وقفة مع مقطع اليتيمتين السوريتين

                      وقفة مع مقطع اليتيمتين السوريتين
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
لا يخفى عليكم ما حصل قبل أيام من انتشار مقطع لطفلتين سوريتين يتيمتين في الشمال السوري وشكواهما من البرد و الجوع.
وقد دفع هذا المقطع ببعض أهل الخير للفزعة لهما وتم لهما ما أرادا من الكسوة و الدفء والطعام.
و تعليقي :
١. جزى الله خيرا كل من ساهم و سعى و بذل وأجره على الله بقدر نيته وبذله.
٢. مشكلة “الفزعة” هذه أنها لا تكون إلا عند مصيبة ولا تكون إلا لمن انتشر حالهم، وهذان الأمران هما سبب كتابتي هذه.
فقد تعود القائمون على عمل الخير في الإغاثة على دعوة الناس للتبرع والقيام على شؤون اللاجئين والمهجرين قبل حلول الكارثة من برد شديد أو صيف حار، وللأسف لا يستجيب كثيرون إلا بعد موت أناس أو غرقهم ! وإلى أن تصل تبرعاتهم ويشترى بها ما يحتاجه أولئك تكون المأساة قد زادت واشتدت.
والأمر الآخر أنهم يفزعون كلهم لأصحاب المقطع المنتشر ! دون غيرهم حتى لو كانوا أسوأ حالا منهم، وفي ذلك مفاسد كثيرة، منها :
١. وقوع الحسد والبغضاء من جيرانهم و أصدقائهم عندما يرون الخير قد تكدس عند هؤلاء دون غيرهم.
٢. الإعطاء بأكثر من الحاجة.
٣. تصوير الحدث أنه تم بذلك الإعطاء المطلوب من أهل الخير.
٤. حرمان أهل العفاف والستر من الذين لا يرضون لبناتهم ونسائهم من الظهور والتصوير، وممن تأبى كرامتهم من الرجال أن يظهر مستعطفا طالبا.
وقد حصلت هذه المفاسد كلها سابقا و تكررت و ستبقى ما دام ثمة من لا ينتبه و يعقل الأمر و يستجيب لعقلاء القائمين على الإغاثة.
وأذكر بالمقطع الذي كان في “دولة عربية” وقد ظهر فيه رجل كبير في السن يأخذ خبزا من “حاوية قمامة”، ولي معرفة تامة بخبر وأثر هذا المقطع وصاحبه للنهاية.
فقد تأثر به كل من شاهده وفزع له كثيرون جزاهم الله خير الجزاء، وقلنا لمن اتصل بنا لدعمه وإغاثته إن الرجل قد كفل كفالة تامة من بيت و أثاث وطعام و شراب و راتب شهري فكان كلهم يصر على الدعم ! وكنا نقول لهم يوجد من هو أحوج منه فيقول أريد هذا الرجل ! ونقول لهم يوجد جرحى لا يجدون علاجا، وأسرٌ قطعت عنهم الكهرباء لعدم دفعهم فواتيرها فيقول أريد هذا الرجل ! ونقول لهم يوجد نساء عفيفات لا يمكن أن تشكو حالها بمقطع وتفضّل الموت على هذا وهي أحوج ما تكون فيقول أريد هذا الرجل !.
ومع أن القائم على الأسر والعارف بحاجاتهم هو من ينبغي أن يستشار ويؤخذ بقوله إلا أنك تجد سذاجة عجيبة من بعضهم في إصرار على أمر ليس فيه ذلك النفع المرجو مع وجود من هو أولى بكثير.
وها هو الأمر يتكرر مع مقطع الفتاتين، والأصل أنه من علم أنه قد تم كفالة أسرتهما أن يتوجه بالدعم لمخيمهما و جيرانهما وأهل منطقتهما ليكونا سببا لخير يعم من حولهم فيصيرا سببا للألفة والمحبة بدلا من الحسد والبغضاء والغنى المفاجئ والذي قد يكون ضارا غير نافع.
وهكذا كنا نقول لمن يخصص أهل شقة في عمارة أيتام أو أرامل دون باقيها إنك تفسد بينهم ولا تصلح، ولو أنك تكرم جيران الأسرة (وهم مستحقون) بسبب تلك الأسرة لكنت سببا عظيما لألفة و محبة أسر تلك العمارة بعضهم لبعض.
كتبت هذا وأرجو أن أرى أثره الطيب فيما يأتي من أحداث، وسأنشر مقطعا لأبين عمليا ما ذكرته نظريا من بعض حال من يعيش في منطقة تلك الفتاتين اليتيمتين اللتين أبكتا قلوبنا قبل أعيننا، وفرحنا بعدها لفرحهما.

رابط المقطع :

https://t.me/ihsan_alotibie/4228
والله الموفق لا رب سواه
                                        وكتبه :
                           أبو طارق إحسان العتيبي
                            ١٧ جمادى الأولى ١٤٤٤ هـ
                                 ١١ ديسمبر ٢٠٢٢ م

2 تعليقات

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

ابقَ على إتصال

2,282المشجعينمثل
28,156أتباعتابع
8,850المشتركينالاشتراك

مقالات ذات صلة