حشرة الفِراش، طريقة التخلص منها، وحكم دمها

السؤال

لم أستطع الهرب من الإصابة ببلاء وباء ” بق الفِراش ” في أمريكا، ونتيجة لذلك فإن الملابس التي أرتديها عليها بقع من بق الفراش سواء من أحشائه أو من الدم الذي يخرج مني، وقد تغسل الملابس مرات عديدة ولا يزول منها أحشاء بق الفراش، وقد قرأت فتوى حيث ذكرت حديثاً أنه يجب على المرء أن يحتها ثم يغسلها ثم يصلي، فهل يجوز الصلاة في هذه الملابس على الرغم من أنها ملونة بالحمرة من أثر مواد كيماوية من أحشاء بق الفراش والدم؟ وما هو وضع هذه الثياب وطهارتها؟.

فبلاء ” بق الفراش ” الذي أصاب أمريكا كالأوبئة التي أصابت قوم فرعون عندما عصوا موسى عليه السلام، أسأل الله أن ينجي المسلمين من البلاء الذي لا مفر منه إلا بعفوه. آمين.

الجواب

الحمد لله

أولًا:

” بق الفراش ” أو ” حشرة الفراش ” هي حشرة صغيره غير مجنحة، طولها (4- 7 مليمتر)، ولونها يميل إلى البني الداكن، وهي بيضاوية الشكل، تمص الدماء أثناء النوم، وتسبب الحكة الشديدة والحساسية.

ويعاني الملايين في العالم من هذه البقة، وتبذل الدول والمؤسسات أموالًا طائلة للتعريف بخطرها وطرق القضاء عليها، ويُستعمل في سبيل ذلك مبيدات حشرية متنوعة.

وقد جاءت الإشارة إلى هذه البقة – وغيرها – في بعض الأحاديث الصحيحة، وفيها العلاج المحكم للقضاء عليها، وهو: نفض الفراش مع التسمية!.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ( إِذَا أَوَى أَحَدُكُمْ إِلَى فِرَاشِهِ فَلْيَأْخُذْ دَاخِلَةَ إِزَارِهِ فَلْيَنْفُضْ بِهَا فِرَاشَهُ وَلْيُسَمِّ اللَّهَ فَإِنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَا خَلَفَهُ بَعْدَهُ عَلَى فِرَاشِهِ ). رواه البخاري ( 5961 ) ومسلم ( 2714 ).

* قال النووي – رحمه الله -:

( داخلة الإزار ) طرفه، ومعناه: أنه يستحب أن ينفض فراشه قبل أن يَدخل فيه؛ لئلّا يكون فيه حية أو عقرب أو غيرهما من المؤذيات، ولينفض ويده مستورة بطرف إزاره لئلّا يحصل في يده مكروه إن كان هناك. ” شرح مسلم ” ( 17 / 37 ، 38 ).

ثانيًا:

وليس عليك أن تقلق من الدماء التي تصيب ملابسك بسبب تلك الحشرة؛ لأن دماء تلك الحشرة لا تسيل، وما كان هذا حاله فهو من الدماء الطاهرة لا النجسة، فليس يجب عليك غسل الملابس المصابة بتلك الدماء وجوبًا شرعيًّا، لكنه يُزال من باب النظافة وإزالة القذر.

* قال ابن قدامة – رحمه الله -: ودم ما لا نفس له سائلة، كالبق، والبراغيث، والذباب، ونحوه، فيه روايتان، إحداهما: أنه طاهر، وممن رخص في دم البراغيث: عطاء وطاووس والحسن والشعبي والحاكم وحبيب بن أبي ثابت وحماد والشافعي وإسحاق; ولأنه لو كان نجسًا لنجس الماء اليسير إذا مات فيه، فإنه إذا مكث في الماء لا يسلم من خروج فضلة منه فيه، ولأنه ليس بدم مسفوح، وإنما حرم الله الدم المسفوح.

والرواية الثانية عن أحمد قال في دم البراغيث إذا كثر: إني لأفزع منه، وقال النخعي: اغسل ما استطعت، وقال مالك في دم البراغيث: إذا كثر وانتشر: فإني أرى أن يغسل.

والأول أظهر، وقول أحمد إني لأفزع منه ليس بصريح في نجاسته، وإنما هو دليل على توقفه فيه، وليس المنسوب إلى البراغيث دمًا إنما هو بولها في الظاهر، وبول هذه الحشرات ليس بنجس، والله أعلم. ” المغني شرح مختصر الخرقي ” ( 1 / 410 ).

* وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – في بيان أنواع الدماء الطاهرة -:

دم ما لا يسيل دمه، كدم البعوضة، والبقِّ، والذُّباب، ونحوها، فلو تلوَّث الثَّوب بشيء من ذلك: فهو طاهر لا يجب غَسْلُه.

وربما يُستدَلُّ على ذلك – بأنَّ ميْتة هذا النوع من الحشَرات طاهرة – بقوله صلّى الله عليه وسلّم ( إِذا وَقَع الذُّبابُ في شرابِ أحدكم فلْيَغْمِسْهُ ثم لينزِعْهُ فإِن في أحد جناحَيه داء وفي الآخر شفاء ) – رواه البخاري -.

ويلزم من غَمْسِه: الموت، إِذا كان الشَّراب حارًّا، أو دُهنًا، ولو كانت ميْتته نجسة: لتنجَّس بذلك الشَّراب ولا سيَّما إِذا كان الإِناء صغيرًا.” الشرح الممتع على زاد المستقنع ” (1/440 ).

والدم الذي يخرج منك ليس نجسًا ولا ينقض الوضوء.

وأما ما قرأته مما يُحت ثم يُقرص ثم يُغسل ليصلَّى به: فهو الثوب الذي أصابه دم حيض، ودم الحيض نجس بغير خلاف نعلمه بين العلماء.

 

والله أعلم.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

spot_img

أكثر الفتاوى شهرة