هل يكمل دراسته في جامعته المختلطة أم يذهب لطلب العلم؟

السؤال

أنا طالب بكلية الطب وهي كلية مختلطة تكثر فيها الفتن، ولقد تحصلت على فرصه لطلب العلم الشرعي في الخارج، لكن والدي يريدني أن أكمل دراستي في كلية الطب، وأنا أريد اتقاء الفتن، أفيدونا أفادكم الله.

الجواب

الحمد لله

أولًا:

لا يجوز للمسلم والمسلمة الدراسة في أماكن مختلطة، وخاصة إذا ترتب على هذه الدراسة فتنة للدارس، وقد بيَّنا هذا في مواضع متعددة.

 

ثانيًا:

وقد أمرنا الله تعالى ببر الوالدين في مواضع كثيرة في كتابه الكريم، ومنها: قوله تعالى { ووصينا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون } [ العنكبوت / 8 ].

وفي الوقت نفسه حرَّم علينا الطاعة – لهم ولغيرهم – إن كانت في معصية.

عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” لا طاعة في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف “.

رواه البخاري ( 6830 ) ومسلم ( 1840 ).

وما يرغب به والدكَ من البقاء في الجامعة المختلطة ليس موافقًا للشرع، وبخاصة أنه قد جاءتك فرصة لطلب العلم الشرعي، ولن يضيِّع الله تعالى من اتقاه وسعى لمرضاته عز وجل كما قال الله تعالى: { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا . وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ … } [ الطلاق / 2 ، 3].

وعليكَ التلطف في إقناع والدكَ، فلا ترفع صوتك ولا تغلظ القول، فكثير من العامة يظنون أن الرزق لا يأتي لأبنائهم من الدراسة الشرعية، فيحبون لأبنائهم الدراسة العلمية الأخرى، طمعًا في العمل والرزق، ورغبة في المنصب والجاه.

وتصحيح مثل هذا الاعتقادات والمفاهيم يحتاج إلى حكمة وذكاء، فلا تعارض بين الدراسة الشرعية والعمل وطلب الرزق.

وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:

إذا أمرني والداي بأن أترك أصحابا طيبين وزملاء أخيارًا، وألا أسافر معهم لأقضي عمرة، مع العلم بأني في طريقي إلى الالتزام، فهل تجب علي طاعتهم في هذه الحالة؟.

فأجاب:

ليس عليك طاعتهم في معصية الله، ولا فيما يضرك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ” إنما الطاعة في المعروف “، و قوله صلى الله عليه وسلم ” لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق “، فالذي ينهاك عن صحبة الأخيار: لا تطعه، لا الوالدان ولا غيرهما، ولا تطع أحدًا في مصاحبة الأشرار أيضًا، لكن تخاطب والديك بالكلام الطيب، وبالتي هي أحسن، كأن تقول: يا والدي كذا، ويا أمي كذا، هؤلاء طيبون، وهؤلاء أستفيد منهم، وأنتفع بهم، ويلين قلبي معهم، وأتعلم العلم وأستفيد، فترد عليهم بالكلام الطيب والأسلوب الحسن لا بالعنف والشدة، وإذا منعوك فلا تخبرهم بأنك تتبع الأخيار وتتصل بهم، ولا تخبرهم بأنك ذهبت مع أولئك إذا كانوا لا يرضون بذلك. ولكن عليك أن لا تطيعهم إلا في الطاعة والمعروف.

وإذا أمروك بمصاحبة الأشرار، أو أمروك بالتدخين أو بشرب الخمر أو الزنا أو بغير ذلك من المعاصي فلا تطعهم ولا غيرهم في ذلك، للحديثين المذكورين آنفًا وبالله التوفيق. ” مجموع فتاوى الشيخ ابن باز ” ( 6 / 126 ، 127 ).

 

والله أعلم.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

spot_img

أكثر الفتاوى شهرة