التلفظ بالنية في الصوم والصلاة والحج والعمرة

السؤال

بما أن التلفظ بالنية بدعة فما الحكمة من تلفظ النية في الحج والعمرة؟

الجواب

السؤال:

بما أن التلفظ بالنية بدعة فما الحكمة من تلفظ النية في الحج والعمرة؟

الجواب:

الحمد لله

النية محلها القلب، والتلفظ بها بدعة، ولم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه قد تلفظوا بالنية قبل أي عبادة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -:
والتلفظ بالنية نقص في العقل والدين، أما في الدين فلأنه بدعة، وأما في العقل فلأنه بمنزلة من يريد أن يأكل طعاماً فيقول نويت بوضع يدي في هذا الإناء أني أريد أن آخذ منه لقمة فأضعها في فمي فأمضغها، ثمَّ أبلعها لأشبع، فهذا جهل وحمق.
“الفتاوى الكبرى” (2 / 213).

وقال – أيضاً-:
والجهر بالنية لا يجب ولا يستحب باتفاق المسلمين، بل الجاهر بالنية مبتدع مخالف للشريعة، إذا فعل ذلك معتقداً أنه من الشرع: فهو جاهل ضال يستحق التعزير، وإلا العقوبة على ذلك إذا أصرّ على ذلك بعد تعريفه والبيان…..
وكذلك نية الصيام في رمضان، لا يجب على أحد أن يقول‏:‏ أنا صائم غدًا، باتفاق الأئمة، بل يكفيه نية قلبه‏.‏
والنية تتبع العلم، فمن علم ما يريد أن يفعله فلابد أن ينويه، فإذا علم المسلم أن غدًا من رمضان ـ وهو ممن يصوم رمضان ـ فلا بد أن ينوي الصيام، فإذا علم أن غدًا العيد لم ينو الصيام تلك الليلة‏.‏
“مجموع الفتاوى”(22 / 218-220).

وقال – أيضا-:
وجميع ما أحدثه الناس من التلفظ بالنية قبل التكبير، وقبل التلبية، وفي الطهارة، وسائر العبادات فهي من البدع التي لم يشرعها رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏.‏ وكل ما يحدث في العبادات المشروعة من الزيادات التي لم يشرعها رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فهي بدعة.
“مجموع الفتاوى” (22 / 223).

والتلبية في الحج والعمرة ليست هي النية.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – :
“وكذلك في الحج إنما كان يستفتح الإحرام بالتلبية وشرع للمسلمين أن يلبوا في أول الحج {وقال – صلى الله عليه وسلم – لضباعة بنت الزبير: حجي واشترطي فقولي: لبيك اللهم لبيك ومحلي حيث حبستني} فأمرها أن تشترط بعد التلبية. ولم يشرع لأحد أن يقول قبل التلبية شيئا. لا يقول: اللهم إني أريد العمرة والحج ولا الحج والعمرة ولا يقول: فيسره لي وتقبله مني ولا يقول: نويتهما جميعا ولا يقول: أحرمت لله ولا غير ذلك من العبادات كلها. ولا يقول قبل التلبية شيئا بل جعل التلبية في الحج كالتكبير في الصلاة. وكان هو وأصحابه يقولون: فلان أهل بالحج أهل بالعمرة؛ أو أهل بهما جميعا. كما يقال كبر للصلاة والإهلال رفع الصوت بالتلبية وكان يقول في تلبيته: {لبيك حجا وعمرة} ينوي ما يريد أن يفعله بعد التلبية لا قبلها.
” مجموع الفتاوى”( 22 / 222، 223).

* قال الشيخ ابن باز – رحمه الله -:
التلفظ بالنية بدعة، والجهر بذلك أشد في الإثم، وإنما السنَّة النيَّة بالقلب؛ لأن الله سبحانه وتعالى يعلم السرَّ وأخفى، وهو القائل عز وجل { قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ } [ الحجرات / 16 ].

ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحدٍ من أصحابه ولا عن الأئمة المتبوعين التلفظ بالنية، فعلم بذلك أنه غير مشروع بل من البدع المحدَثة، والله ولي التوفيق.
” فتاوى إسلامية ” ( 2 / 315 ).

* قال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله -:
التلفظ بالنية لم يرِد عن النبي صلى الله عليه وسلم لا في الصلاة ولا في الطهارة ولا في الصيام ولا في أي شيء من عباداته صلى الله عليه وسلم، حتى في الحج والعمرة لم يكن صلى الله عليه وسلم يقول إذا أراد الحج والعمرة ” اللهم إني أريد كذا وكذا ” ما ثبت عنه ذلك ولا أمَر به أحدًا من أصحابه، غاية ما ورد في هذا الأمر أن ضباعة بنت الزبير رضي الله عنها شَكَت إليه أنها تريد الحج وهي شاكية ” مريضة ” فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم ” حجي واشترطي أن محلي حيث حبستني، فإن لكِ على ربِّك ما استثنيتِ ” إنما كان الكلام هنا باللسان؛ لأن عقد الحج بمنزلة النذر، والنذر يكون باللسان؛ لأن الإنسان لو نوى أن ينذر في قلبه: لم يكن ذلك نذرًا ولا ينعقد النذر، ولما كان الحج مثل النذر في لزوم الوفاء عند الشروع فيه أمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تشترط بلسانها وأن تقول: ” إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني “.
وأما ما ثبت به الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مِن قوله: ” إن جبريل أتاني وقال: صلِّ في هذا الوادي المبارك، وقل: عمرة في حجة، أو عمرة وحجة “: فليس معنى ذلك أنه يتلفظ بالنية، ولكن معنى ذلك أنه يذكر نسكه في تلبيته، وإلا فالنبي عليه الصلاة والسلام ما تلفَّظ بالنية. ” فتاوى إسلامية ” ( 2 / 216 ).

 

والله أعلم.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

spot_img

أكثر الفتاوى شهرة