أسئلة لامرأة نصرانية عن النعوش والتوابيت وهل ثمة جنة خاصة للنساء وعن الأشباح

السؤال

هل تستخدمون ( يا مسلمين ) نعوشًا أثناء الجنازة؟ وإذا كانت الإجابة بالسلب فلماذا؟ وهل يذهب الناس للجنَّة معًا؟ أم أنها منفصلة حيث يكون هناك جنَّة للرجال وأخرى للنساء؟ ( وأنا أحب أن أكون في الجنة مع الشخص الذي أحبه ).

وهل تؤمنون بالأشباح؟ لأني أرى شبحًا ولا أعرف ما معنى هذا؟ ولم أخبر أي أحد بهذا الشأن.

الجواب

الحمد لله

أولًا:

سرَّنا تلقينا أسئلتك واستفساراتك فيما يتعلق بديننا من أحكام وعقائد أشكل عليك معرفتها، ونرجو الله تعالى أن تنتفعي بما نجيبك به.

ثانيًا:

يستعمل المسلمون ” نعشًا ” أثناء الجنازة، وفيه يوضع الميت، ويُحمل على الأكتاف، ثم يُخرج الميت منه ليدفن البدن وحده من غير ” نعش ” أو ” تابوت “.

فالنعش في لغة العرب: السرير الذي يُحمل عليه الميت، والميت: منعوش، أي: محمول على النعش. وينظر ” لسان العرب ” ( 6 / 4473 )، ” المعجم الوسيط ” ( 2 / 934).

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه في جنازة ميمونة رضي الله عنها: هَذِهِ زَوْجَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا رَفَعْتُمْ نَعْشَهَا فَلَا تُزَعْزِعُوهَا وَلَا تُزَلْزِلُوهَا وَارْفُقُوا. رواه البخاري (4780 ) ومسلم ( 1465 ).

* قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله -:

– ” قوله ” فإذا رفعتم نعشها ” بعين مهملة وشين معجمة: السرير الذي يوضع عليه الميت.

– قوله ” فلا تزعزعوها ” بزاءين معجمتين وعينين مهملتين والزعزعة تحريك الشيء الذي يرفع.

– وقوله ” ولا تزلزلوها ” الزلزلة: الاضطراب.

– قوله ” وارفقوا ” إشارة إلى أن مراده السير الوسط المعتدل، ويستفاد منه: أن حرمة المؤمن بعد موته باقية كما كانت في حياته “. انتهى من ” فتح الباري ” ( 9 / 113 ).

وأما عند إرادة دفن الميت فإنه يوضع بدنه من غير استعمال ” تابوت “؛ وهكذا هو الشرع عندنا، وأنتِ تعلمين أن الناس يختلفون في دفن موتاهم باختلاف أديانهم ومذاهبهم، فالهندوس والبوذيون وعامة الوثنيين يحرقون موتاهم! ويتم هذا في دول مثل الصين والهند واليابان! وهو أمر غاية في البشاعة والتحقير للنفس الإنسانية، وللأسف فقد تبعت طوائف منكم – ونقصد النصارى – أولئك الوثنيين في فعلهم؛ من أجل التعلق بحطام الدنيا وهو الإبقاء على الأرض لاستثمارها والانتفاع بها! ونكاية بما كانت تأمر به الكنيسة، ويتم هذا الأمر المنافي للفطرة والذوق والمروءة والأديان السماوية في دول تزعم أنها متقدمة في الحضارة وتدعي أنها حارسة على حقوق الإنسان!.

وقد جاء في ” الموسوعة العربية العالمية “: ” ظل إحراق جثث الموتى غير شائع في البلدان النصرانية حتى القرن التاسع عشر الميلادي، لكن الاهتمام باستخدام الأرض في المناطق الحضرية وتزايد المعارضة لتعاليم الكنيسة ساعد على إحياء الاهتمام بإحراق جثث الموتى، وجدير بالذكر أن أول محرقة قانونية لاستخدام الجماهير تم افتتاحها في ” ميلانو ” بإيطاليا عام ( 1876 م )، وفي الوقت الحاضر يتم التصرف في نحو ( 50% ) من المتوفين في أستراليا بإحراق جثثهم، وفي نحو ( 70% ) في المملكة المتحدة، وحوالي ( 15% ) في الولايات المتحدة، وإحراق جثث الموتى من الممارسات الشائعة في اليابان، حيث يتم إحراق ( 95% ) من جثث الموتى “. انتهى.

