حكم لقَطة الحرَم

السؤال

كنت في عمرة ثم وجدت مبلغًا من المال 15 ريال في الغرفة التي أقيم فيها لأبحث عن صاحب المال ولم أجده، وعندما رجعت إلى الرياض تبين لي أنه لا يجوز أخذها فكيف أتصرف فيها الآن؟.

الجواب

الحمد لله

اختلف الفقهاء في لقطة الحرم, فقال الحنفية والمالكية والحنابلة- وهي إحدى الروايتين عن الشافعي- أنها كلقطة الحل, وظاهر كلام أحمد- وهو إحدى الروايتين عن الشافعي-: أن من التقط لقطة من الحرم كان عليه أن يعرِّفها أبدًا حتى يأتي صاحبها; لقوله صلى الله عليه وسلم– كما رواه البخاري ( 1510 ) ومسلم ( 1353 )– من حديث ابن عباس: ” لا تلتقط لقطته إلا من عرفها “، وفي لفظ: ” ولا تحل ساقطتها إلا لمنشد “– رواه البخاري ( 112 ) ومسلم ( 1355 )– من حديث أبي هريرة.

– وهذا القول: هو الصحيح.

* قال ابن القيم:

وقوله ” ولا يلتقط ساقطتها إلا من عرَّفها ” وفي لفظ ” ولا تحل ساقطتها إلا لمنشد “: فيه دليل على أن لقطة الحرم لا تملَّك بحال، وأنها لا تُلتقط إلا للتعريف لا للتمليك، وإلا لم يكن لتخصيص مكة بذلك فائدة أصلًا، وقد اختُلف في ذلك، فقال مالك وأبو حنيفة: لقطة الحل والحرم سواء، وهذا إحدى الروايتين عن أحمد وأحد قولي الشافعي، ويروى عن ابن عمر وابن عباس وعائشة رضي الله عنهم، وقال أحمد- في الرواية الأخرى- والشافعي- في القول الآخر-: لا يجوز التقاطها للتمليك، وإنما يجوز لحفظها لصاحبها، فإن التقطها عرَّفها أبدًا حتى يأتي صاحبها، وهذا قول عبد الرحمن بن مهدي وأبي عبيد، وهذا هو الصحيح، والحديث صريح فيه، والمنشد: المعرِّف، والناشد: الطالب ومنه قوله: ” إصاخة الناشد للمنشد “، وقد روى أبو داود في سننه– ( 1719 )- أن النبي صلى الله عليه وسلم ” نهى عن  لقطة   الحاج “، وقال ابن وهب: يعني يترُكها حتى يجدها صاحبها.

قال شيخنا – أي: ابن تيمية -: وهذا من خصائص مكة، والفرق بينها وبين سائر الآفاق في ذلك: أن الناس يتفرقون عنها إلى الأقطار المختلفة، فلا يتمكن صاحب الضالة من طلبها والسؤال عنها، بخلاف غيرها من البلاد.

” زاد المعاد ” ( 3 / 453 ، 454 ).

*  سئل الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله -:

ما حكم لقطة الحرم؟ وهل يجوز أن يعطيها للفقراء؟ أو ينفقها في بناء مسجد مثلًا؟.

فأجاب:

الواجب على من وجد لقطة في الحرم أن لا يتبرع بها لمسجد، ولا يعطيها الفقراء ولا غيرهم، بل يعرفها دائما في الحرم في مجامع الناس قائلًا: من له الدراهم من له الذهب، من له كذا، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ” لا تحل ساقطتها إلا لمعرف ” وفي رواية إلا لمنشد وهو الذي ينادي عليها، وكذلك حرم المدينة، وإن تركها في مكانها فلا بأس وإن سلمها للجنة الرسمية التي قد وكلت لها الدولة حفظ اللقطة برئت ذمته. ” مجموع فتاوى الشيخ ابن باز ” ( 6 / 398 ).

* وفي موضع آخر قال الشيخ – رحمه الله -:

لقطة الحرم لا يحل أخذها إلا لمن يعرف بها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم ” ولا تحل ساقطتها إلا لمعرِّف ” متفق على صحته.

والواجب على المذكور أن يرد اللقطة المذكورة إلى المحكمة الكبرى بمكة حتى تسلمها للجنة المكلفة بلقط الحرم، وبذلك تبرأ ذمته، مع التوبة إلى الله سبحانه من التقصير إذا كان لم يعرِّفها في المدة الماضية. ” فتاوى إسلامية ” ( 3 / 10 ).

 

والله أعلم.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

spot_img

أكثر الفتاوى شهرة