علَّق الطلاق على وجوب الحجاب فهل يقع طلاقه؟

السؤال

رجل قال: ” إن كان الحجاب واجبًا فزوجته طالق ثم طالق ثم طالق “، وليس قصده اليمين، فهل تطلق الزوجة؟ وهل يحق للزوجة أن تمنع نفسها منه؟.

أفتونا جزاكم الله خيرًا.

الجواب

الحمد لله

تعليق الطلاق على الخبر نفيًا وإثباتًا يقع بحسب واقع الخبر، وتعليق الطلاق على وجوب أو حرمة أمرٍ شرعي يختلف تبعًا لواقع حكم هذا الأمر، فإن كان من الأمور البينة وليس فيه خلاف: وقع الطلاق إن علَّق الطلاق على وجوبه وهو كذلك، أو على حرمته وهو كذلك.

وإن كان الحكم من مسائل الاختلاف: فلا يقع الطلاق إذا علَّقه على وجوبه أو حرمته، فالزواج أمرٌ يقيني لا يزول بمسألة ظنية.

فإذا قال الزوج لزوجته: أنتِ طالق إذا كان النقاب واجبًا: لم يقع الطلاق لوجود خلاف في حكمه، وإذا قال لها: أنتِ طالق إذا كان الحجاب واجبًا: فإن الطلاق يقع؛ لعدم وجود خلاف في حكمه.

روى اللالكائي عن القاسم بن أبي رجاء قال: كنت عند أبي سليمان الجوزجاني وجاءه رجل فقال: مسألة بلوى فإنَّ رجلين البارحة حلف أحدهما فقال: امرأتي طالق ثلاثًا البتَّة إن كان القرآن مخلوقًا، وقال الآخر: امرأتي طالق ثلاثًا إن لم يكن القرآن مخلوقًا، فقال: إن الذي حلف إنَّ امرأته طالق إن لم يكن القرآن مخلوقًا قد بانت منه امرأته “.

” اعتقاد أهل السنة ” ( 2 / 271 ).

ومعلوم من عقيدة أهل السنَّة والجماعة أن القرآن غير مخلوق، وهو من مسائل الاتفاق عندهم؛ لذا وقع الطلاق ممن علقه على كونه مخلوقًا.

– والصحيح أن طلاق الثلاث لا يقع إلا واحدة.

عن ابن عباس قال: كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة فقال عمر بن الخطاب إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم فأمضاه عليهم. رواه مسلم ( 1372 ).

وهو قول عكرمة وسعيد بن جبير وعمرو بن دينار وأبي الشعثاء وعطاء وطاوس – من التابعين – وبعض أهل الظاهر، وهو رواية عن الحجاج بن أرطأة ومحمد بن إسحاق، وهو قول ابن مقاتل، ورجحه واستدل له بقوة: شيخا الإسلام ابن تيمية وابن القيم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -:

ثم قال { الطلاق مرتان } فبين أن الطلاق الذي ذكره هو الطلاق الرجعي الذي يكون فيه أحق بردها هو مرتان مرة بعد مرة؛ كما إذا قيل للرجل سبح مرتين أو سبح ثلاث مرات أو مائة مرة فلا بد أن يقول سبحان الله سبحان الله حتى يستوفي العدد؛ فلو أراد أن يجمل ذلك فيقول سبحان الله مرتين أو مائة مرة لم يكن قد سبح إلا مرة واحدة والله تعالى لم يقل الطلاق طلقتان بل قال مرتان فإذا قال لامرأته أنت طالق اثنتين أو ثلاثًا أو عشرًا أو ألفًا لم يكن قد طلقها إلا مرة واحدة.

” مجموع الفتاوى ” ( 33 / 11 ، 12 ).

والخلاصة: أن طلاق زوجكِ يقع واحدة إن كان قصده حجاب الرأس؛ لأنه لا خلاف في وجوبه، ومثل هذا الحكم لا يخفى على آحاد المسلمين، وعليكِ الامتناع عنه حتى يُرجعكِ الرجوع الشرعي.

وإن كان قصَد بالحجاب ” غطاء الوجه “: فلا يقع طلاقه؛ لأن المسألة خلافية، ويكون كلامه مبنيًّا على غلبة ظنه في الحكم الشرعي

 

 

والله أعلم.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

spot_img

أكثر الفتاوى شهرة