هل كل بلاء من مرض أو حادث أو غيره يؤجر عليه العبد إذا أصيب به؟

السؤال

السحر والعين ابتلاء من عند الله فهل يؤجر العبد إذا أصيب بأحد منهم؟ وهل كل بلاء من مرض أو حادث أو غيره يؤجر عليه العبد إذا أصيب به أم أن هناك أمورًا وضحها الإسلام يجب أن تتبع حتى يحصل له الأجر؟.

الجواب

الحمد لله

المصائب التي يُؤجر عليها العبد المسلم هي التي يصبر عليها ويحتسب أجرها عند الله تبارك وتعالى.

ولا شك أن الإصابة بالعين والسحر من أعظم ما يصيب المسلم من مصائب، فإن أثرهما على عقل وقلب وجوارح المبتلى بهما عظيم.

والمصائب التي تصيب الإنسان في نفسه، أو في ماله، أو أسرته ليست شرًّا محضًا، يوجب الجزع، وإنما هي محك للإيمان، وابتلاء في الصبر، وحسن التحمل.

وقد بيَّن الله تعالى في كتابه ما يخفف البلاء على النفس، وما يحفِّز على الحصول على الأجر، وذلك بالصبر والاسترجاع، وهو وعد من الله سينجزه سبحانه، كما قال سبحانه: { وبشّر الصابرين. الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون. أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون } [ البقرة / 155 – 157 ].

قال ابن القيم:

وهذه الكلمة من أبلغ علاج المصاب وأنفعه له في عاجلته وآجلته، فإنها تتضمن أصلين عظيمين إذا تحقق العبد بمعرفتها تسلى عن مصيبته:

– أحدهما: أن العبد وأهله وماله ملك لله عز وجل حقيقة، وقد جعله عند العبد عارية، فإذا أخذه منه: فهو كالمعير يأخذ متاعه من المستعير.

وأيضًا: فإنه محفوف بعدمين: عدمٍ قبله وعدمٍ بعده، وملك العبد له متعة معارة في زمن يسير.

وأيضًا: فإنه ليس الذي أوجده عن عدمه حتى يكون ملكه حقيقة، ولا هو الذي يحفظه من الآفات بعد وجوده، ولا يُبقي عليه وجوده، فليس له فيه تأثير، ولا ملك حقيقي.

وأيضًا: فإنه متصرف فيه بالأمر تصرف العبد المأمور والمنهي لا تصرف الملاك، ولهذا لا يباح له من التصرفات فيه إلا ما وافق أمر مالكه الحقيقي.

– والثاني: أن مصير العبد ومرجعه إلى الله مولاه الحق، ولا بد أن يخلِّف الدنيا وراء ظهره ويجيء ربه فردًا كما خلقه أول مرة بلا أهل ولا مال ولا عشيرة، ولكن بالحسنات والسيئات، فإذا كانت هذه بداية العبد وما خُوِّله ونهايته: فكيف يفرح بموجود أو يأسى على مفقود؟ ففكره في مبدئه ومعاده من أعظم علاج هذا الداء. ” زاد المعاد ” ( 4 / 189 ).

وبيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن الصبر على الضراء والمصائب لا يكون إلا ممن حقق الإيمان.

عن صهيب الرومي رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ” عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابه سراء فشكر الله فله أجر، وإن أصابته ضراء فصبر فله أجر، فكل قضاء الله للمسلم خير “. رواه مسلم ( 2999 ).

إن المصائب والبلاء امتحانٌ للعبد، وهي علامة حب من الله له؛ إذ هي كالدواء، فإنَّه وإن كان مرًا إلا أنَّـك تقدمه على مرارته لمن تحب- ولله المثل الأعلى- ففي الحديث الصحيح: “إنَّ عِظم الجزاء من عظم البلاء، وإنَّ الله عز وجل إذا أحب قومًا ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط ” رواه الترمذي ( 2396 ) وابن ماجه ( 4031 )، وصححه الشيخ الألباني.

ولا ينبغي أن يكره العبد ما يقِّره الله له من البلاء، يقول الحسن البصري رحمه الله: لا تكرهوا البلايا الواقعة، والنِّقمات الحادثة، فلرب أمر تكرهه فيه نجاتك، ولرب أمر تؤثره فيه عطبك.

 

والله أعلم.

 

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

spot_img

أكثر الفتاوى شهرة