متى يُصلّى على السقط؟ وهل يجب دفنه؟ وحكم تصويره؟

السؤال

سؤال من نصرانية:

أنا ممرضة في مستشفى في الوحدة الصحية النسائية، أحب أن أهتم وأحترم النساء العرب المسلمات الذين يعانين من فقدان الحمل (موت الجنين قبل الولادة) ويبدأ عملنا من بداية الحمل حتى الولادة.

متى يجب دفن الجنين؟ وهل يُصلى عليه بعد الولادة؟ هل هناك شيء يُقال لمباركة الأم والجنين؟ عادة نحث الأم على أن تنظر لجنينها المتوفى وتأخذ صورة تذكارية له فهل هذا يسيء للدين الإسلامي ويعارضه؟ هل ينجس الجنين إذا مات وأرادت الأم أن تمسك الجنين؟ هل الجنين الذي له أيدي وأرجل وأظافر لأصابع الأقدام ولكن عمره أقل من 80 يوم قد تم نفخ الروح فيه؟

أرجو أن تجيب بأسرع وقت ممكن لأن نسبة الأطفال العرب الذين يولدون أمواتًا.

الجواب

الحمد لله

قبل كل شيء ندعو السائلة إلى الإسلام الذي هو دين الله الذي أوجبه على خلقه كلهم و ليس الإسلام خاصًا بالعرب، وإن دخلتِ في ديننا فقد أنقذتِ نفسك من نار جهنم التي وقودها الناس و الحجارة { قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا و بينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئًا ولا يتخذ بعضنا بعضًا أربابًا من دون الله  فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون  } [ آل عمران / 64 ].

ستكونين سعيدة جدًا بالإسلام حاولي أن تفكري بالأمر ولو بعد حين وحاولي أن تفهمي الدين الإسلامي من أهله من غير تحريف ولا تشويه.

  1. يدفن الصبي الذي نفخت فيه الروح أو لم تنفخ ولكن حكم الصلاة على السقط ـ أي الجنين الساقط قبل الولادة و لكن أن يكون قد نفخت فيه الروح ـ سنة مستحبة ولا تجب الصلاة عليه وحكمه حكم الطفل الذي لم يبلغ الحلم.

عن المغيرة بن شعبة وأحسب أن أهل زياد أخبروني أنه رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” الراكب يسير خلف الجنازة والماشي يمشي خلفها وأمامها وعن يمينها وعن يسارها قريبا منها والسقط يصلى عليه ويدعى لوالديه بالمغفرة والرحمة “. رواه أبو داود ( 3180 ) – واللفظ له –  والترمذي ( 1031 ) والنسائي ( 1942 ) ولكن الأخيرين روياه بلفظ ( الطفل ).

والحديث: صححه الترمذي وابن حبان والحاكم ووافقه الذهبي.

و أيضا عن عائشة: أتي رسول الله بصبي من صبيان الأنصار فصلى عليه …”. رواه بهذا اللفظ النسائي  ( 1947 ) وأصله في ” مسلم “.

و أما ما يدل على عدم الوجوب قالت عائشة: ” مات إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه و سلم و هو ابن ثمانية عشر شهرًا فلم يصل عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم “. رواه أبو داود ( 3187 ).

و أما قبل نفخ الروح فإنه لا يصلى عليه.

* قال ابن حزم:

ونستحب الصلاة على المولود يولد حيًّا ثم يموت استهلَّ أو لم يستهل، وليست الصلاة عليه فرضًا ما لم يبلغ.

أما الصلاة عليه فإنها فعل خير لم يأت عنه نهي …

” المحلى ” ( 5 / 158 ).

* قال الشيخ ابن عثيمين:

إنْ نُفخت فيه الروح: غُسِّل وصُليَ عليه وكُفِّن، وإن لم تُنفخ فيه الروح: فلا.

” الشرح الممتع ” ( 1 / 286 ).

* وقالت اللجنة الدائمة:

إذا كان الواقع كما ذكر من إسقاط الجنين في الشهر الخامس مِن حملها: غُسِّل الجنين وكُفِّن وصُلِّيَ عليه، ويُسن أن يُعق عنه  كما يفعل بالكبير من المسلمين، ودفن في مقابر المسلمين وسُمِّيَ. عبد العزيز بن باز، عبد الرزاق عفيفي، عبد الله بن غديان. ” فتاوى اللجنة الدائمة ” ( 8 / 407 ).

وهذا الحكم للمسلمين أما غير المسلمين فلا يكون لهم ذلك ولا يقبل الله منهم ذلك ويمنعون منه لأن هذه العبادات خاصة بالمسلمين حسب.

ويجوز لك أن تدفنيهم وأن تغيبيهم في التراب من باب تكريمهم.

  1. ليس هناك دعاء خاص يقال للمرأة ولا لجنينها إذا وضعت ولكن الأمر واسع فقد يقال لها ” مبارك لك المولود وجعله الله من الصالحين ممن يبرون بك “، و” نسأل الله لك السلامة والعافية والصحة “، وما أشبه هذا من الكلام الطيب الذي يوافق المناسبة، ولكن ليس هناك دعاء أو ذكر خاص.
  2. أما مسألة الصور الفوتغرافية فقد بحثنا هذه المسألة خلال الإجابة على سؤال سابق فيرجى مراجعته.
  3. أما نجاسة الميت فالمسلم لا ينجس حيًا ولا ميتًا.