فأين ما يفعله المسلمون من إكرام الميت بغسله وتنظيفه وتطييبه والرفق به في الحمل ثم إكرامه بدفنه في مكان طاهر لائق مع الصلاة عليه أين هذا كله ممن يحرق جثة قريبه أو زوجته أو فلذة كبده؟! ومن لم يفعل ذلك منكم فإنه يدفنه بتابوت فخم! والسبب هو نفسه وهو التعلق بالدنيا وزخرفها، وهو ما جعل لكم شعائر وطقوس في الجنازات وأماكن وطرق الدفن، ومن مظاهر ذلك التعلق بالدنيا والاهتمام بزخرفها في هذا الموضوع عندكم: ما نراه من حال المقابر، فهي ساحات خضراء فيها الأشجار والورود بما يُلهي ناظره عن الاعتبار بالموت، ومن المظاهر أيضًا: ما يُجعل لباسًا للميت من ” بدلة ” كاملة، ومن المظاهر أيضًا: ذاك التابوت الضخم المزركش الغالي الثمن، وأما الأمر عندنا فمختلف، فلا يشرع في ديننا تلك المظاهر، فالميت يُغطى بثلاثة أكفان، ويدفن ببدنه ويُكره دفنه بتابوت، وليس يجوز أن تُجعل المقابر حدائق؛ وكل ذلك للاعتبار والاتعاظ بالموت ورهبته، والقبر وهيبته، فمصير المسلم إلى تلك الحفرة في ستكون مسكنه ومأواه في عالَم البرزخ، فإن كان من الموحدين الطائعين كانت تلك الحفرة روضة من رياض الجنَّة، وإن كان غير ذلك: كانت حفرة من حفَر النيران، فالجنائز عندنا حملها ثم الصلاة عليها ثم دفنها من أعظم ما يُذكِّر المسلم بحقيقة الحياة وأنها دار ممر إلى ما بعدها، ولذا فقد رأينا أن تلك الأحوال كانت سببًا في هداية كثير من العصاة.

وليُعلم أن الشرع عندنا لا يُمانع من الدفن بتابوت في أحوال معيَّنة، كأن يكون الميت مقطَّعًا إلى أشلاء أو مهترئًا بحروقات، كما أجازه بعض الفقهاء في حال أن تكون التربة رخوة غير متماسكة، وأما في الأصل: فغير جائز استعماله لدفن الموتى؛ لعدم ثبوت هذه الطريقة في الشرع، وللبعد عن مشابهة أهل الدنيا.

* قال ابن قدامة – رحمه الله -:

” ولا يستحب الدفن في تابوت؛ لأنه لم يُنقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه، وفيه تشبه بأهل الدنيا، والأرض أنشف لفضلاته “. انتهى من ” المغني ” (2/379 ).

ثالثًا:

وأما الجنة في اعتقاد المسلمين فليس ثمة جنة خاصة بالنساء وأخرى خاصة بالرجال، وهذا لا يمكن أن يكون لما فيه من انعدام التمتع الذي وعد الله تعالى به من استقام على دينه ولقيه لم يشرك به أحداً، فثمة متاع للداخل في الجنة مع أهله الذين عاش معهم في الدنيا، وهي متعة عظيمة، قال تعالى ( وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ ) الطور/ 21.

قال ابن عباس رضي الله عنه – في تفسير هذه الآية -: ” إن الله ليرفع ذرية المؤمن في درجته وإن كانوا دونه في العمل لتقرَّ بهم عينه “، وهو أثر صحيح، له حكم الرفع، وانظر ” السلسلة الصحيحة ” ( 2490 ).

وقد أعدَّ الله تعالى للمسلمات ما تشتهيه أنفسهن وتلذ به أعينهن من النعيم المقيم، والسعادة الأبدية بكل ما أعدَّه الله تعالى لها في الجنَّة.

ولتعلمي أن نفوس الداخلين في جنة الله تعالى نفوس مهذَّبة منقَّاة، ولن تكون أحوالهم وأخلاقهم وصفاتهم وطبيعتهم كما هي في الدنيا، وما كان ممنوعًا منه المسلمون في الدنيا من اختلاط النساء بالرجال فمن أجل طبيعة النفس البشرية وما فيها من ميل أحدهما للآخر، وهو ما يسبب فسادًا لم يعد يخفى على أحد، مما دعا العقلاء من غير المسلمين إلى السعي بقوة لفصل الذكور عن الإناث في مجالات كثيرة وقد تحقق لهم هذا في أماكن الدراسة وفي وسائل النقل، وقد تمَّ هذا في دول كثيرة كبريطانيا والمكسيك وغيرهما من الدول، ولم يكن ثمة مجال لعلاج التحرش الجنسي وفساد التعليم إلا بهذا الفصل الموافق لشرعنا والموافق – أصلًا – للعقل والفطرة.

