شبهة الصوفية على الرقص في الذِّكر

السؤال

ما صحة ما ينسب لأبي بكر الصديق من أنه لما بشره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة قام فرحًا وفتل (دار حول نفسه ) فرحًا؟.

ومنها يأخذ الصوفية المولوية الذين يدورون حول أنفسهم بطريقة عجيبة قد تصل لمدة ربع ساعة وهي منتشرة في تركيا والشام ومصر.

الجواب

الحمد لله

استدل الصوفية على رقصهم ووجدهم ببعض أدلة، ومنها حديث عن أبي بكر، وعن جعفر بن أبي طالب – رضي الله عنهم -.

  • أما حديث أبي بكر:

عن ابن عمر قال: كنتُ عند النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أبو بكر الصديق وعليه عباءة قد خلَّها – أي: عقدها – في صدره بخِلال، فنزل جبريل فقال: ما لي أرى أبا بكر عليه عباءة قد خلَّها في صدره بخلال؟ فقال: أنفَقَ ماله عليَّ قبل الفتح، قال: فإن الله يقول: اقرأ عليه السلام، وقل له: أراض أنت عني في فقرك هذا أم ساخط؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله يقرأ عليك السلام ويقول لك: أراضٍ أنت عني في فقرك هذا أم ساخط؟ فقال أبو بكر رضي الله عنه: أسْخط على ربي عز وجل؟ إني عن ربي راض.

رواه البغوي في ” التفسير ” ( 4 / 295 ). وهو حديث موضوع، فيه العلاء بن عمرو الحنفي، قال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به بحال، وقال الأزدي: لا يكتب عنه بحال.

وقد ذكر هذا الحديثَ الذهبيُّ في ” ميزان الاعتدال ” ( 5 / 127 )، وقال: هو كذب.

وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية:

هل تخلل أبو بكر بالعباءة؟ وتخللت الملائكة لأجله بالعباءة أم لا؟.

فأجاب:

الحمد لله، لم يتخلل أبو بكر بالعباءة، ولا الملائكة تخللوا بالعباءة، وذلك كذب، والله أعلم.

” مجموع الفتاوى ” ( 11 / 107 ).

  • وأما حديث جعفر:

عن علي – رضي الله عنه – قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وجعفر وزيد قال: فقال لزيد: أنت مولاي فحجل، قال: وقال لجعفر: أنت أشبهتَ خلْقي وخلُقي، قال: فحجل وراء زيد، قال: وقال لي: أنت منِّي وأنا منك، قال فحجلتُ وراء جعفر “. رواه أحمد ( 2 / 213 ).

قال شعيب الأرناؤط: إسناده ضعيف، هانئ بن هانئ تقدم القول فيه، … ومثله لا يحتمل التفرد، ولفظ ” الحجل ” في الحديث منكر غريب.

ج. قال ابن القيم – في سياق ذكر رجوع جعفر من الحبشة -:

وأما ما روي في هذه القصة أن جعفرًا لما نظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم حجل – يعني: مشى على رجل واحدة – إعظامًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وجعله أشباه الدِّباب الرقَّاصون أصلًا لهم في الرقص: فقال البيهقي – وقد رواه من طريق الثوري عن أبي الزبير عن جابر -: وفي إسناده إلى الثوري من لا يعرف.

قلتُ: ولو صحَّ لم يكن في هذا حجة على جواز التشبه بالدِّباب، والتكسر، والتخنث في المشي المنافي لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإن هذا لعله كان من عادة الحبشة تعظيماً لكبرائها كضرب الجوك عند الترك ونحو ذلك، فجرى جعفر على تلك العادة وفعلها مرة، ثم تركها لسنَّة الإسلام، فأين هذا من القفز، والتكسر، والتثني، والتخنث؟ وبالله التوفيق.

” زاد المعاد ” ( 3 / 333 ، 334 ).

 

والله أعلم.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

spot_img

أكثر الفتاوى شهرة