هل معنى أن الله قدر الزواج قبول من يتقدم للزواج مع رفض الأهل؟

السؤال

قيل لي في عدة مناسبات أن الزواج مقدّر ولا تستطيع تغييره، معنى هذا إذا قُدّر لك أن تتزوج امرأة فسوف تتزوجها، إذا كان هذا الواقع فهل نقبل بمن يتقدم للزواج ولكن الوالدين غير موافقين؟

أنا أسأل هذا السؤال لأنّني ضد الزواج من الأقارب؛ لأنّه بالفعل سبب تمزق في العائلة وسوف يزداد مع استمرار هذا الزواج، الأسباب ضد هذا الزواج واقعة.

– أرجو النصيحة.

الجواب

الحمد لله

أولا:

كل شيء قدَّره الله أزلا كما قال تعالى: { إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ } [ القمر / 49 ]، وكما قال النّبي صلى الله عليه وسلم: ” إنّ أولَّ ما خلق الله القلم فقال له: اكتب، فجرى بما هو كائن إلى الأبد” رواه الترمذي ( 3319 ) وصححه، لكن هذا لا يعني عدم الأخذ بالأسباب التي أمر الله تعالى بالأخذ بها، وفي مسألتنا هذه قدَّر الله أزلا كون هذه المرأة لهذا الرجل والعكس، ومع هذا فإن الشرع قد حثَّ الزوج على حسن الاختيار، وأخبر أنّ المرأة تُنكح لمالها وجمالها وحسبها ودينها، وأن عليه أن يظفر بذات الدين، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” تُنكح المرأة لأربعٍ: لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك”. رواه البخاري ( 4802 ) ومسلم ( 1466 ).

– وكذا أوصى الشرعُ أولياءَ المرأة أن يختاروا صاحب الدين والخلُق لمولياتهم.       

عن أبي حاتم المزني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض “. رواه الترمذي (1084) وحسنه الشيخ الألباني في ” إرواء الغليل ” ( 1868 ).

وقد عرض عمر بن الخطاب ابنته حفصة على عثمان بن عفان وعلى أبي بكر الصدِّيق – رضي الله عنهما – كما رواه البخاري ( 3783 )، ولو كان كل ذلك قد قدَّره الله تعالى إلا أنه لا ينافي وجوب البحث والأخذ بالأسباب.

ثانيا:

لا يجوز للمرأة أن تزوج نفسها بنفسها، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” لا تُزوِّج المرأةُ المرأةَ، ولا تُزوِّج المرأةُ نفسَها؛ فإنّ الزانية هي التي تزوج نفسها ” رواه ابن ماجه (1882).

ويجب موافقة ولي المرأة كما جاء ذلك مصرَّحًا في كتاب الله تعالى في مثل قوله تعالى:{فلا تعضلوهن}، وقوله: { ولا تُنكحوا المشركين حتى يؤمنوا }، وقوله: { وأنكحوا الأيامى منكم }، والخطاب في الآيات كلها إنما هو للأولياء.

ولا يصح العقد بدون إذن الولي، كما جاء عن أبي موسى قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ” لا نكاح إلا بولي ” رواه الترمذي (1101) وأبو داود (2085) وابن ماجه (1881).

– وقد سبق بيان هذه المسألة في أكثر من جواب.

ثالثا:

أما زواج الأقارب فإنّه قد يكون سببا لزيادة الترابط بينهم، ولا يكون سببا لتمزق الأواصر بينهم إلا إن كانوا بعيدين عن الشرع، فلو حصل طلاق – مثلا – بين الزوجين وكانا من الأقرباء فإن هذا سيكون سببا لتمزق أواصر العلاقة بينهم، وما ذلك إلا بسبب جهلهم وبعدهم عن شرع الله تعالى؛ فإن الطلاق أمر من شرع الله تعالى وليس هو حرامًا ولا منكرًا، بل هو سبب لبقاء الرابطة بين الأقرباء كما قال تعالى: { وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلّاً مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعا حَكِيما } [النساء/130].

 

– أما عند التسليم بقدر الله وعند العلم بحكمة الشرع في أحكامه فإن هذا التمزق لا يكون بالطلاق فضلا عن الزواج.

 

والله أعلم.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

spot_img

أكثر الفتاوى شهرة