رابعًا:

أما قولكِ ” وأنا أحب أن أكون في الجنَّة مع الشخص الذي أحبه “: فاعلمي أن هذا لن يكون إذا فارقتِ هذا الحياة على غير الإسلام؛ وهذا حق لا ريب فيه، وقد بُعث النبي محمد صلى الله عليه وسلم للناس كافَّة، ولا يقبل الله تعالى من أحدٍ بعد بعثته صلى الله عليه وسلم دينًا غير دين الإسلام، ومن لقي الله تعالى على غير الإسلام فمصيره جهنم خالدًا فيها أبدًا، ولسنا نريد غشك وتمييع المسألة ، فالأمر جد خطير، وها نحن نبلغك ما يريد الله تعالى منك وما يأمرك به، وها نحن نذكر لكِ الوعيد لمن خالف تلك الأوامر فأبى الدخول في الإسلام، وانتبهي لما نذكره من أدلة في ديننا راجين لك الهداية، قال الله تعالى ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) آل عمران/ 85، وقال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ( وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لاَ يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِي وَلاَ نَصْرَانِي ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلاَّ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ) رواه مسلم ( 153 ) من حديث أَبِى هُرَيْرَةَ.

*قال النووي – رحمه الله -” وقوله صلى الله عليه وسلم ( لاَ يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ ) أي: مَن هو موجود في زمني وبعدي إلى يوم القيامة، فكلهم يجب عليهم الدخول في طاعته، وإنما ذكر اليهودي والنصراني تنبيهًا على مَن سواهما؛ وذلك لأن اليهود النصارى لهم كتاب فإذا كان هذا شأنهم مع أن لهم كتاباً فغيرهم ممن لا كتاب له أولى “. انتهى  من ” شرح مسلم ” ( 2 / 188 ).

واعلمي أن هذا الحكم على من لا يدين بدين الإسلام لا خلاف فيه بين المسلمين، بل من شكَّ فيه فلا يكون مسلمًا لأنه يكون مكذِّبًا للقرآن.

ونرجو أن يكون هذا الحكم غير مفاجئ لك، فالنصارى بطوائفهم المختلفة يكفِّر بعضهم بعضاً، وكل طائفة ترى أن الجنة من نصيبها دون غيرها، وإذا كانت كل طائفة تكفِّر أختها فمن باب أولى أن يكون المسلمون عندهم أشد كفرًا وأن الجنة عليهم حرام.

وهذه مناسبة أخرى ندعوكِ فيها للتفكر بحالك ومآلك، وأنه لا منجا لك في الآخرة إلا باعتناق الإسلام، واعلمي أن عيسى عليه السلام سيتبرأ من كل عبده وادَّعى أنه ليس عبداً لله تعالى، وأنه عندما ينزل للدنيا فإنه سيكسر الصليب ويقتل الخنزير، فكوني من أتباع عيسى وإخوانه الأنبياء والمرسلين فقد كانوا كلهم موحدِّين لا يشركون بربهم شيئًا، واشهدي لنبيك محمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة ففي ذلك – والله – النجاة في الآخرة من النار وفيها الفوز بالجنة.

خامسًا:

أما الأشباح: فلا وجود لها في الإسلام، والشبح في لغة العرب هو الشخص كما في ” القاموس المحيط ” ( ص 288 )، كما لا وجود للأشباح في الواقع، إنما هي خيالات وتوهمات وعبث من الجن بعقول ضعفاء الدين والعقل، ممن تنطلي عليهم ما يرونه في الأفلام وما يقرؤونه في الروايات كمثل روايات ” هاري بوتر “.

ونسأل الله تعالى أن يهدي قلبك للحق، وأن يوفقك للسير على دين الفطرة دين الأنبياء والمرسلين الذي ارتضاه الله تعالى لخلقه، وهو دين التوحيد القائم على إفراد الله تعالى بالألوهية والربوبية، والقائم على نبذ الوثنية وعبادة الأشخاص والجمادات، ولن تجدي هذا الآن إلا في دين الإسلام.

 

والله أعلم.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

spot_img

أكثر الفتاوى شهرة