حكم نشر وتوزيع علبة دواء بعنوان ” بنادول، علاج الذنوب “

السؤال

انتشرت في الآونة الاخيرة في التسجيلات علب كأنها علب ” البنادول “، ومكتوب فيها ” علاج فعَّال للذنوب “، فما رأيكم فيه؟.

الجواب

الحمد لله

نحن لا نقول بأن وسائل الدعوة توقيفية، بل نقول إنها اجتهادية، وهذه الوسائل يجب أن تحاكم للشرع، فما كان منها محرَّمًا رُفض، وحرم سلوك هذه الوسيلة، وما كان مكروها فسلوكها مكروه.

وقد اطلعنا على العلبة الوارد ذِكرها في السؤال، ورأيْنا فيها:

  1. طُبع عليها اسم ” panadul ” – ” بنادول ” – بتغيير الحرف قبل الأخير من الاسم الأجنبي، ويبدو أن ذلك من أجل عدم تعرض فاعلها للمساءلة القانونية.
  2. وُضع في أسفل الاسم عبارة: ” دواء فعَّال لعلاج جميع الذنوب، والهموم، والآلام والأحزان “!.
  3. وكتب على غلافه ” دواء فعّال لجميع الفئات العمرية “.
  4. وكتب عليها عبارة ” ساري الصلاحية حتى نهاية العمر “.
  5. وكتب أيضًا: أنه ” مرخَّص من ملك الملوك “.
  6. وُضع في العلبة نشرة عن الاستغفار، وفوائده، وفي آخرها فتوى بجواز ترويج هذا المنتج، وكانت الفتوى صادرة من الشيخ عبد العزيز الفوزان حفظه الله.

وقد تختلف النشرات بعضها عن بعض زيادة ونقصًا.

وهذه صور ذلك المنتج:

http://mojil.net/site/?p=6312

وأما عن حكم ترويج هذه الوسيلة: فإننا نرى أنها بدعة منكرة، وتحتوي على مخالفات كثيرة، منها:

  1. استعمال اسم أجنبي لترويج عبادة عظيمة، أمر الله تعالى بها، وأثنى على من قام بها، ووعد فاعليها بالثواب الجزيل، ومثل هذه العبادة لا يليق أن يكون شعار ترويجها اسم أجنبي لدواء مشهور.
  2. والاستغفار عبادة، ولا يجوز تشبيهها بتناول أقراص ” البندول “، من وجوه:

أ. الاستغفار عبادة شرعها الله تعالى، والبندول دواء مخترع من كافر.

ب. الاستغفار عبادة كلها خير لصاحبها، وأقراص البندول قد تؤدي بمتناولها للهلاك، أو الضرر.

ج. ليس للاستغفار آثار جانبية، والأدوية الكيماوية كلها لها أضرار .

د. الاستغفار يكون بعد فعل ذنب، ويكون من غير فعله، وأقراص البندول لا يتناولها إلا المريض.

هـ. الإكثار من الاستغفار يزيد في الأجور، والإكثار من البندول يؤدي إلى التسمم، والهلاك.

و. الاستغفار نافع لجميع من يقوم به، والدواء – بندول وغيره – ينفع أناسًا دون آخرين.

ز. الاستغفار ينفع صاحبه بعد وفاته، والبندول ليس كذلك.

  1. وقد احتوت العلبة على كذب واضح، ومنه:

أ. أنها صالحة لجميع الفئات العمرية! فهل ينطبق هذا على الرضيع؟! وهل ينطبق على الكافر؟!.

ب. قولهم إنها ” مرخصة من ملك الملوك “: كذب، فهي فعل اجتهادي، قابل للتخطئة، وهو خطأ، وقد خطأها بعض كبار العلماء – كما سيأتي -؛ فليس كل ما فيها في داخل النشرة آيات قرآنية، بل فيها قصة منسوبة للإمام أحمد، مشكوك في صحتها، وفي آخرها فتوى اجتهادية، ولا يصح – بحال – نسبة ذلك لرب العالمين.

ج. قولهم عن الاستغفار: ” ساري الصلاحية حتى نهاية العمر “: كذب، فهو نافع صاحبه يوم القيامة.

د. وضعهم حبات دواء على الغلاف مما يوهم وجود أقراص داخلها، وليس الأمر كذلك.

  1. هذا الفعل فيه تنقص من شعيرة من شعائر الإسلام العظيمة، وفيه فتح باب للسخرية، والاستهزاء بها، وبغيرها، وقد حصل ذلك بالفعل، فأُخرج للناس بعدها ” كريم الأذكار “!، كتب أسفله: ” يحفظك من الشر ويُبعد عنك كل ما ضر “!.

وأُخرج للناس: ” مضاد للخطايا “! كتب أسفله: ” فعّال يحط جميع خطاياك، ولو كانت مثل زبد البحر “!.

وهكذا في سلسلة متوقعة من ” كبسولات للقلق “، و ” شامبو للاكتئاب ” وغير ذلك من السخافات، والتي يمكن أن يكون منها: ( ” ريفانين ” لعلاج صداع المعاصي )!، و ( ” تامي فلو ” لعلاج انفلونزا الذنوب )! – وقد صدرت – بالفعل – نشرة بعنوان ” انفلونزا الذنوب “!.

  1. في هذه الوسيلة دعاية مجانية لذلك الدواء الأجنبي.
  2. وفيها تكلفة من غير داعٍ ، وهي قيمة علبة الدواء.

ولما سبق جميعه – وغيره مما لم نتفطن له -: لا نرى جواز استعمال هذه الوسيلة الدعوية، ويكفي من الوسائل ما تعاقبت عليه القرون من الحث على العبادات، ولا مانع من غيرها على أن تكون خالية من المحاذير الشرعية، ونرجو من المشايخ الكرام الذين أفتوا بالجواز أن يعيدوا النظر فيما قالوه، وأن ينظروا فيما يعقب القول بالجواز من فتح باب شر من السخرية والاستهزاء، وتسويق شركات الدواء لأدويتها، وتسويق شركات التجميل لموادها، بمثل تلك الطريق، ولن يعدموا مواد جاهزة لتكون نشرة داخل تلك العلب المسوَّقة.

ولا غرو أن يفتي بعض كبار العلماء بمنع هذه الوسيلة، والتحذي منها، ومنهم: الشيخ صالح الفوزان حفظه الله، فقد سئل عنها، فأجاب:

هذا عمل لا يليق، تشبيه الاستغفار – وهو عبادة – تشبيهه بالبندول: هذا فيه تنقص من الاستغفار، فهذا لا يجوز، هذا العمل لا يجوز، لأن معناه أن العبادة تشبَّه بالبندول، والعبادة أمرها عظيم، والبندول دواء فقط ، فكيف تشبه العبادة بالبندول؟! هذا فيه تنقص للعبادة. انتهى.

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=181680

 

والله أعلم.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

spot_img

أكثر الفتاوى شهرة