أسلمت حديثًا وتزوجت مِمَّن تظن فيه الصلاح، ثم أساء لها فهل تطلب منه الطلاق؟

السؤال

كان لدي صديق دخل السجن ثم اعتنق الإسلام وهو في السجن، ثم ساعدني على اعتناق الإسلام فأسلمت، وظل يراسلني وهو في السجن ويرسل لي الكتب الدعوية وما شابهه، واتفقنا على أن نتزوج بمجرد خروجه من السجن، ولكن بعد ذلك بعام تقريبًا تعرفت على رجل من أهالي الحي يصلي في المسجد ويُعرف عنه التدين وأنه تم قبوله لدراسة العلم الشرعي في جامعة ” المدينة “، فكانت كل هذه أمور جعلتني أتخلى عن صديقي الأول وتزوجت هذا الرجل أملًا في أن يساعدني على التمسك بديني.

ثم بعد توالي الأيام اتضح لي أنه لا يحافظ على صلواته بالشكل المطلوب، ويتساهل في كثير من الأمور، وتخلى عن الذهاب للدراسة في جامعة ” المدينة “، وأصبحت أتخاصم معه باستمرار، لدرجة أنه قد يمر أسبوع كامل ولا نتكلم فيه مع بعض، وقد طلقني مرتين، ولدي منه طفلة وأريد أن تنشأ نشأة إسلامية ولا أظن أنه يساعدني على ذلك.

ثم في الآونة الأخيرة عاد صديقي القديم، فبدأ يراسلني من جديد، ففكرت بشكل جاد بأن أطلب الطلاق نهائيًّا من زوجي وأذهب فأتزوج ذاك، فلا أدري ما هو الأفضل؟ هل أصبر وأحتسب الأجر؟ أم أطلب الطلاق؟.

الجواب

الحمد لله

أولًا:

في البداية نسأل الله تعالى أن يثبتكِ على الإسلام وأن ييسر أمرك وأن يختار لك الخير لدينك ودنياكِ، ونوصيك بطلب العلم قراءة واستماعاً، وبالمحافظة على أوراد الصباح والمساء، فالإيمان يزيد بالطاعة.

واعلمي أن نعمة الاستقامة على هذا الدين العظيم لا ينبغي أن يعكر صفو السعادة بها والفرح لأجلها ما حصل من زوجك تجاهك، فمثل هذه الأمور لا تخلو منها الدنيا في بيوت المسلمين وغيرهم، ولعلك عرفتِ أن الإسلام بريء من تصرفات أتباعه المخالفة له، وشرائع الإسلام وأحكامه ليس فيها إلا ما فيه صلاح الفرد والمجتمعات، فمن استقام عليها أثابه الله، ومن خالفها فلا يضر إلا نفسه والإسلام من أفعاله بريء.

ثانيًا:

وقد أحسن إليك الرجل الأول حيث دعاكِ إلى الإسلام، ونسأل الله تعالى أن يكتب أعمالك في ميزان حسناته.

وأنتِ قد أحسنتِ في قرارك بالتزوج من الرجل الثاني؛ لأن الفتن التي تعصف بالإنسان في هذا الزمان كثيرة ومتنوعة، فنرجو أن لا يكون منك ندم على أصل اتخاذ القرار، وخاصة أنكِ قد قبلتِ بذلك الزوج لما عنده من صفات وأفعال رأيتِ أنها ستكون معينة لك على الاستقامة على دين الله.

ثالثًا:

والذي نراه في مسألة الطلاق: أنه لا ينبغي أن تكون بسبب خروج الرجل الأول من السجن والرغبة بالارتباط به، ولا بأس أن يكون الطلاق بسبب سلوك وأفعال الزوج، على أن يكون ذلك إما بسبب ارتكابه لكبائر من الذنوب التي لا يمكن الصبر عليها كترك الصلاة بالكلية أو شرب الخمر أو الزنا، أو بسبب سلوكه المشين معكِ بالإهانة والضرب، فهذه الأسباب التي يمكن أن تكون سبباً للمرأة لطلب الطلاق من زوجها، أو أن تطلب المخالعة بسببها إن رفض تطليقها، وأما ما عداها من الأفعال والسلوك للزوج مما هو أقل منها: فنرى أن تصبري عليها وتحتسبي أجركِ عند الله.

ونرى أن تخبري الرجل الأول بحقيقة حالك وأنك أردت إعفاف نفسك وتلبية نداء الفطرة بالزواج الحلال، وأن عندكِ طفلة منه، ولا نرى لكِ إخفاء الأمر عنه وعدم مصارحته به؛ فمِن شأن إخباره إراحتكِ من التفكير بالطلاق، وإراحته هو من التعلق بآمال قد لا تتحقق على أرض الواقع، ويجب أن تعلمي أنه أجنبي عنكِ فلا يحل لكِ إنشاء علاقة معه بالمراسلة والمحادثة.

وعلى كل حال: فقد بقيتْ لك طلقة واحدة ونرجو أن لا تكوني سببًا في إيجادها، وما ذكرتِه لزوجك من أفعال وسلوك لا يجعل طلبك للطلاق منه مباحاً خالياً من الإثم، فنرى أن تصبري حتى يجعل الله تعالى لك فرَجاً إما بهداية زوجك، أو بالطلاق منه والتزوج بمن هو خير منه، وإياكِ أن تعتقدي أن زواجك بالرجل الأول هو الخير لدينك ودنياك؛ لأنه لا يُدرى عن حاله سلوكيّاً بعد السجن كيف صار، كما لا يُعرف منهجه واعتقاده على وجه التحديد، فلا تتعجلي باتخاذ القرار بالتزوج منه إذا حصل طلاق من زوجك إلا بعد مشاورة واستخارة.

 

والله أعلم.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

spot_img

أكثر الفتاوى شهرة