ماذا يفعل من وجد أثر مذي على ثوبه بعد الصلاة؟

السؤال

ما حكم من وجد آثار المذي بعد الصلاة، مع أنه تثبت من طهارة الثوب قبل الوضوء، مع العلم أن هذا يتكرر كثيرًا؟.

الجواب

الحمد لله

أولًا:

المذي: ماء رقيق، يخرج عند الملاعبة، أو التذكُّر، ويَضرب إلى البياض، وقال الرافعي: فيه ثلاث لغات، الأولى: سكون الذال، والثانية: كسرها مع التثقيل (تثقيل الياء )، والثالثة: الكسر مع التخفيف.

– انظر ” الموسوعة الفقهية ” ( 36 / 314 ).

ثانيًا:

وبخصوص مسألتك: فثمة أمران يهونان عليك:

الأول: الاختلاف في نجاسة المذي، فهو نجس عند جمهور العلماء، ونجس نجاسة مخففة عند بعضهم، وطاهر عند قليل منهم.

عَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ: كُنْتُ أَلْقَى مِنْ الْمَذْيِ شِدَّةً وَكُنْتُ أُكْثِرُ مِنْ الِاغْتِسَالِ، فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: إِنَّمَا يُجْزِيكَ مِنْ ذَلِكَ الْوُضُوءُ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَكَيْفَ بِمَا يُصِيبُ ثَوْبِي مِنْهُ؟ قَالَ: ( يَكْفِيكَ بِأَنْ تَأْخُذَ كَفًّا مِنْ مَاءٍ فَتَنْضَحَ بِهَا مِنْ ثَوْبِكَ حَيْثُ تَرَى أَنَّهُ أَصَابَهُ ). رواه الترمذي ( 115 ) وقال: حسن صحيح، وأبو داود ( 210 ) وابن ماجه (506)، وحسَّنه الألباني في ” صحيح أبي داود “.

* قال ابن قدامة – رحمه الله -:

وروي عن أحمد رحمه الله أنه – ( أي : المذي ) – بمنزلة المني – ( أي : كلاهما طاهر ) -، قال في رواية محمد بن الحكم: إنه سأل أبا عبد الله – ( أي: الإمام أحمد ) – عن المذي أشد أو المني؟ قال: ” هما سواء ، ليسا من مخرج البول، إنما هما من الصلب والترائب، كما قال ابن عباس: هو عندي بمنزلة البصاق والمخاط “.

وذكر ابن عقيل نحو هذا، وعلّل بأن المذي جزء من المني؛ لأن سببهما جميعًا: الشهوة؛ ولأنه خارج تحلله الشهوة أشبه المني. ” المغني ” ( 1 / 767 ).

* وقال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -:

أما المذي: فيعفى عنه في أقوى الروايتين؛ لأن البلوى تعم به، ويشق التحرز منه، فهو كالدم، بل أولى؛ للاختلاف في نجاسته؛ والاجتزاء عنه بنضحه.

” شرح العمدة ” ( 1 / 104، 105 ).

فتحصَّل من وصف إصابة المذي للثوب أشياء:

  1. أنه البلوى تعم به.
  2. أنه يشق التحرز منه.
  3. أنه ليس له أثر كالبول والمني، فلا يكاد يعرف صاحبه البقعة التي عليها المذي، ولذا جاء في الحديث السابق ( فَتَنْضَحَ بِهَا مِنْ ثَوْبِكَ حَيْثُ تَرَى أَنَّهُ أَصَابَهُ ).

والثاني: أنه لو كان الثوب يتنجس به: فإنه لا شيء عليك؛ لأنك تفقدت ثيابك قبل الصلاة، بل لو أنك علمتَ بهذا الأثر قبل الصلاة ونسيت إزالتها ما كان عليك إعادة، وأبلغ من ذلك: أنك لو علمتَ بها قبل الصلاة ونسيت إزالتها حتى صليت بها: أيضًا لم يكن يلزمك الإعادة.

وبكل ذلك قال العلماء المحققون، وهو يتناسب مع يسر الشريعة وسماحتها.

أ. * قال شيخ الإسلام ابن تيمية  – رحمه الله -:

النجاسة إنما يثبت حكمها: مع العلم، فلو صلَّى وببدنه، أو ثيابه نجاسة، ولم يعلم بها إلا بعد الصلاة: لم تجب عليه الإعادة، في أصح قولي العلماء، وهو مذهب مالك، وغيره، وأحمد في أقوى الروايتين، وسواء كان علمها ثم نسيها، أو جهلها ابتداء. ” مجموع الفتاوى ” ( 22 / 184 ).

ب. * وقال ابن القيم – رحمه الله -:

ولو صلَّى في ثوب لا يعلمُ نجاستَه، ثم علِمها بعد الصلاة: لم يُعد الصلاة؛ فإن اجتهد: فقد صلى في ثوب يغلب على ظنه طهارته، وهذا هو الواجب عليه لا غير.

فالمؤثر في بطلان الصلاة: العلم بنجاسة الثوب، لا نجاسته المجهولة، بدليل: ما لو جهلها في الصلاة، ثم علمها بعد الصلاة: لم يُعد الصلاة، فهذا القول ظاهر جدًّا، وهو قياس المذهب. ” بدائع الفوائد ” ( 3 / 1256 )  طبعة عالم الفوائد.

ج.* وقال الشيخ صالح الفوزان – حفظه الله -:

من رأى عليه نجاسة بعد الصلاة، ولا يدري متى حدثت: فصلاته صحيحة، وكذا لو كان عالمًا بها قبل الصلاة، لكن نسي أن يزيلها: فصلاته صحيحة، على القول الراجح.  ” الملخص الفقهي ” ( 1 / 112 ).

 

والله أعلم.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

spot_img

أكثر الفتاوى شهرة