درست علم النفس ثم ندمت لأنها تريد تعلم دينها فما هو الطريق؟

السؤال

درست علم النفس بالجامعة وبعد التخرج قدمت على وظيفة في التدريس، ولكن ليس هذا الذي أريده، أريد أن أعرف ديني، أن أحفظ القرآن، أن أكون داعية، أن أدرس السيرة وشعب الأيمان، أن أتعلم كل شيء عن ديني، أن أتقرب إلى الله تعالى، وأن أطلب رضاه، أنا حزينة كل الحزن لأني من البداية لم أعرف هدفي، لكن الوقت لم يف، أرجو منكم أن تقدموا لي النصح؛ لأني مشوشة وحزينة، كيف يفوتني كل هذا؟ لمَ لمْ أبحث عن العلم الذي يقربني من الله ويعرفني به ويقربني لمرضاته؟ لا أريد أن أكون مدرسة ساعدوني أرجوكم.

الجواب

الحمد لله

أولًا:

نشكر لكِ حرصكِ على طلب العلم وتبليغ دين الله عز وجل، فهما أمران واجبان، وعلى كل مسلم أن يبذل قصارى جهده فيهما، ولا ينبغي له التعذر بالعمل أو بالعمر، فالصحابة والسلف الصالح من هذه الأمة بل والمعاصرون لم تمنعهم تجارتهم ولا مهَنهم من طلب العلم والتعليم، وكذا لم يقف كبر عمرهم حائلًا دون تحقيق ذلك.

فباب اطلب العلم مفتوح للجميع في كل الأعمار، وليس هناك عمرًا خاصًّا بطلب العلم، فإن العلم من المهد إلى اللحد.

وهناك الكثير من علماء المسلمين قد تعلموا في سن متأخرة فتعلموا وعلَّموا، بل ونبغوا وصاروا أعلامًا في فنون مختلفة، ومن هؤلاء:

  • يحيى النحوي طلب العلم بعد أن بلغ نيفًا وأربعين سنة، وله تصانيف كثيرة.
  • العز بن عبد السلام بطل معركة ” عين جالوت “، فقد كان أميًّا إلي أن بلغ الخامسة والأربعين من عمره، ثم وقعت له حادثة مؤلمة عزم على أثرها أن يطلب العلم، فتعلم ودرس العلم حتى صار من أئمة العلم.
  • أبو بكر القفال كان أميًّا إلي أن بلغ الثلاثين من عمره ثم عزم على طلب العلم حتى صار إلى ما صار إليه.

* قال الإمام البخاري:

” وقد تعلم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في كِبَر سنهم “، وقيل لعمرو بن العلاء: هل يحسن بالشيخ أن يتعلم؟ قال: إن كان يحسن به أن يعيش فإنه يحسن به أن يتعلم.

ثانيًّا:

وإذا كانت وظيفتكِ شرعيَّة، تدرسين البنات وليس فيها اختلاط: فإننا لا ننصحكِ بتركها، بل ننصحكِ باستغلالها لطلب العلم والتعليم، فستجدين نفسكِ راغبة في الطلب مندفعة إليه إذا كنتِ ترغبين في الدعوة إلى الله وتبليغ دين الله عز وجل.

وقيام مربية مثلك على شئون البنات النفسية أو الاجتماعية فيه خير كثير إذا كان موجَّهًا الاتجاه الصحيح، ولا يصححه إلا العلم الشرعي، فاحرصي عليه، واحرصي على توصيل الفوائد للتلميذات والمدرسات، وستجدين خيرًا كثيرًا إن شاء الله.

وليس التفرغ للعلم نافعًا في كل حال، فقد يصاب الطالب بالملل والسآمة نتيجة تفرغه، ويجد ويجتهد إذا كان عاملًا مكتسبًا.

فتنظيم الوقت، والالتزام بقراءة قليلة في كل فن كل يوم مع حفظ خمس آيات: خير من النهم بشدة أول الأيام ثم سرعان ما تضعف الهمة، وتقل الرغبة، وأحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قلَّت.

والعمُر محدود، فلا ينبغي التفريط فيه، والوقت نعمة عظيمة من نِعم الله عز وجل على عباده، إلا أن الناس فيها مغبونون كما جاء ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ” نعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس: الصحة والفراغ ” – رواه البخاري ( 6049 ) -، وفي الحديث بيان حال الناس أمام هاتين النعمتين وأن أكثرهم لا يقدرونهما حق قدرهما فتضيع أوقات الفراغ لدى هؤلاء دون استثمارها فيما ينفعهم في أي من أمور دينهم أو دنياهم، وهذا هو الخسران المبين.

 

والله أعلم.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

spot_img

أكثر الفتاوى شهرة