هل يجوز في الشريعة الإسلامية أن تكون المرأة حاكمة؟ ( ولاية المرأة )
السؤال
هل يجوز في الشريعة الإسلامية أن تكون المرأة حاكمة؟ أتمنى أن يكون هناك دليل من القرآن.
الجواب
الحمد لله
أولا:
ننبه الأخ السائل إلى خطأ عظيم في سؤاله وهو تمنيه أن يكون هناك دليل من القرآن؛ وذلك لأن الأدلة الشرعية التي يلزم الأخذ بها والرجوع إليها عند التنازع هي القرآن والسنَّة، لا القرآن وحده.
* قال الله تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً } [ النساء / 59 ].
* وقال تعالى:{ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } [ الحشر / 7 ].
* عن أبي رافع عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:” لا ألفين أحدكم متكئاً على أريكته يأتيه الأمر من أمري مما أمرتُ به أو نهيتُ عنه فيقول: لا ندري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه “. رواه الترمذي ( 2663 ) وأبو داود ( 4605 ) وابن ماجه ( 13 ). وصححه الترمذي والألباني في ” صحيح الجامع ” ( 7172 ).
ثانيا:
– اتفق العلماء على عدم جواز تولي المرأة الولايات العامة، ولهم في ذلك عدة أدلة، من القرآن والسنَّة والإجماع.
أ. أما من القرآن:
فقد قال الله عز وجل:{ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ } [ النساء / 34 ].
قال القرطبي: قوله تعالى:{ الرجال قوَّامون على النساء }: ابتداء وخبر، أي: يقومون بالنفقة عليهن، والذب عنهن، وأيضاً: فإنَّ فيهم الحكام والأمراء ومن يغزو، وليس ذلك في النساء. ” تفسير القرطبي ” ( 5 / 168 ).
وقال ابن كثير: أي : الرجل قيِّم على المرأة، أي: هو رئيسها وكبيرها والحاكم عليها ومؤدبها إذا اعوجت،{ بما فضَّل الله بعضهم على بعض } أي: لأن الرجال أفضل من النساء، والرجل خير من المرأة، ولهذا كانت النبوة مختصة بالرجال، وكذلك المُلك الأعظم: لقوله صلى الله عليه وسلم ” لن يفلح قوم ولَّوا أمرَهم امرأة “، رواه البخاري من حديث عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه ، وكذا منصب القضاء.” تفسير ابن كثير ” ( 1 / 492 ).
ب. وأما من السنَّة:
عن أبي بكرة قال: لقد نفعني الله بكلمةٍ سمعتُها من رسول الله صلى الله عليه وسلم أيام ” الجمَل ” بعد ما كدت أن ألحق بأصحاب ” الجمل ” فأقاتل معهم، قال: لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهل فارس قد ملَّكوا عليهم بنت كسرى قال: ” لن يُفلح قومٌ ولَّوا أمرَهم امرأة “. رواه البخاري ( 4163 ).
وقد فهم أبو بكرة – رضي الله عنه – العموم من الحديث في كل قوم وفي كل امرأة وفي كل ولاية، فجعل الحديث منطبقاً على عائشة في خروجها يوم الجمل، وليس هذا بولاية عامَّة، وهي مسلمة، مع أن الحديث في ابنة كسرى وفي الولاية العامة.
وما استدل به – رضي الله عنه – هو ظاهر الحديث فإن لفظ ” قوماً ” و ” امرأة ” و ” الولاية ” كلها ألفاظ عامَّة.
قال الشوكاني: فيه دليل على أن المرأة ليست من أهل الولايات ولا يحل لقوم توليتها؛ لأنّ تجنب الأمر الموجب لعدم الفلاح واجب. ” نيل الأوطار ” ( 8 / 305 ).
وقال الماوردي – في معرض كلامه عن الوزارة -: ولا يجوز أن تقوم بذلك امرأة وإن كان خيرها مقبولاً لما تضمنه معنى الولايات المصروفة عن النساء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ” ما أفلح قومٌ أسندوا أمرهم إلى امرأة “؛ ولأنّ فيها من طلب الرأي وثبات العزم ما تضعف عنه النساء، ومن الظهور في مباشرة الأمور ما هو عليهن محظور. ” الأحكام السلطانية ” ( ص 46 ).
ج. وأما الإجماع:
– فقد نقله غير واحدٍ من أهل العلم:
قال ابن حزم رحمه الله – في معرض حديثه عن الخلافة -: ولا خلاف بين أحدٍ في أنها لا تجوز لامرأة. ” الفصل في الملل والأهواء والنحل ” ( 4 / 129 ).
وفي ” الموسوعة الفقهية ” ( 21 / 270 ): اتفق الفقهاء على أن من شروط الإمام الأعظم أن يكون ذكرا فلا تصح ولاية امرأة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ” لن يفلح قوم ولَّوا أمرهم امرأة “، ولكي يتمكن من مخالطة الرجال ويتفرغ لتصريف شئون الحكم; ولأنّ هذا المنصب تناط به أعمال خطيرة, وأعباء جسيمة, تلائم الذكورة.