يسأل عن صحة حديث: ” يا علي لا تنم حتى تأتي بخمسة أشياء “. وهل يقول: لصديقه يا خليلي؟

السؤال

وصلني عبر البريد هذا الكلام:

حديث موضوع مكذوب على خير البرية عليه الصلاة والسلام ، وقد رأيته في أكثر من منتدى .

– ومن يكتبه يقول : وصلني عبر البريد .

وهذا نص الحديث :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

” يا علي لا تنم حتى تأتي بخمسة أشياء هي : قراءة القرآن الكريم كله ، التصدق بأربعة آلاف درهم ، حفظ مكانك في الجنة ، إرضاء الخصوم .

فقال علي : وكيف يا رسول الله  – صلى الله عليه وسلم – ؟

– قال رسول الله صلى الله علية وسلم : أما تعلم يا علي أنك :

إذا قرأت ( قل هو الله أحد ) ثلاث مرات كأنك قرأت القرآن كله ؟ وإذا قرأت (سورة الفاتحة ) أربع مرات كأنك تصدقت بأربعة آلاف درهم ؟ وإذا قلت ” لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو على كل شيء قدير ” عشر مرات فقد حفظت مكانك في الجنة ؟ ، وإذا قلت ” أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه ” عشر مرات فقد أرضيت الخصوم ؟ .

ثم يختمونه بقولهم :

صدق رسول الله صلى الله علية وسلم .

فهذا حديث موضوع مكذوب لا تجوز روايته إلا على سبيل التحذير منه .

أرجو نشره ، ولكم التحية .

وسؤالي هو :

  1. وكيف نعرف إذا كان الحديث موضوع أم لا ؟
  2. وما رأيكم في ذلك . ؟
  3. وهناك سؤال آخر أود معرفته وهو :

إذا قال شخص ما لصديقه أنت خليلي ، أو فلان خليلي ، فما الحكم في ذلك . ؟

أرجو إفادتي ؛ لأني في حيرة من أمري ولا أعرف كيف أرد.

الجواب

الحمد لله

أولاً :

هذا الحديث باطل موضوع .

قال علماء اللجنة الدائمة :

هذا الحديث لا أصل له ، بل هو من الموضوعات ، من كذب بعض الشيعة كما نبَّه على ذلك أئمَّة الحديث . الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي . ” فتاوى اللجنة الدائمة ” ( 4 / 462 ، 463 ) .

وقد سئل عنه الشيخ بن محمد بن صالح العثيمين فقال – رحمه الله – :

هذا الحديث الذي ذكره أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى علي بن أبي طالب رضي الله عنه بهذه الوصايا : كذب موضوع على النبي صلى الله عليه وسلم ، لا يصح أن يُنسب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ لأن ” مَن حدَّث عن النبي صلى الله عليه وسلم بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكذابين ” ، و ” مَن كذب على النبي صلى الله عليه وسلم متعمِّداً فليتبوأ مقعده من النار ” ؛ إلا إذا ذكره ليبيِّن أنه موضوع ويحذر الناس منه ، فهذا مأجور عليه ، والمهم أن هذا الحديث كذب على النبي صلى الله عليه وسلم ، وعلى علي ابن أبي طالب .  فتاوى إسلامية ” ( 4 / 111 ) . والله أعلم.

ثانياً :

ويمكن معرفة الحديث إن كان موضوعاً أو لا بالنظر في سنده أو متنه ، فإن كان في سنده أحد الكذابين : فهو حديث موضوع ، وأما بالنسبة للمتن فيمكن ذلك  – أيضاً –  ولكن يحتاج أكثره لأن يكون عند الناظر خبرة ومعرفة بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الصحيح .

قال الإمام ابن القيم  – رحمه الله – :

وسئلتُ هل يمكن معرفة الحديث الموضوع بضابطٍ من غير أن ينظر في سنده ؟ .