عن أبي هريرة: ” أن النبي صلى الله عليه وسلم لقيه في بعض طريق المدينة وهو جنب فانخنست منه فذهب فاغتسل ثم جاء فقال أين كنت يا أبا هريرة قال كنت جنبا فكرهت أن أجالسك وأنا على غير طهارة فقال سبحان الله إن المسلم لا ينجس “. رواه البخاري ( 279 )  ومسلم ( 371 ).

* قال الشوكاني معلقًا على هذا الحديث:

وحديث الباب يعني حديث أبي هريرة المذكور آنفًا أصل في طهارة المسلم حيا وميتا أما الحي فإجماع وأما الميت ففيه خلاف فذهب أبو حنيفة ومالك ومن أهل البيت الهادي والقاسم والمؤيد بالله وأبو طالب إلى نجاسته وذهب غيرهم إلى طهارته واستدل صاحب ” البحر ” للأولين على النجاسة بنزح زمزم من الحبشي وهذا مع كونه من فعل ابن عباس كما أخرجه الدارقطني عنه وقول الصحابي وفعله لا ينهض للاحتجاج به على الخصم محتمل أن يكون للاستقذار لا للنجاسة ومعارض بحديث الباب وبحديث ابن عباس نفسه عند الشافعي والبخاري تعليقا بلفظ ” المؤمن لا ينجس حيا ولا ميتا ” وبحديث أبي هريرة المتقدم وبحديث ابن عباس أيضا عند البيهقي أن ميتكم يموت طاهرًا فحسبكم أن تغسلوا أيديكم وترجيح رأي الصحابي على روايته عن النبي صلى الله عليه وسلم ورواية غيره من الغرائب التي لا يدري ما الحامل عليها. ” نيل الأوطار ” ( 1 / 27 ).

  1. تحديد السائلة للزمن الذي تنفخ فيه الروح بثمانين يومًا لعلها سمعت أو قرأت أن الروح تنفخ بعد الثمانين، وهذا القول هو أحد أقوال أئمة العلم.

* قال الإمام الطبري رحمه الله تعالى:

عن ابن عباس وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قوله { هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء } قال: إذا وقعت النطفة في الأرحام طارت في الجسد أربعين يوما ثم تكون علقة أربعين يوما ثم تكون مضغة أربعين يوما فإذا بلغ أن يخلق بعث الله ملكا يصورها فيأتي الملك بتراب بين أصبعيه فيخلطه في المضغة ثم يعجنه بها ثم يصورها كما يؤمر فيقول أذكر أو أنثى أشقي أو سعيد وما رزقه وما عمره وما أثره وما مصائبه فيقول الله ويكتب الملك فإذا مات ذلك الجسد دفن حيث أخذ ذلك التراب. ” تفسير الطبري ” ( 3 / 169 ).

ووجه الاستدلال بالحديث أن التصوير يكون في مرحلة المضغة التي تكون حسب الحديث المذكور بعد ثمانين يومًا.

والحديث هذا لا يصح علته أسباط بن نصر الهمداني والسدي.

و لكن قال بعض العلماء أن المدة أربعة أشهر أي مئة وعشرون يومًا واستدلوا بحديث عن عبدالله حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق قال: “إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يبعث الله ملكا فيؤمر بأربع كلمات ويقال له اكتب عمله ورزقه وأجله وشقي أو سعيد ثم ينفخ فيه الروح فإن الرجل منكم ليعمل حتى ما يكون بينه وبين الجنة إلا ذراع فيسبق عليه كتابه فيعمل بعمل أهل النار ويعمل حتى ما يكون بينه وبين النار إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة “. رواه البخاري ( 3036 ) ومسلم ( 2643 ).

فاستدل معظم العلماء و عامتهم بهذا الحديث على أن المدة أربعة أشهر حيث جعلوا كل مرحلة من المراحل في أربعين يومًا.

و الصحيح أن المدة التي يمكث فيها الجنين حتى تنفخ فيه الروح هي أربعون يومًا والدليل على ذلك:

1 – أن رواية الإمام مسلم عن عبد الله قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق: ”  إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما ثم يكون في ذلك علقة مثل ذلك ثم يكون في ذلك مضغة مثل ذلك ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد “. رواه مسلم ( 2643 ).

و الاستدلال بالحديث في لفظ ” ثم يكون في ذلك ” أن هذه الرواية بينت ما أجمل في غيرها و وضحت أن النطفة والعلقة والمضغة كلها تكون في أربعين يومًا.

2 – عن حذيفة بن أسيد يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: ”  يدخل الملك على النطفة بعد ما تستقر في الرحم بأربعين أو خمسة وأربعين ليلة فيقول يا رب أشقي أو سعيد فيكتبان فيقول أي رب أذكر أو أنثى فيكتبان ويكتب عمله وأثره وأجله ورزقه ثم تطوى الصحف فلا يزاد فيها ولا ينقص  “.  رواه مسلم  ( 2643 ).

– وهذا الحديث واضح فيه أن التصوير و إرسال الملك يكون بعد الأربعين الأولى.

 

والله أعلم.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

spot_img

أكثر الفتاوى شهرة