هل وجود بدع في مسجده يمنعه من التبكير في الذهاب لصلاة الجمعة؟

السؤال

توجد عندنا في المغرب بدعة ” قراءة القرآن جماعة بنغمة واحدة ” في يوم الجمعة، وذلك بين الأذان الأول والثاني.

سؤالي هو :

إذا بكَّرت إلى الجمعة مع وجود هذه البدعة، ولا أستطيع إنكارها، فهل أنا آثم بذلك؟ أم يجب عليَّ ألا أذهب حتى الأذان الثاني عندما ينتهون من القراءة؟.

أفيدوني، جزاكم الله خيراً عن المسلمين خير الجزاء.

الجواب

الحمد لله

أولاً:

سبق في جواب آخر حكم قراءة القرآن جماعة بصوت واحد ، وبينَّا هناك أنه غير مشروع ، وأن أقل أحواله الكراهة.

ثانياً:

ولا نرى لك – أخانا الفاضل – التخلف عن التبكير للجمعة من أجل ما في المسجد من بدعة ، فلا تفوِّت على نفسك الأجور العظيمة المترتبة على تبكيرك لصلاة الجمعة من أجل فعلهم ، وإنك إذا انشغلت بقراءة القرآن ، والتسبيح والاستغفار ، وتأملت ما أنت فيه من عبادة : كان وجود أولئك القوم كعدمهم ، فلا تفوِّت على نفسك أجر الساعة الأولى إن استطعت .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ حَضَرَتْ الْمَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ ) . رواه البخاري ( 841 ) ومسلم ( 850 ) .

وثمة خلاف في تحديد بداية الساعة الأولى ، والأظهر أنها أول ساعة بعد طلوع الشمس .

ثالثاً:

وإن تيسر لك الذهاب إلى مسجد آخر ليس فيه تلك البدعة : فهو أفضل ، ولا شك ، بل قد يكون واجباً ، وخاصة إن كنتَ عاجزاً عن إنكارها ، وأنت لا تأثم إن كان هذا هو حالك ، ولكن لا تترك المسجد الذي تقام فيه البدعة فتصلي في بيتك ! فهذا ليس من منهج السلف ولا من فعلهم ، وفي كون الإمام نفسه مبتدعاً يقولون ” صلِّ وعليه بدعته ” ، فكيف أن تترك الصلاة في مسجد فيه بدعة ؟! وقد فشت البدع في كثيرٍ من مساجد المسلمين ، وإن أهل البدع ليفرحون لو ترك أهل السنَّة لهم المساجد ليعيثوا فيها فساداً ، وما يفتي به أهل السنَّة من هجران المساجد التي تقام فيها البدعة فإنما يريدون به تركها للصلاة في غيرها من مساجد تخلو من بدع ومخالفات للشرع .

* وهكذا ينبغي فهم الفتاوى والأفعال الصادرة من علماء السلف وأئمتهم ، ومن أمثلة ذلك:

  1. 1. عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ فَثَوَّبَ رَجُلٌ فِى الظُّهْرِ أَوِ الْعَصْرِ قَالَ اخْرُجْ بِنَا فَإِنَّ هَذِهِ بِدْعَةٌ. رواه أبو داود ( 538 ) وحسَّنه الألباني في ” صحيح أبي داود ” .
  2. سئل الشيخ صالح الفوزان – حفظه الله – :

مسجد تقام فيه بدعة في كل أسبوع ، هل تجوز الصلاة فيه ؟ وإذا أوقفت هذه البدعة هل تجوز الصلاة فيه ؟ .

فأجاب :

أنت لم تذكر نوع هذه البدعة ، ولكن على أي حال : البدع محرمة ، ولا سيما عملها في المساجد التي هي بيوت الله سبحانه وتعالى ، ومواطن العبادة لا يجوز أن تقام فيها البدع ؛ لأن البدع ضد الشريعة ، وضد العبادة ، وهي من عمل الشياطين ، وأتباع الشياطين ، فلا يجوز أن تُعمل البدعة من المسلمين مطلقًا في أي مكان ، ولا سيما في المساجد .

وهذا المسجد الذي تقام فيه بدع : إذا كان بإمكانك أن تزيلها إذا حضرت ، وأن تمنعها : فإنه يجب عليك ذلك ، أن تذهب إلى هذا المسجد ، وتمنع البدع ، وتصلِّي فيه ، تقيم الصلاة فيه ، وتعمره بطاعة الله سبحانه وتعالى ، وبإحياء السنَّة ، وإماتة البدعة.

أمّا إذا كنت لا تقدر على إزالة هذه البدع والمنكرات من المسجد : فعليك أن تلتمس مسجداً آخر ليس فيه شيء من البدع ، وتصلي فيه . ” المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان ” ( السؤال رقم 158 ) .

رابعاً:

ولا تنس واجب النصح عليك تجاههم ، فهم أحوج ما يكونوا إليه ، فتحرَّ العاقل منهم ، وتلطف معه في الإنكار والتبيين ، والإنكار للبدع والمنكرات ليس هو تغييرها ، ولا يقتضي الإنكار التغيير ، فإن قدرت على الإنكار بقولك فلا تقصِّر في ذلك ، ولست مكلَّفاً باستجابتهم ، وقد زالت بدع كثيرة من مساجد المسلمين بفضل الله تعالى ، من خلال ما يسره الله لهم من دعاة عقلاء حكماء ، وكلما زاد العلم : قلَّت البدع ، حتى تندحر ، وتندثر ، ولا تظهر البدع إلا في قوم زهدوا في العلم ، ورضوا بالجهل سبيلا لهم وطريقاً .

– وقد بينا في أجوبة أخرى الطريقة المثلى لدعوة تارك الصلاة والتعامل مع المبتدع .

 

والله أعلم.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

spot_img

أكثر الفتاوى شهرة