كيفية دفع الوساوس الشركية؟.

السؤال

أبلغ من العمر 18 عاما، وقد بدأت مؤخرا في التمسك الكامل بالإسلام، وحيث أن والداي غير مسلمَين، كان علي تعلم كل شيء تقريبا بمفردي. ومع أني أؤمن بالله وبمحمد صلى الله عليه وسلم طول حياتي، فإن مشكلتي تكمن في ذلك.  فبعد أن بدأت أتعلم الكثير عن الإسلام وبدأت في ممارسة شعائره بشكل كامل مؤخرا، وجدت نفسي أمام أفكار تدور في ذهني.  فأنا أسمع صوتا يقول مثلا “إن الله لا وجود له. هذا مضيعة للوقت.” لم تكن مثل هذه الأفكار تدور في ذهني وأنا في ضعف من الإيمان من قبل، لكني وأنا أقوى روحيا الآن أجد هذه الأفكار وهي تزعجني كثيرا بسبب أني لا أريد الوقوع في الشرك. وأخاف من أني أرتكب ذنبا بتفكيري في الأمر. أعلم أن الشيطان هو الذي يفعل ذلك بي وأكاد أشعر باستحواذه علي. ماذا أفعل؟ هل هناك ما أقوله لأتخلص من تلك الأفكار؟ وسأقدر مساعدتك.

الجواب

الحمدلله

إن هذا الصوت الذي تسمعه  هو حديث نفسٍ، وهذه النفس ينبغي أن تُقوَّم بالعلم، وتهذَّب بالكتاب والسنة، والإيمان بما جاء بهما مثبِتًا ما أثبته الله لنفسه ورسوله، مؤمنًا بلا تردد ولا تشكك، نافيًا ما نفاه الله عن نفسه ورسوله صلى الله عليه وسلم، مع عدم الاسترسال مع حديث النفس مع قلة العلم.

فإن استمر حديث النفس فاعلم أن منبعه من الشيطان فالزم حينئذ قول النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: ” لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال هذا خلق الله الخلق فمن خلق الله؟ فمن وجد من ذلك شيئاً فليقل آمنت بالله “.

وفي رواية: ” يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا وكذا؟ حتى يقول له: من خلق رَبَّكَ؟ فإذا بلغ ذلك فليستعذ بالله ولينته “. رواه البخاري (3102)  ومسلم من حديث أبي هريرة (341و342و343).

* ففي هذه الأحاديث:

بيان مصدر هذا السؤال، وهو: الشيطان.

* وبيان علاجه ورده، وهو:

  • أن ينتهي عن الانسياق وراء الخطرات وتلبيس الشيطان.
  • وأن يقول ” آمنتُ بالله ورسله “.

ج. وأن يستعيذ بالله من الشيطان.

وقد جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به قال: “وقد وجدتموه؟ قالوا: نعم. قال: “ذاك صريح الإيمان” رواه مسلم عن أبي هريرة برقم (338)، وفي رواية له: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الوسوسة قال: “تلك محض الإيمان”  (340).

   * قال الإمام النووي رحمه الله تعالى:

أما معاني الأحاديث وفقهها فقوله صلى الله عليه وسلم ” ذلك صريح الإيمان ” و” محض الإيمان ” معناه: استعظامكم الكلام به هو صريح الإيمان، فان استعظام هذا وشدة الخوف منه ومن النطق به فضلًا عن اعتقاده إنما يكون لمن استكمل الإيمان استكمالًا محققًا وانتفت عنه الريبة والشكوك، وقيل: معناه أن الشيطان إنما يوسوس لمن أيس من إغوائه فينكد عليه بالوسوسة لعجزه عن إغوائه وأما الكافر فإنه يأتيه من حيث شاء ولا يقتصر في حقه على الوسوسة بل يتلاعب به كيف أراد.

فعلى هذا معنى الحديث: سبب الوسوسة محض الإيمان أو الوسوسة علامة محض الإيمان وهذا القول اختيار القاضي عياض.

وأما قوله صلى الله عليه وسلم: ” فمن وجد ذلك فليقل آمنت بالله “، وفي الرواية الأخرى ” فليستعذ بالله ولينته ” فمعناه: الإعراض عن هذا الخاطر الباطل والالتجاء إلى الله تعالى في إذهابه، وليعلم أن هذا الخاطر من وسوسة الشيطان وليبادر إلى قطعها بالانشغال بغيرها، قال الإمام المازري رحمه الله: ظاهر الحديث أنه صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يدفعوا الخواطر بالإعراض عنها والرد لها من غير استدلال ولا نظر في إبطالها.

قال: والذي يقال في هذا المعنى أن الخواطر على قسمين: فأما التي ليست بمستقرة ولا اجتلبتها بشبهة طرأت فهي التي تدفع بالإعراض عنها وعلى هذا يحمل الحديث وعلى مثلها ينطلق اسم الوسوسة فكأنه لما كان أمرًا طارئًا بغير أصل دفع بغير نظر في دليل اذ لا أصل له ينظر ففيه وأما الخواطر المستقرة التي أوجبتها الشبهة فإنها لا تدفع إلا بالاستدلال والنظر في إبطالها، والله أعلم.

” شرح مسلم ” ( 2/333و 334).

 

والله أعلم.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

spot_img

أكثر الفتاوى شهرة