فهذا سؤال عظيمُ القدر ، وإنما يَعلم ذلك مَن تضلَّع في معرفة السنن الصحيحة ، واختلطت بلحمه ودمه ، وصار له فيها ملَكة ، وصار له اختصاصٌ شديدٌ بمعرفة السنن والآثار ومعرفة سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهديه فيما يَأمر به ويَنهى عنه ، ويُخبر عنه ويدعو إليه ، ويحبه ويكرهه ، ويشرعه للأمة ، بحيث كأنه مخالط للرسول صلى الله عليه وسلم كواحدٍ من أصحابه ، فمِثل هذا يَعرف من أحوال الرسول صلى الله عليه وسلم وهديه وكلامه ، وما يجوز أن يُخبر به وما لا يجوز : ما لا يعرفه غيره ، وهذا شأن كلِّ متبعٍ مع متبوعه ؛ فإن للأخص به الحريص على تتبع أقواله وأفعاله من العلم بها والتمييز بين ما يصح أن يُنسب إليه وما لا يصح : ما ليس لمن لا يكون كذلك ، وهذا شأن المقلدين مع أئمِّتهم يعرفون أقوالَهم ونصوصهم ومذاهبهم ، والله أعلم .

” المنار المنيف ” ( ص 43 ، 44 ) .

وما كتبه الإمام ابن القيم – رحمه الله  – بعد ذلك الكلام إلى آخر الكتاب : هو أمثلة متعددة لأحاديث موضوعة في أبواب متفرقة ، مع فوائد متنوعة ، فلينظر فإنه نفيس .

ثالثاً :

لا مانع أن يقول الإنسان لمن يحبه في الله ” أنت خليلي ” ، وقد قال بعض الصحابة تلك الكلمة في حق النبي صلى الله عليه وسلم ، والخُلَّة هي أعلى درجات المحبة .

وأما النبي صلى الله عليه وسلم فإنه ليس له خليل ؛ لأن الله تعالى قد اتخذه خليلاً ، وهذا لا ينافي ما ذكره الصحابة من اتخاذهم له خليلاً ؛ إذ لا يشترط في الخلة أن تكون من الطرفين .

عن أبي ذر قال : سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمس وهو يقول إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل ؛ فإن الله تعالى قد اتَّخذني خليلاً كما اتَّخذ إبراهيم خليلاً ، ولو كنتُ متَّخذاً من أمتي خليلا لاتخذت أبا بكر خليلاً ، ألا وإن مَن كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد إني أنهاكم عن ذلك . رواه مسلم ( 532 ) .

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : أوصاني خليلي بثلاث لا أدعهن حتى أموت : صوم ثلاثة أيام من كل شهر ، وصلاة الضحى ، ونوم على وتر . رواه البخاري (1124 ) ومسلم ( 721 ) .

قال الحافظ ابن حجر :

الخليل : الصديق الخالص ، الذي تخللت محبتُه القلبَ فصارت في خلاله أي : في باطنه , واختلف هل الخلة أرفع من المحبة أو العكس ؟ وقول أبى هريرة هذا لا يعارضه ما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم ” لو كنتُ متخذاً خليلاً لاتخذتُ أبا بكر ” ؛ لأن الممتنع أن يتخذ هو صلى الله عليه وسلم غيره خليلاً لا العكس , ولا يقال إن المخاللة لا تتم حتى تكون من الجانبين لأنا نقول : إنما نظر الصحابي إلى أحد الجانبين فأطلق ذلك , أو لعله أراد مجرد الصحبة أو المحبة . ”  فتح الباري ” ( 3 / 57 ) .

– وقد تكررت العبارة من أبي هريرة  – رضي الله عنه  – أكثر من مرة .

– وقالها الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري في حقه صلى الله عليه وسلم ، كما رواه البخاري ( 1342 ) ومسلم ( 992 ) ، وفي حديث آخر عند مسلم ( 648 ) .

 

والله أعلم.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

spot_img

أكثر الفتاوى شهرة