حكم استعمال المبيدات الحشرية في رش ثمار الزراعة

السؤال

ما الحكم الشرعي في استخدام المبيدات الحشرية في الزراعة والتي تتسبب أحيانًا في تسمم بعض المنتجات الزراعية؟.

 

الجواب

الحمد لله

أولًا:

المبيدات الحشرية سلاح خطير يعبث به كثيرون بالتسبب بضرر بالغ بالبيئة وبالطعام والشراب والتربة، وكل ذلك طمعًا بدنيا زائلة، وقد تنادى العقلاء في أرجاء العالَم لوضع حدٍّ لما يقوم به أولئك العابثون بذلك الضر العظيم، والذي يؤدي ليس إلى قتل الناس الذين يتناولون تلك الثمار المزروعة والتي رُشَّت بالمبيدات وقطفت قبل الوقت المسموح به، وقد أدى ذلك في كثير من البلدان إلى التسبب بقتل من أكل من تلك الثمار، وهذا عدا عن تأثير تلك المبيدات على التربة والمياه الجوفية وعلى الهواء، فتسببت بتلوث ذلك كله.

وفي ” الموسوعة العربية العالمية “: ” يجب التعامل مع جميع أنواع مبيدات الحشرات على أنها مواد سامة، ويجب ارتداء الملابس الواقية عند استعمالها لتجنب حوادث التسمم، وتختار المبيدات المراد استعمالها بحذر شديد؛ وذلك لأن الاختيار الخاطئ قد يؤدي إلى قتل أو يؤدي إلى الإضرار بالنبات أو الحيوان المراد حمايته، كما يجب تجنب الاستعمال المكثف للمواد التي تترك متبقيات ضارة على المحاصيل الغذائية”. انتهى.

وفيها – أيضًا -: ” وقد يؤدِّي التلوث بالمبيدات الحشرية، والكيميائيات العضوية الأخرى إلى تسمم الأغذية أيضًا “. انتهى.

* وقال الأستاذ كمال مختار إسماعيل: ” ولقد وجد أن حوالي نصف وفيات الإنسان المصري بين سني ( 25 – 50 سنة ) ترجع إلى الأمراض التي تصيب الكبد، ويتصدرها ” الالتهاب الكبدي الفيروسي ” و ” البلهارسيا ” ثم زيادة نسبة التلوث في الماء والهواء والإسراف في استعمال المبيدات الحشرية التي تحوى السموم الكيماوية والتي تصل عصارة الخضروات والفواكه “. انتهى من ” كنوز في الرقية والطب النبوي ” ( ص 246 ) – ترقيم الشاملة -.

* وقال الأستاذ محمد محمود كالو: ولكثرة هذه الآفات استعمل الإنسان المبيدات والمضادات للأعشاب والحشرات، ومن أجل جشعه الزائد استعمل مخصبات وأسمدة لزيادة الإنتاج والمحصول، ونتيجة للاستعمال المفرط والخاطئ لهذه الأسمدة والمبيدات: فإن كمية كبيرة من هذه السموم تبقى في التربة دون انحلال زمنًا طويلًا، فمنها ما يمتصها النبات، ومنها مع هطول الأمطار أو الري تتسرب إلى طبقات الأرض مسببة تلوثاً للمياه الجوفية والسطحية، أو تبخر بفعل حرارة الشمس مسببة تلوث الهواء المحيط” . انتهى من موقف القرآن من العبث البشري بالبيئة (ص: 17) – ترقيم الشاملة.

وبما سبق يتبين: أنه لا يجوز لمزارع استعمال المبيدات الحشرية وفق هواه، بل لا بدَّ من رجوعه لأهل الاختصاص لدلالته على النوع الملائم ليستعمله، ويجب عليه التقيد بالتعليمات والإرشادات المتعلقة بكيفية رش الأشجار والثمار، والالتزام القطعي بالوقت المسموح له بقطف الثمار بعدها، ومن خالف ذلك فقطف ثمرة أشجاره قبل الوقت المسموح به فهو آثم إثمًا عظيمًا لأنه سيتسبب لغيره بالضرر البالغ، وهو في حقيقة أمره يبيع مواد سامة محرَّمة لا مواد نافعة مباحة، ويلزمه مسئولية كل ما يترتب عليه من آثار سيئة، ويكون كسبه سحتًا.

عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى أَنْ ( لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ ) رواه ابن ماجه ( 2314 )، وحسنه النووي وابن الصلاح وابن رجب – كما في ” جامع العلوم والحكم ” ( ص 304 ) – وحسَّنه الألباني في ” صحيح ابن ماجه “.

* قال علماء اللجنة الدائمة – في شرح الحديث -: ” نهى النبي صلى الله عليه وسلم المكلَّف أن يضرَّ نفسه أو يضرّ غيره، ففيه دلالة على منع الإنسان من التعدي على نفسه، أو غيره.

وهذا الحديث وإن كان فيه مقال إلا أنه جاء من طرق يقوي بعضها بعضًا، وله شواهد فينهض إلى درجة الحسن لغيره، ويصلح للاستدلال به.

ونوصيك بمراجعة كتاب ” جامع العلوم والحكم ” للحافظ ابن رجب في شرح هذا الحديث. الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن غديان”. انتهى من ” فتاوى اللجنة الدائمة ” ( 4 / 400 ).

 

والله أعلم.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

spot_img

أكثر الفتاوى شهرة