حكم ترجمة مقال عن شركة تسوِّق ” السياحة الطبية ” وحكم الكسب من تلك الترجمة

السؤال

أقوم بترجمة بعض المقالات من الإنجليزية إلى العربية وخاصة المقالات الطبية من خلال مواقع العمل عن طريق الإنترنت، فطُلب منِّي ترجمة مقال يتكلم عن موضوع يسمَّى ” السياحة الطبية “، فقمت بترجمته، وبعد الدخول لموقع الشركة وجدت أن وظيفة هذه الشركة هي توفير هذه السياحة الطبية من خلال التعامل مع شركات التأمين والمستشفيات والمرضى، وهي تقوم بتوصيل هؤلاء لبعضهم البعض للوصول إلى السياحة الطبية بأقل الأسعار من خلال شركات التأمين، وهذا هو ما قمت بترجمته وإرساله لهم، فقال لي بعض الأخوة: إن هذا قد يكون محرَّمًا.

السؤال:

أولًا: ماذا أفعل بالمال الذي أخذته إذا كان محرَّمًا؟ وهل أقوم بتحويله من الإنترنت إلى حسابي من الأساس أم أتركه؟.

ثانيًا: هل أكمل العمل في نفس الموقع في ترجمة الأشياء المتعلقة بأساليب الجراحة وأوصاف المستشفيات أم أترك العمل على هذا الموقع بالكامل؟.

الجواب

الحمد لله

أولًا:

لا داعي لأن تقلق بشأن عملك في ترجمة الأشياء المتعلقة بالطب والجراحة والمستشفيات وعناوينها وأسعار العلاج فيها وغير ذلك مما يتعلق بشأن الطب؛ ففيه مجال للعمل المباح الشيء الكثير، وحاجة الناس لمثل هذه الإرشادات والدلالات ماسَّة، فهذه الترجمات تنفع الطبيب ليتعرف على ما هو جديد في عالم الطب، وتنفع المريض ليتعرف على أفضل مكان يعالِج فيها نفسه، لذا فنرى أن النفع في هذه الترجمات يتعلق بشأن مهم في حياة الناس، ونرى أن جوانب الإثم فيه تكاد تكون محدودة ولن تخفى على مثلك إن شاء الله، كترجمة المقالات المتعلقة بمن يقوم من المستشفيات بتغيير الجنس، أو من يتستر بالتدليك للقيام بالدعارة، أو من يقوم بالتجميل الذي فيه تغيير لخلق الله، وما يشبه هذا مما لا يخفى حكمه إن شاء الله، وقصدنا أن جوانب النفع في هذا الباب كثيرة كثيرة.

 

 

ثانيًا:

ونحن نشكر لك اهتمامك بالحكم الشرعي بما قمت به من عمل، ونشكر لك استعدادك لترك العمل بالكلية إن كان فيه مخالفة شرعية، وهو يدل – إن شاء الله – على استقامة على الطاعة وحبٍّ لأكل الحلال الطيب، ونسأل الله أن يرزقك إياه ويجعل عملك كلَّه صالحاً وأن يتقبله منك.

والذي نراه فيما قمت به من ترجمة لما يتعلق بـ ” السياحة الطبية “: أنه – ابتداءً – ليس عليك إثم لأنك لم تتعمد الوقوع فيه، وأما العمل نفسه فالذي يظهر لنا أنه ينبغي التفريق بين كون الشركة هي شركة وساطة بين شركات التأمين وبين أماكن العلاج، أو تكون شركة وساطة بين الراغبين بالعلاج ووسائطهم من حكومات وأماكن عملهم وشركات تأمينهم وبين أماكن العلاج، ففي الحالة الأولى يكون العمل محرَّماً لأن فيه تعاملا مباشرًا مع شركات قائمة على المقامرة في أكثر أحوالها، وأما في الحالة الثانية فالظاهر الجواز لأن المقصود من العمل العلاج ذاته للراغبين فيه وليس المقصود التعامل المباشر مع شركات التأمين المحرَّم، فهو أشبه ما يكون بعمل موقع لعرض البضائع المباحة مع علم مصمم الموقع بوجود من يشتري عن طريق البنوك الربوية أو بطرق محرَّمة بين الراغب بالشراء ووسطائه، فكان القصد من الموقع بيع البضائع المباحة لا التعامل المباشر مع من يشتريها بطريقة مخالفة للشرع.

وعليه:

1. إذا كانت تلك الشركة التي توفِّر السياحة الطبية عملها هو التعامل المباشر مع شركات التأمين فقط لدلالتهم على أحسن الأسعار وأرخص أماكن العلاج: فالظاهر لنا عدم جواز ترجمة ما يتعلق بالدلالة على تلك الشركة؛ لأن فيه إعانة شركات التأمين – وأكثرها شركات مقامرة والعبرة بالأكثر – على عملها المحرَّم، والله يقول: ( وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) المائدة/ 2، ونرى أن تتصدق -والحالة هذه – بكسبك من ذلك العمل وتلك الترجمة في وجوه الخير المختلفة، مع البقاء في عملك لترجمة الأشياء الأخرى الكثيرة المباحة.

2. وأما إذا كان عمل تلك الشركة التي توفِّر السياحة الطبية هو الدلالة على أحسن أسعار العلاج وأرخص أماكن العلاج لجميع الراغبين بالعلاج: فالظاهر لنا جواز ترجمة ما يتعلق بتلك الشركة؛ لأن المقصود هو أمر مباح، ولم تُكلَّفوا بالبحث عن أنواع الراغبين وطريقة علاجهم، ولو علمتم أن منهم من سيتعالج عن طريق شركة تأمين: فهذا راجع لفعله هو فهو يتحمل أثر فعله، وثمة كثيرون سيتعالجون على حسابهم أو على حساب حكوماتهم، أو يكون ثمن العلاج من أموالهم التي أجبروا على دفعها، أو يكون العلاج ميزة يقدمها مكان العمل لموظفيه، وأما أنتم فقد كان عملكم هو دلالتهم على أمر مباح يقومون به، فلا يلزمك – والحالة هذه – إخراج ما كسبته من ذاك العمل وتلك الترجمة.

 

والله أعلم.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

spot_img

أكثر الفتاوى شهرة