل على الجوال، وقالت: سأقول لك كلمتين ثم لا تكلمني، وافقت ورددت على أحد محاولاتها للاتصال بي، وقالت لي – وهي مازالت تبكي -: حسنا اعتبرني أختك كما قلت لي، هل يحق لي أن أكون أختك، فأنا أحتاج لك كأخ لي فقط أخ، أستشيره فقط وآخذ رأيه فقط؟ وافقت بدون تردد المهم ” تفكني منها “، بعد ذلك قلت ما حدث لوالدتي وكأن السالفة لصديق لي، أتوقع – والله أعلم – أنها عرفت أن ما حدث لي وقالت: إذا وثق فيها وكان هناك تكافؤ بينهما واحتمالية الزواج بينهما ممكنة فلا مانع من الاقتران بها، فبدأت مسلسل الحيرة مرة أخرى، ماذا أفعل؟ وصارحتها بأنه أنا، قالت لي: ” يا وليدي هل تحقق بينكما كامل الوئام وتجد أنها تصلح أم أبنائك؟ وهل التكافؤ قائم بينكم؟ وقلت لها: هي ليست من الرياض وإنما من الشرقية، قالت لي: ” انظر – وأنا أمك – لا أحد يقف في وجهك لو فكرت بشكل جدي وعقلاني في الموضوع، بالعكس نريد أن نساعدك وألزم ما علينا تكون فعلا مقتنع “.

من هنا عاد مسلسل الحيرة مرة أخرى، وللعلم فقط بعد آخر مكالمة لم أعد أرد على اتصالاتها، وبدأت تعاتبني وتقول كيف تقول إنك أخي وأنت لا ترد علي؟ المهم يا أساتذتي الأفاضل ماذا أفعل؟ هل محاولتي لمعرفة المزيد عنها لتحقيق ومعرفة مدى التوافق والتكافؤ بيننا جائزة؟ هل زواجي واقتراني منها قرار صائب أم لا؟ مع العلم لا أنوي الزواج إلا بعد سنتين أو أكثر سواء منها أو من غيرها.

أنا محتار، هي تحبني كما عرفت من والدتي حفظها الله ومن غيرها ممن قمت بسؤالهم واستشارتهم، ولكن هل حبها هذا ناتج عن صغر سنها فهي الآن في 18 ولكنني لازلت لا أعرف ماذا أفعل وما هو مصيرها لو استمررت في صدي لها وإعراضي عنها؟.

ووفقكم الله للخير، وعذرًا على الإطالة.

الجواب

الحمد لله

أولًا:

لا بدَّ من نصحكِ وإياها أنكما فعلتما ما لا يحل لكما شرعًا، وهو المراسلة والحديث بينكما، وإذا كان منها البداية فمنك الاستجابة والاستمرار وإعطاء رقم الجوال.

والذي يظهر لنا أنك تتمتع بعقل وافر، وأنه لو كان معه التزام بالشرع لكان ذلك أفضل لك في دنياك وآخرتك.

وفي مراسلة المرأة الأجنبية لمن لا يحل لها مراسلته مفاسد لا تحصى على العقلاء، لهذا حرم الله إقامة العلاقات واتخاذ الخليلات.

ثانيًا:

والذي ننصحك به هو الزواج من ذات الدين، وهي التي تحفظك في غيبتك، وترعى أبناءك وتربيهم، وهي التي أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالزواج منها.

قال الشيخ ابن عثيمين – في صفة المرأة التي ينبغي نكاحها -:

النكاح يراد للاستمتاع وتكوين أسرة صالحة ومجتمع سليم كما قلنا فيما سبق، وعلى هذا فالمرأة التي ينبغي نكاحها هي التي يتحقق فيها استكمال هذين الغرضين، وهي التي اتصفت بالجمال الحسي والمعنوي.

فالجمال الحسِّي: كمال الخلقة لأن المرأة كلما كانت جميلة المنظر عذبة المنطق قرت العين بالنظر إليها وأصغت الأذن إلى منطقها، فينفتح إليها القلب، وينشرح إليها الصدر، وتسكن إليها النفس، ويتحقق فيها قوله تعالى: { ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة } [ الروم / 21].

الجمال المعنوي: كمال الدين والخلق، فكلما كانت المرأة أدين وأكمل خلقًا كانت أحب إلى النفس وأسلم عاقبة، فالمرأة ذات الدين قائمة بأمر الله حافظة لحقوق زوجها وفراشه وأولاده وماله، معينة له على طاعة الله تعالى، إن ذكرته وإن تثاقل نشَّطته، وإن غضِب أرضته، والمرأة الأديبة تتودد إلي زوجها وتحترمه ولا تتأخر عن شيء يحب أن تتقدم فيه، ولا تتقدم في شيء يحب أن تتأخر فيه، ولقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي النساء خير؟ قال: ” التي تسره إذا نظر وتطيعه إذا أمر ولا تخالفه في نفسها ولا ماله بما يكره “، وقال صلى الله عليه وسلم: ” تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأنبياء – أو قال: الأمم – ” فإن أمكن تحصيل امرأة يتحقق فيها جمال المنظر، وجمال الباطن: فهذا هو الكمال والسعادة بتوفيق الله.

” الزواج ” ( ص 16 – 18 ).

ثالثًا:

والذي ظهر لنا من رسالتك أنه ليس هناك تعلق بتلك المرأة، ولذا فلن ننصحك بالزواج منها، وننصحك بأن تسارع إلى الواجب عليك وهو ترك مراسلتها والحديث معها، ومثل هؤلاء – غالبًا – لا يؤمن جانبهن، فسرعان ما يعجبن بغيرك فتراسله وتحادثه، وقد يكون مع الواحدة أكثر من واحدٍ تراسله وتحادثه، لذا فنوصيك بتركها والابتعاد عنها، ونبشرك بكل خير على إن فعلتَ هذا وقدَّمت رضا الله تعالى ومحبته على هوى النفس ومحبة المعصية، ومن هذه المبشرات: الثواب بجنتين – تبديل السيئات إلى حسنات – الشعور بحلاوة الإيمان -.

 

والله أعلم.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

spot_img

أكثر الفتاوى شهرة