ما معنى الرشوة؟ وهل يجوز دفعها لاسترداد الحق؟

السؤال

قدمت على البلديه لطلب أرض حيث أننى لا أملك أرضًا وانتظرت فترة طويلة، وكلما كلمت البلديه قالوا ” باقي، ما جالك شي انتظر “، وكنت أعرف واحدًا قال لي: ” عطنى ألفين ريال واطلِّع لك الأرض “، وقال لي: ” بعطى الفلوس لموظف قسم الأراضى وبعد ما تطلع الأرض تعطيه ثلاث آلاف “، وعطيته ألفين  وطلع الأرض.

ما هو رأي فضيلتكم فيما فعلت؟ وهل الأرض حلال أو حرام؟ أرجو الرد على سؤالي والاهتمام به؟

الجواب

الحمد لله

يختلف الحكم باختلاف أمرِك، فإن كنتَ صاحب حقٍّ وتعطَّل خروج صك الأرض من قبَل موظفي البلديَّة: فإنه يجوز في هذه الحال دفع مالٍ لأخذ حقك، وتكون رشوة في حقهم دونك، وإن لم تكن صاحب حقٍّ أو كنتَ تريد أخذ ما ليس من حقك: فيحرم عليك الدفع ويحرم عليهم الأخذ.

فالرشوة كبيرة من كبائر الذنوب، وقد لعن النبيُّ – صلى الله عليه وسلم – الراشي، والمرتشي.

عن عبد الله بن عمرو قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي.

رواه الترمذي ( 1337 ) وقال: حسن صحيح، وأبو داود ( 3580 ) وابن ماجه ( 2313 ).

والرشوة هي: ما يُدفع لإحقاق باطل، أو إبطال حقٍّ، أما إذا كانت من أجل دفع باطل أو إحقاق حق: فلا تسمى رشوة من قَل الدافع، وتكون محرَّمة على الآخذ دون الدافع.

قال ابن الأثير:

فالراشي: مَن يُعطي الذي يعينه على الباطل، والمرتشي: الآخذ، والرائش: الذي يسعى بينهما يستزيد لهذا ويستنقص لهذا، فأما ما يُعطى توصلًا إلى أخذِ حقٍّ أو دفع ظلمٍ: فغير داخل فيه، روي أن ابن مسعود أُخذ بأرض الحبشة في شيءٍ فأَعطى دينارين حتى خُلِّي سبيله، ورُوي عن جماعة من أئمة التابعين قالوا: لا بأس أن يصانع الرجل عن نفسه وماله إذا خاف الظلم.

” النهاية في غريب الحديث ” ( 2 / 226 ).

قال الشيخ محمد الصالح بن عثيمين – رحمه الله -:

يجب أن تعلم أن الرشوة المحرَّمة هي التي يتوصل بها الإنسان إلى باطل، كأن يرشي القاضي – مثلًا – ليحكم له بالباطل، أو يرشي الموظف ليسامحه على أمرٍ لا تسمح به الدولة، أو ما أشبه ذلك، هذا هو المحرَّم.

أما الرشوة التي يتوصل بها الإنسان إلى حقِّه، كأن لا يمكنه الحصول على حقِّه إلا بشيءٍ من المال: فإن هذا حرام على الآخذ، وليس حرامًا على المُعطي؛ لأن المعطي إنما أعطى من أجل الوصول إلى حقِّه، لكن الآخذ الذي أخذ تلك الرشوة هو الآثم لأنه أخذ ما لا يستحق.

” فتاوى إسلاميَّة ” ( 4 / 302 ).

ولا يمتنع في الشرع كون الحرمة من جهة دون الأخرى المقابلة، فمن احتاج لضراب فحل عند غيره: فإنه يجب على صاحب الفحل بذل ذلك دون مقابل – لتحريم الشرع أخذ أجرة ضراب الفحل -، ومن احتاج كلب حراسة أو غنم فلم يجده إلا عند من يطلب له ثمنًا: فإنه يحرم عليه أخذ ثمن الكلب لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ثمنه.

– فإن لم يتيسر الأمر في الحالتين السابقتين إلا ببذل الثمن: فيحرم على الآخذ دون الباذل.

قال ابن القيم:

وهذا أصل معروف من أصول الشرع أن العقد والبذل قد يكون جائزًا أو مستحبًّا أو واجبًا من أحد الطرفين، مكروهًا أو محرَّمًا مِن الطرف الآخر، فيجب على الباذل أن يبذل، ويحرم على أن يأخذه. ” زاد المعاد ” ( 5 / 792 ).

 

والله أعلم.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

spot_img

أكثر الفتاوى شهرة