ألفاظ الطلاق الصريحة والكناية

السؤال

أختي تعيش خارج أمريكا، خلال السنة الأولى من الزواج طلبت من زوجها الطلاق فقال: ” حسنًا لقد أعطيتك طلبك “، كان هذا في عام 1994، وفي عام 2000 وأثناء خلاف بينهما قال لها أطلقك – ” تهديد “؟ كما تظن هي، وفي الأسبوع الأخير من رمضان قالت له أختي: أنا لم أزر أهلي منذ فترة طويلة وهم يعيشون بعيدًا عنا فأرسلني أنا وابنتي لمدينة أهلي فقال وهو غضبان: ” أنت جاهزة للذهاب ” باللغة الأوردية عدة مرات.

أي من هذه الحالات الثلاث يعتبر طلاقًا؟.

الجواب

الحمد لله

اللفظ الذي يقع به الطلاق نوعان: صريح وكناية.

فالصريح:

هو اللفظ الذي يُفهم منه معنى الطلاق عند التلفظ به دون حاجة إلى شيء آخر، فيدخل فيه الألفاظ التي وضعت شرعًا للطلاق، نحو: أنت طالق، وطلقتك، ومطلقة، والألفاظ التي تستعمل عرفًا في الطلاق كلٌّ بحسب بلده.

وحكمه: أن الطلاق يقع به قضاء وديانة؛ لأن صراحته لا تحوجه في الدلالة إلى شيء آخر وراء اللفظ، متى قصد التلفظ به عالمًا بمدلوله ومعناه، وأضافه إلى زوجته.

والكناية:

هي كل لفظ لم يوضع لمعنى الطلاق، ولم يتعارف الناس على استعماله في الطلاق مثل: ” الحقي بأهلك “، أو ” اذهبي إليهم “، فإنه يحتمل الحقي بهم لأني طلقتك، أو ” ابعدي عني الآن “، وغير ذلك من الألفاظ التي لا يُفهم منها الطلاق إلا بالقرينة أو بالنية.

وحكمه: أن الطلاق لا يقع به إلا أن ينوي به المتلفظُ أن يطلِّق به.

فالنبي صلى الله عليه وسلم طلَّق ابنة الجون بقوله ” الحقي بأهلكِ ” كما رواه البخاري (4955 )، وفارق كعب بن مالك زوجته دون أن يطلقها باللفظ نفسه كما رواه البخاري ( 4156 ) ومسلم ( 2769 )، فلا بدَّ حتى يقع الطلاق بمثل هذه الألفاظ أن يقصد المتلفظ بها الطلاق.

قال ابن القيم:

والله سبحانه ذكر الطلاق ولم يعيِّن له لفظًا فعُلم أنه ردَّ الناس إلى ما يتعارفونه طلاقًا، فأي لفظ جرى عرفهم به: وقع به الطلاق مع النية، والألفاظ لا تراد لعينها، بل للدلالة على مقاصد لافظها، فإذا تكلم بلفظٍ دالٍّ على معنى وقصد به ذلك المعنى: ترتَّب عليه حكمه، ولهذا يقع الطلاق من العجمي والتركي والهندي بألسنتهم، بل لو طلَّق أحدهم بصريح الطلاق بالعربية ولم يفهم معناه: لم يقع به شيء قطعًا، فإنَّه تكلَّم بما لا يفهم معناه ولا قصَده، وقد دلَّ حديث كعب بن مالك على أن الطلاق لا يقع بهذا اللفظ وأمثاله إلا بالنيَّة.

والصواب أن ذلك جار في سائر الألفاظ صريحها وكنايتها، ولا فرق بين ألفاظ العتق، فلو قال: غلامي غلام حر لا يأتي الفواحش، أو أمَتي أمةٌ حرَّة لا تبغي الفجور، ولم يخطر بباله العتق ولا نواه: لم يعتق بذلك قطعًا، وكذلك لو كانت معه امرأته في طريق فافترقا، فقيل له: أين امرأتك؟ فقال: فارقتُها، أو سرَّح شعرَها وقال: سرحتُها، ولم يرد طلاقًا: لم تطلق، كذلك إذا ضربها الطَّلق وقال لغيره – إخبارًا عنها بذلك -: إنها طالق: لم تطلق بذلك، وكذلك إذا كانت المرأة في وَثاق فأُطلقت منه، فقال لها: أنتِ طالق، وأراد من الوثاق.

هذا كله مذهب مالك وأحمد في بعض هذه الصور، وبعضها نظير ما نص عليه، ولا يقع الطلاق به حتى ينويه ويأتي بلفظ دال عليه، فلو انفرد أحدُ الأمرين عن الآخر: لم يقع الطلاق ولا العتاق. ” زاد المعاد ” ( 5 / 320 ، 321 ).

والذي يظهر لنا أن الفظ الأول يقع به الطلاق، وأن اللفظ الثاني لا يقع به إذا كان اللفظ للتهديد؛ واللفظ الثالث يقع به الطلاق إن كان قد قصده.

ويقع الطلاق بأي لغة من اللغات كما سبق في كلام ابن القيم.

 

والله أعلم.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

spot_img

أكثر الفتاوى شهرة