أخفى إسلامه ودُفن في مقابر الكفار فهل يكون كافرًا؟

السؤال

السؤال:

لنفرض أن هناك نصرانيّاً قد أسلم ولم يخبر أهله، فبعد فترة توفي، ولكن أهله لا يعرفون أنه قد أسلم فسيصلون عليه في الكنيسة ويدفنونه على الطريقة النصرانية، أريد أن أعرف ما حكم هذا؟ هل يموت على الإسلام أم على الكفر؟.

الجواب

الجواب:

الحمد لله

أولًا:

يوجد كثيرون من المستضعفين من لا يستطيع إظهار إسلامه بين أهله؛ خشية على نفسه من بطشهم، ويكون قد أعلن إسلامه وأعلم بعض إخوانه بهذا، فجهل أهله بإسلامه وصلاتهم عليه في الكنيسة ودفنهم له في مقابرهم لا يغيِّر من حقيقة كونه مسلمًا، ولا يجعله على ملتهم ودينهم، وهذا أمرٌ متفق عليه، ولا يشك به أحد من أهل الإسلام، فيُبعث كل عبدٍ على ما مات عليه لا على حسب دفنه ومقبرته.

عَنْ جَابِر بنِ عَبْدِ الله قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ ). رواه مسلم ( 2878 ).

* قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -:

وقد يكون بعض من مات وظاهره الكفر قد آمن بالله قبل أن يغرغر، ولم يكن عنده مؤمن، وكتم عن أهله ذلك؛ إما لأجل ميراث أو لغير ذلك: فيكون مع المؤمنين، وإن كان مقبورًا مع الكفار . ” مجموع الفتاوى ” ( 24 / 305 ).

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جَنَازَةٍ فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا وَصَغِيرِنَا وَكَبِيرِنَا وَذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا وَشَاهِدِنَا وَغَائِبِنَا اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِسْلَامِ اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ وَلَا تُضِلَّنَا بَعْدَهُ.

رواه أبو داود ( 3201 ) وصححه الألباني في ” صحيح أبي داود “.

* قال الشيخ محمد الصالح العثيمين – رحمه الله -:

( اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِسْلَامِ ) الحياة ذكر معها الإسلام، وهو الاستسلام الظاهر، ومع الموت ذكر الإيمان؛ لأن الإيمان أفضل، ومحله القلب، والمدار على ما في القلب عند الموت وفي يوم القيامة.

” شرح رياض الصالحين ” ( 2 / 1200 ).

ثانيًا:

يجب على من علم بدفن أحدٍ من المسلمين في مقابر الكفار أن يعجِّل في إخراجهم ليدفنهم في مقابر المسلمين؛ لأن مقابر المسلمين مظنة الدعاء والرحمة، ومقابر الكفار مظنة العذاب والسخط.

* قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -:

وهذا آكد من التمييز بينهم حال الحيا، بلبس الغيار ونحوه؛ فإن مقابر المسلمين فيها الرحمة، ومقابر الكفار فيها العذاب . ” الاختيارات ” ( ص 94 ).

وقد زعم بعض الناس أن لله ملائكة تنقل أجساد من ختم له في الظاهر بكونه مسلمًا وهو كافر في الباطن إلى مقابر الكفار، وتنقل أجساد الكفار في الظاهر، والمسلمين في الباطن إلى مقابر المسلمين، وقد سئل عن ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فأجاب بما نقلناه عنه في ” أولًا ” وقال في آخر جوابه:

وأما الأثر في نقل الملائكة فما سمعت في ذلك أثرًا. انتهى.

 

والله أعلم.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

spot_img

أكثر الفتاوى شهرة