شاب يشتكي من عدم إيقاظ والده له على صلاة الفجر فماذا يفعل؟
السؤال
لا يوقظني أبي لصلاة الفجر وقد بلغت سن الحلم، فماذا عليَّ أن أفعل؟.
الجواب
الحمد لله
أولاً: في البداية – أخي السائل – نود أن نحيي فيك هذه الهمة الطيبة والحرص على أداء صلاة الفجر في المسجد ، ونسأل الله سبحانه وتعالى لك الثبات ، ومزيد التوفيق، والاستقامة .
ثانياً: يجب على الوالدين أن يحثا أولادهما – ذكوراً وإناثاً – على المحافظة على الصلاة في وقتها ، وأن يقوما بتشجيعهما على ذلك ؛ فالأب راع في بيته و مسئول عن رعيته ، والأم – كذلك -راعية ، ومسئولة عن رعيتها .
ثالثاً: تقصير الوالد في حق أولاده بتركه الأمر بالصلاة لهم ، أو تركهم دون أمر ونهي وترغيب في الخير وترهيب من الشر : يستوجب عليهم الإثم إن قصَّر أولادهم في الواجبات ، أو فعلوا المحرمات ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الأهل بتعليم أولادهم الصلاة وهم أبناء سبع ، وضربهم عليها لإن لم يصلوا وهم أبناء عشر ، كما جاء في الحديث الصحيح : ( مُرُوا أَوْلاَدَكُمْ بِالصَّلاَةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرِ سِنِينَ ) رواه أبو داود ( 495 ) ، وصححه الألباني في ” صحيح أبي داود ” .
سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – :
هل يجوز أن يخرج الرجلث إلى الصلاة وأولاده بالمنزل ؟ .
فأجاب :
يجب على المرء أن يقوم بأمر الله عز وجل في قوله ( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ) ، يجب على المرء أن يأمر أهله بالصلاة كما أمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم في قوله صلى الله عليه وسلم ( مروا أبنائكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع ) ، وكما ذكر الله تعالى عن إسماعيل أبي العرب أنه كان ( يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عنده ربه مرضياً ) .
ولا يحل له – أي : الوالد – أن يُبقي أولاده نائمين دون أن يوقظهم للصلاة ويتابعهم ، ولا يكفي الإيقاظ فقط ، بل لابدَّ من المتابعة ؛ لأنه ربما يوقظهم ثم يرجعون ، فينامون . ” فتاوى إسلامية ” ( 4 / 215 ) .
وقد أثنى النبي صلى الله عليه وسلم على الشاب الذي ينشأ في طاعة الله ؛ فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ ) ، ومنهم : ( َشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ ) رواه البخاري ( 629 ) ومسلم ( 1031 ) .
والشاب الوارد سؤاله معنا قد بلغ الحلُم ، فهو من المكلَّفين ، ولذا صارت الصلاة في حقه واجبة ، وكذا الصلاة في المسجد جماعة ، وبما أنه يعيش مع والده فليس للوالد أن يمنعه من أداء الصلاة في المسجد ، وعلى الأب أن يوقظه للصلاة جماعة في المسجد .
فهنيئاً للوالدين مثل هذا الابن الذي يتأسف على عدم إيقاظ والده له لأداء صلاة الفجر ، وكم يوجد من الآباء من هو على استعداد لبذل كل ما يملك في سبيل أن يكون ابنه صالحاً مستقيماً على طاعة الله ، ونأسف أن يكون حال بعض الآباء الزهد في تشجيع أبنائه على الصلاة في وقتها ، أو في المسجد جماعة .
رابعاً: إذا كان والدكَ يستيقظ للصلاة في وقتها ، ويصلي في المسجد جماعة : فالأمر سهل – إن شاء الله – فتطلب منه أن يوقظك للصلاة ، وأن يصطحبك معه .
وأما إذا كان لا يصلي ، ويمنعك من الذهاب إلى المسجد : فلا طاعة له ، ولا طاعة لأحدٍ في معصية الخالق .
خامساً: يجب عليك أن تأخذ بأسباب الاستيقاظ للصلاة , كالنوم مبكراً , ووضع المنبِّه , والعزيمة الصادقة , والطلب ممن يستيقظ للصلاة من أهلك أن ينبهك ، أو عن طريق طلب التذكير بالهاتف عن طريق بعض الأصدقاء ، وغير ذلك من الأسباب المعينة على الاستيقاظ للصلاة في وقتها .
سادساً: وفي حال إصرار والدك على عدم إيقاظك للصلاة : نوصيك أن تطلب من إمام الحي أن يبحث هذا الموضوع في درس خاص في المسجد ، أو في خطبة الجمعة ؛ ليُسمع والدك الحكم الشرعي في فعله .
ولك أن تطلب من صاحبٍ عزيز على والدك ، أو جار لكم : أن يذكِّره ، ويحثه على اصطحابك للصلاة .
والله سبحانه نسأله أن يزيدك من فضله وتوفيقه , وأن يشرح صدر والدك لإيقاظك للصلاة ، وأن يجعلك وأهلك جميعاً من المقيمين للصلاة .
والله أعلم.