أجر تفطير الصائم لمن أطعم تمرة أم لمن أشبع؟ وهل النية للصوم في كل ليلة؟

السؤال

نعرف أن من فطر صائمًا فله مثل أجره، فإذا فطرت صائما على شربة ماء وذهب ليصلي المغرب في المسجد وفي الطريق دعاه أحد أصدقائه، فهل الأجر لمن فطَّره على شربة ماء أم للاثنين؟

هل يجب التلفظ باللسان أم يكتفي بالنية؟ وهل مشروط كل يوم ولا يصح الصوم إلا بها؟.

الجواب

الحمد لله

أولا:

تفطير الصائم من الأعمال الصالحة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن مفطِّر الصائم له مثل أجر الصائم.

عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا “. رواه الترمذي (807) وقال: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وابن ماجه ( 1746 ).

وقد اختلف العلماء في معنى الحديث فذهب بعضهم إلى حصول الأجر حتى لو أطعمه تمرة، أو سقاه شربة ماء.

قال المناوي:

( من فطَّر صائما ) بعشائه، وكذا بتمر، فإن لم يتيسر فبماء.

” فيض القدير ” ( 6 / 187 ).

وقال ابن مفلح الحنبلي – رحمه الله -:

وظاهر كلامهم: أي شيء كان، كما هو ظاهر الخبر.

” الفروع ” ( 3 / 73 ).

والصحيح: أن الأجر الوارد في الحديث إنما هو لمن أشبع الصائم، لا لمن ابتدأه بالطعام والشراب.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -:

والمراد بتفطيره: أن يُشبعه.

” الفتاوى الكبرى ” ( 4 / 460 ).

وليس يعني هذا أن من ابتدأ الصائم بتمرة أو شربة ماء أنه لا يؤجر، بل له على ذلك أجور عظيمة، قال الله تعالى: ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ . وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) [ الزلزلة / الآية 7 – 8 ] ، وكلامنا على فقه الحديث والأجر الموعود عليه صاحبه، ولا يمكن أن يكون من تكلَّف بالطعام والشراب يضيع عليه أجر تفطير الصائمين برجُل سبقه بتمرة أو شربة ماء.

ثانيا:

والنية محلها في القلب، ولا يجوز لأحدٍ أن يتلفظ بها لا في الصيام ولا في غيره، وقد بيّنّا فيما سبق بدعية التلفظ بالنية في العبادات.

ثالثا:

أما مسألة كفاية النية من أول الشهر لأيامه جميعا: فقد وقع خلاف بين العلماء في هذه المسألة:

وقد ذهب الإمام أحمد والجمهور إلى أنه يلزم تجديد النية كل ليلة؛ لأن لكل ليلة حكمها، واستدلوا بلفظ أثر ابن عمر وحفصة – وقد روي مرفوعاً وموقوفا، والموقوف أصح – ” لا صيام لمن لم يجمع النية قبل الفجر ” وفي رواية ( يبيِّت )، وقالوا: إن ظاهر الأثر أن لكل ليلة نية مستقلة.

وذهب الإمام مالك وطائفة من أهل العلم إلى أن النية في أول ليلة تكفي عن سائر الشهر، وقالوا: إن النية من أول الشهر تجزيء عن النية من كل ليلة، واستدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه المشهور: ” وَإِنَّمَا لِكُلِّ امرِئ مَا نَوَى “، قالوا: وهذا قد نوى صيام جميع الشهر، وشهر رمضان بمنزلة العبادة الواحدة.

والصحيح من القولين هو الثاني، إلا أنه ينبغي التنبه إلى أنه إن قُطع تتابع الصوم بسبب حيض أو مرضٍ أو سفرٍ: فإنه تلزم نية جديدة.

 

والله أعلم.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

spot_img

أكثر الفتاوى شهرة