هل يضمن أموال الناس التي دفعها لتاجر نهبها؟

السؤال

أودع ماله مع صديق له للاستثمار وكان الربح بنسبة ثابتة، وقال له صديقه بأنه قد سأل العلماء وأفتوه بجواز استثماره، طلب منه هذا الصديق أن يخبر أقاربه ليساهموا معه وتزيد نسبة الأموال المتاجر بها، فأعطاه أقاربه وأصدقاؤه أموالًا وأودعها في اسمه في البنك ثم حولها لصديقه لكي يتاجر بها وأعطاه ضمانات وشيكات بالمبالغ وخطاب كفالة من محامي معروف، بعد فترة من الزمن اختفى الرجل بالأموال وذهب للمحكمة بالأوراق واكتشف بأنها جميعًا مزورة وأن المحامي لا يدري عنها شيئًا.

– بدأ الناس بمطالبته بالمال وهو قد فقد ماله.

– أرجو أن تخبرني بدعاء يعينني على تخطي هذه المصيبة.

– هل كان هذا الاستثمار غير جائز؟.

– هل يمكن أن أواصل حياتي طبيعيًّا وأترك الأمر لله لأن ما حصل من القضاء والقدر؟.

– هل يمكن أن أحج إذا استطعت؟.

– هل أنا مسئول عما حصل أم صديقي هو المسئول؟.

الجواب

الحمد لله

أولًا:

نوصيك بالصبر على هذه المصيبة والاستعانة بالله عز وجل، ونوصيك بالاسترجاع وسؤال الله أن يعوضك خيرًا.

عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ” ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرًا منها إلا أجره الله في مصيبته وخلف له خيرًا منها، قالت: فلما توفي أبو سلمة قلت: من خير من أبي سلمة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: ثم عزم الله عز وجل لي فقلتها ” اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرًا منها ” قالت: فتزوجت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

رواه مسلم ( 918 ).

فاستعن بالله تعالى ولا تعجز ولا تلتفت للوراء، ويمكنك أن تستمر في حياتك وتتجاوز هذه المصيبة، ويمكنك القيام بالعمرة والحج، وعليك أن تحمد الله وتشكره، فهناك من ابتلي بمصائب أكبر من هذا، واحمد الله تعالى أن لم تكن هذه المصيبة في دِينك.

ثانيًا: ولا ندري عن الاستثمار هل كان شرعيًّا أو لا، وبما أن العلماء قد أفتوا بأنه حلال ومشروع فهو كذلك إن شاء الله.

ثالثًا: وبما أنك لم تقصر في حفظ حقوق الناس، ودللتهم على ما ينفعهم: فليس عليكَ ضمان، وإنما الضمان حيث يوجد تفريط سواء في اختيار المشروع أو في حفظ الأموال والحقوق.

* قال ابن قدامة:

قال الخرقي: ” وليس على مودع ضمان, إذا لم يتعد “.

وجملته: أن الوديعة أمانة, فإذا تلفت بغير تفريط من المودع, فليس عليه ضمان, سواء ذهب معها شيء من مال المودع أو لم يذهب.

هذا قول أكثر أهل العلم، روي ذلك عن أبي بكر, وعلي, وابن مسعود رضي الله عنهم. وبه قال شريح, والنخعي, ومالك, وأبو الزناد والثوري, والأوزاعي, والشافعي, وأصحاب الرأي.

وعن أحمد رواية أخرى, إن ذهبت الوديعة من بين ماله غرمها; لما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه ضمن أنس بن مالك وديعة ذهبت من بين ماله، قال القاضي: والأولى أصح; لأن الله تعالى سماها أمانة والضمان ينافي الأمانة، …

ويروى عن الصحابة الذين ذكرناهم؛ ولأن المستودع مؤتمن فلا يضمن ما تلف من غير تعديه وتفريطه, كالذي ذهب مع ماله, ولأن المستودع إنما يحفظها لصاحبها متبرعًا, من غير نفع يرجع عليه فلو لزمه الضمان لامتنع الناس من قبول الودائع, وذلك مضر; لما بيناه من الحاجة إليها, وما روي عن عمر محمول على التفريط من أنس في حفظها, فلا ينافي ما ذكرناه، فأما إن تعدى المستودع فيها, أو فرط في حفظها, فتلفت, ضمن, بغير خلاف نعلمه; لأنه متلف لمال غيره, فضمنه, كما لو أتلفه من غير استيداع. ” المغني ” ( 6 / 29 ).

* وفي الموسوعة الفقهية:

إذا هلك مال المضاربة في يده, بسبب تعديه أو تقصيره أو تفريطه, فإنه يضمنه, وإلا فالخسران والضياع على رب المال, دون العامل, لأنه أمين, كالوديع، ولو هلك في يده من غير تفريط, لا يضمنه, لأنه متصرف فيه بإذن مالكه, على وجه لا يختص بنفعه. ” الموسوعة الفقهية ” ( 28 / 250 ).

 

والله أعلم.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

spot_img

أكثر الفتاوى شهرة