اضطربت دورتها بعد وضعها المولود الأول، فماذا عن الصلاة؟

السؤال

لي من الأطفال 2, ومنذ أن وضعت طفلتي الأولى, فقد أصبحت الدورة الشهرية عندي غير منتظمة.  وقد علمت بأن على ألا أصلي في الأوقات التي كانت تأتيني فيها الدورة في العادة, وكانت تبدأ كل 30 يوما, وأصلي باقي الأيام.  لكن مشكلتي هي أن دورتي أصبحت لا تأتيني بانتظام أبدا. فالدورة تبدأ وتنتهي فجأة.

وقد تحدثت إلى طبيبتي (لكن, ولسوء الحظ, فإنه من النادر أن تجد الواحدة منا طبيبة مسلمة في البلد الأوروبي الذي أعيش فيه), وقالت بأن ما أمرّ به يقع, وأن المسألة مسألة وقت ثم ترجع الأمور إلى سابق عهدها مرة أخرى.

أرجو أن تخبرني عن صلاتي.  فأنا لا أعرف الوقت الصحيح الذي يجوز لي أن أصلي فيه.

الجواب

الحمد لله

اعلمي أختي السائلة أن الدورة الشهرية لا تحد بوقت معين من الشهر فقد تتقدم وقد تتأخر وهذا لا يضر ؛ لأن الدورة عرض يصيب المرأة  وهو أشبه ما يكون بالمرض فإن أصابها تركت الصلاة وإن أدبر عنها صلت.

فإذا حاضت المرأة فإن طهرها يكون بانقطاع الدم قل ذلك أو كثر ولا يجوز تحديده بوقت معين كما يحدده بعض العلماء أن أقله يوم وليلة وأكثره خمسة عشر يومًا.

* قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

ومن ذلك اسم الحيض، علَّق الله به أحكاماً متعددة في الكتاب والسنَّة، ولم يقدر لا أقله ولا أكثره، ولا الطهر بين الحيضتين مع عموم بلوى الأمَّة بذلك واحتياجهم إليه، واللغة لا تفرق بين قدرٍ وقدرٍ، فمن قدَّر في ذلك حدّاً فقد خالف الكتاب والسنَّةَ.

والعلماء منهم من يحدُّ أكثرَه وأقلَّه، ثمَّ يختلفون في التحديد ، ومنهم من يحد أكثره دون أقله  والقول الثالث أصح: أنَّه لا حدَّ لا لأقلّه ولا لأكثره، بل ما رأتْه المرأة عادة مستمرَّة فهو حيضٌ، وإن قدِّر أنه أقل من يوم استمرَّ بها على ذلك فهو حيضٌ، وإن قدِّر أنَّ أكثره سبعة عشر استمرَّ بها على ذلك فهو حيضٌ، وأمَّا إذا استمرَّ الدم بها دائمًا فهذا قد عُلم أنَّه ليس بحيضٍ، لأنَّه قد علم من الشرع واللغة أنَّ المرأة تارةً تكون طاهرًا وتارةً تكون حائضًا، ولطهرها أحكامٌ، ولحيضها أحكامٌ.

والعادة الغالبة أنَّها تحيض ربع الزمان ستةً أو سبعةً، وإلى ذلك ردَّ النَّبيُّ المستحاضة التي ليس لها عادةٌ ولا تمييزٌ. والطهر بين الحيضتين لا حدَّ لأكثره باتفاقهم، إذ من النسوة مَن لا تحيض بحال.

….. وكذلك أقلُّه على الصحيح لا حدَّ له، بل قد تحيض المرأة في الشهر ثلاث حيض …. والأصل في كلِّ ما يخرج مِن الرحم أنَّه حيضٌ حتى يقوم دليلٌ على أنَّه استحاضة، لأنَّ ذلك هو الدم الأصلي الجِبِلِّي وهو دمٌ ترخيه الرحم، ودم الفساد دم عرقٍ ينفجر، وذلك كالمرض، والأصل الصحَّة لا المرض. فمتى رأت المرأة الدم جارٍ مِن رحمها فهو حيضٌ تترك لأجله الصلاة …. ” مجموع الفتاوى ” ( 19 / 237 – 239 ).

* وقال ابن القيم:

وكذلك تقدير أقل الحيض بثلاثة أيام وأكثره بعشرة ليس فيها شيء صحيح بل كله باطل.

” المنار المنيف ” ( ص 113 ).

* وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:

والغالب على النساء أنهن يحضن ستا أو سبعا وقد وجد كثيرا من تحيض أقل من ذلك قال عطاء بن أبي رباح: (رأيت النساء من كانت تحيض يوما ومن كانت تحيض خمسة عشر يوما )، وذكر إسحاق بن راهويه عن بكر المزني أنه قال: ( تحيض إمائي يومين )، وذكر عبد الرحمن بن مهدي عن امرأة يقال لها أم العلا قالت: ( حيضتي منذ آباد الدهر يومان فلم تزل على ذلك حتى قعدت عن  الحيض )، وقال الشافعي: ( رأيت امرأة أثبت لي عنها أنها لم تزل تحيض يوما لا تزيد عليه وأثبت لي عن نساء أنهن لم يزلن يحضن  أقل من ثلاثة أيام )، وقال إسحاق: ( قد صح في زماننا عن غير واحدة أنها قالت: حيضتي يومان، قال: وقالت امرأة معروفة من أهلنا: لم أفطر منه عشرين سنة في رمضان إلا يومين )، وقال أبو عبد الله الزبير المصري: ( كان من نسائنا من تحيض يوما ومن تحيض خمسة عشر يوما ) فإذا كان هؤلاء العلماء قد أخبروا بذلك. – اعلم – أن في النساء من تحيض اليوم واليومين كثيرا فصار ذلك أمرا معروفا معتادا في النساء. ” شرح العمدة ” ( 1 / 475 ).

* وقال الشيخ ابن عثيمين:

وقال شيخ  الإسلام وابن المنذر وجماعه من أهل العلم: إنه لا صحة لهذا التحديد وإن المرأة متى رأت الدم المعروف عند النساء أنه حيض فهو حيض والدليل على ذلك ما يلي: عموم قوله تعالى: { ويسألونك عن المحيض قل هو أذى } [ البقرة / 222 ].

فقوله: { قل هو أذى }: حكم معلق بعلة وهو الأذى فإذا وجد هذا الدم الذي هو الأذى وليس دم عرق فإنه يحكم بأنه حيض. ” الشرح الممتع ” ( 1 / 402 ).

وقال:

فمن النساء من يبقى عليها الطهر أربعة أشهر ويأتيها الحيض لمدة شهر كامل كأنه والله أعلم ينحبس ثم يأتي جميعا ومن النساء من تحيض في الشهر ثلاثة أيام أو أربعة أو خمسه أو عشرة.” الشرح الممتع ” ( 1 / 402 ).

 

والله أعلم.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

spot_img

أكثر الفتاوى شهرة