أسلم حديثًا ولا تزال ابنته كافرةً وتطلب منه أن تتزوج نصرانيًّا وأن يحضر عرسها!

السؤال

أنا شخص اعتنقت الإسلام وقد كنت مسيحيًّا في السابق، ولدي ابنة ما زالت على المسيحية، وقد طلبت مني أن أخلي سبيلها فأتركها تتزوج بشخص مسيحي تحبه، بل وتريد مني أن أحضر حفل زفافها، فما رأيكم؟.

الجواب

الحمد لله

أولًا:

نحمد الله تعالى أن هداك للإسلام وأنعم عليك بسلوك صراطه المستقيم، ونسأله تعالى أن يثبتك عليه، وأن يزيدك هدى وتوفيقًا.

ونوصيك بابنتك خيرا، فلا تقطع صلتك بها، وأحسن إليها، وترفق بها، وداوم على دعائها إلى الإسلام، فلعلَّ الله تعالى أن ينقذها على يديك فتقر عينك بها في الدنيا والآخرة، ومن السبل التي قد تجدي نفعاً في دعوتها إلى الإسلام وفيه إزالة الضغط النفسي الواقع عليك بما تسأل عنه: أن تحاول بكل ما تستطيع أن تقنعها بالعدول عن التزوج بذاك النصراني الكافر وأن تتزوج بمسلم تعرف دينه وتثق بحكمته وعقله أن يكون سببًا في دخولها في الإسلام، ولعله لا يخفى عليك حلُّ تزوج المسلم بالكتابية – يهودية ونصرانية – فلعلها أن تحظى بفرصة جيدة للدخول في الإسلام بوجود أبٍ وزوج مسلِمَيْن، وأما إذا لم تستجب لك في أمر تركها لذاك النصراني والتزوج بمسلم: فلا إثم يلحقك بفعلها، وإذا حصل زواجها منه فإن الشرع المطهر يقرهما عليه إذا اعتقداه في دينهما زواجًا صحيحًا.

ثانيًا:

ولتعلم أخي السائل أنه ما دامت ابنتك على الكفر فإنه ليس لك عليها ولاية تزويج، فلا يحل لك أن تكون وليَّها في الزواج.

* قال الإمام الشافعي – رحمه الله -:

ولا يكون ولي الذمية مسلمًا وإن كان أباها لأن الله تعالى قطع الولاية بين المسلمين والمشركين وتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم حبيبة بنت أبي سفيان وولى عقدة نكاحها ابن سعيد بن العاص وكان مسلماً وأبو سفيان حيٌّ فدل ذلك على أن لا ولاية بين أهل القرابة إذا اختلف الدينان وإن كان أبًا، وأن الولاية بالقرابة واجتماع الدينَيْن. ” الأم ” ( 5 / 8 ).

* وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -:

عن رجل أسلم : هل يبقى له ولاية على أولاده الكتابيين؟

فأجاب:

لا ولاية له عليهم في النكاح كما لا ولاية له عليهم في الميراث، فلا يزوج المسلم الكافرة سواء كانت بنته أو غيرها، ولا يرث كافر مسلمًا ولا مسلم كافرًا، وهذا مذهب الأئمة الأربعة وأصحابهم من السلف والخلف … والله سبحانه قد قطع الولاية في كتابه بين المؤمنين والكافرين، وأوجب البراءة بينهم من الطرفين، وأثبت الولاية بين المؤمنين. ” مجموع الفتاوى ” ( 32 / 35 ، 36 ).

ثالثًا:

وأما بخصوص حضور حفل زفافها: فأنت تعلم أنه لا تخلو تلك الأعراس من وجود مخالفات لشرعنا المطهَّر من تبرج فاضح، واختلاط قبيح، وشرب للخمور، وغناء، ورقص، وبعض هذه المحرمات لو وُجدت في عرس لمسلمين ما جاز حضوره فكيف أن يكون في عرس غير مسلمين؟!.

فلتصارحها بهذا الحكم الشرعي الموافق للفطرة والعقل، وهي لم تخجل منك في أن أظهرت حبَّها لنصراني كافر، وهي لم تخجل من دعوتك لحفل زفافها مع ما فيه منكرات، فلا تستح أنت من إظهار الحكم الشرعي في الامتناع من حضور عرسها إن كان فيه تلك المنكرات أو بعضها، ولك أن تعدها بزيارة لبيتها بعد الزواج وتأخذ من الهدايا ما تتألف به قلبها وقلب زوجها، وعسى الله تعالى أن يفتح عليك في دعوتهما للإسلام وأن يكلل عملك بالنجاح، ونحن ننتظر منك بشرى طيبة في هذا الأمر، وعسى أن يكون قريبًا.

 

والله أعلم.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

spot_img

أكثر الفتاوى شهرة