ما الذي يُزال في ختان الأنثى، وما يترتب على قطع ما لا يجوز قطعه من أحكام

السؤال

قرأت بعض الفتاوى التي توضح حكم وكيفية الختان، جزاكم الله خيرًا.

سؤالي:

1. إذا اختتنت المرأة بحيث تم إزالة القلف بالكامل والبظر بالكامل والشفة الصغرى بالكامل فهل هذا جائز؟.

2. إذا كان هذا الفعل غير جائز فهل للمختتَنة بهذه الطريقة دية قطع عضو؟ وما هي قيمة الدية؟.

الجواب

الحمد لله

أولًا:

لا خلاف بين أهل العلم في مشروعية الختان للذكور والإناث.

* قال ابن حزم – رحمه الله -:

وَاتَّفَقُوا أَن من ختن ابْنه فقد أصَاب، وَاتَّفَقُوا على إباحة الْخِتَان للنِّسَاء.

” مراتب الإجماع ” ( ص 157 ).

وقد اختلف العلماء هل هو واجب أو سنَّة، فقال بعضهم بوجوبه في حق الذكور والإناث، وقال آخرون بسنيَّته، وقال فريق ثالث إنه واجب في حق الذكور وسنَّة ومكرمة في حق الإناث، وهو القول الوسط، وهو قول كثير من العلماء، وهو ما رجحه ابن قدامة المقدسي، حيث قال:

فأما الختان: فواجب على الرجال ومكرمة في حق النساء، وليس بواجب عليهن، هذا قول كثير من أهل العلم. ” المغني ” ( 1 / 63 ).

– وهو قول علماء اللجنة الدائمة.

ثانيًا:

وختان الأنثى منه ما هو جائز، ومنه ما هو محرَّم ممنوع، أما الأول فهو الختان الشرعي، وهو قطع أدنى جزء من جلدة أعلى الفرج، وهي الجلدة التي تكون كعُرف الديك، وهذا الغشاء يغطي بَظْر الأنثى، وأما الثاني فهو الختان الفرعوني، وهو الذي يتعرض للبظر نفسه وللأشفار الداخلية والخارجية، وهذا ليس من الإسلام في شيء، بل هو محرَّم، وهو يؤثِّر تأثير سلبيًّا على شهوة المرأة، ويجعلها وزوجها يعانون في الجماع، ويشق عليها الولادة، ففيه أضرار بدنية، ونفسية، واجتماعية.

ثالثًا:

ولا خلاف بين فقهاء الإسلام في تضمين من أتلف بظر الأنثى أن عليه الدية كاملة، وهي مائة من الإبل؛ لأنه لا يوجد إلا بظر واحد للأنثى، وأن من أتلف أحد شفري الأنثى أن عليه نصف الدية، فإذا أتلف الشفريْن فعليه الدية كاملة.

وفي ” الموسوعة الفقهية ” ( 32 / 92 ، 93 ):

اتفق الفقهاء على أن في الذَّكَر أو الحشفة دية كاملة، وفي شُفر فرج المرأة: نصف الدية، وفي الشُّفرين: دية كاملة. انتهى.

ومَن يضمن مِن ” الخاتنين ” و ” الخاتنات “؟.

– لا شك أن من يقوم بالختان فيتلف البظر أو الأشفار أو نصفها على أقسام:

  1. فمنهم العالِم بما يفعل المتعدي العامد.

وفعل هؤلاء فيه القصاص أو العفو إلى الدية، فيضمنون الدية من أموالهم فيما أتلفوه، مع ترتب الإثم عليهم، وفعلهم يستحقون به القصاص إن أمكن منه، كما إذا أتلفت خاتنة متعمدة شُفري أنثى فيُفعل بها كما فعلت بالطفلة؛ لأنها خرجت بذلك عن كونها خاتنة – أو خافضة – إلى كونها جانية، وأما إن كان الفاعل رجلًا: فالدية كاملة إن أتلف الشُّفرين ونصف الدية إن أتلف واحداً منهما، ويكون هذا كالطبيب الذي تعمَّد قتل المريض فيكون جانيًا مجرمًا لا طبيبًا.

* قال الشيخ عبد القادر عودة – رحمه الله -:

فالطبيب الذي يجرح مريضًا بقصد علاجه يؤدي واجبا كلف به: فعمله مباح، ولكنه إذا جرح المريض بقصد قتله: فهو قاتل، وعمله جريمة. ” التشريع الجنائي في الإسلام ” ( 1 / 470 ).

وفي ” الموسوعة الفقهية ” ( 16 / 78 ):

وفي شُفري المرأة قصاص في الأصح عند الشافعية، والحنابلة، وكذلك عند المالكية إن بدا العظم؛ لأن انتهاءهما معروف، فأشبها الشَّفتين، وجَفني العين. انتهى.

فولي الأنثى المجني عليها يخيَّر بين القصاص من الطبيبة – أو الخاتنة – المتعمدة للجناية وبين استيفاء دية ما أتلفت، أو العفو مجانًّا.

والدية هنا مغلظة، وحالَّة غير مؤجلة، وقدرها مائة من الإبل أو ما يعادلها من المال، وتجب في مال الجاني لا تحملها العاقلة.

* قال ابن قدامة – رحمه الله -:

أجمع أهل العلم على أن دية العمد تجب في مال القاتل لا تحملها العاقلة.

” المغني ” ( 9 / 488 ).

  1. ومنهم الخاتن الجاهل.

وهؤلاء يضمنون الدية من أموالهم فيما أتلفوه، مع ترتب الإثم عليهم.

* قال ابن قدامة – رحمه الله -:

قال الخرقي: ” ولا ضمان على حجام ولا ختان ولا متطبب إذا عرف منهم حذق الصنعة ولم تجن أيديهم “.

وجملته: أن هؤلاء إذا فعلوا ما أُمروا به: لم يضمنوا بشرطين: أحدهما: أن يكونوا ذوي حذق في صناعتهم ولهم بها بصارة ومعرفة؛ لأنه إذا لم يكن كذلك: لم يحل له مباشرة القطع، وإذا قطع مع هذا: كان فعلًا محرَّمًا فيضمن سرايته، كالقطع ابتداء. ” المغني ” (6 / 133 ).

– السراية: ما ترتب على الفعل ونتج منه.

– والضمان في هذه الحال من ماله لا على عاقلته، ويستحق العقوبة التعزيرية.

وفي ” تبصرة الحكام ” ( 2 / 327 ، 328 ) لابن فرحون المالكي – رحمه الله -:

وإن كان الخاتن غير معروف بالختْن والإصابة فيه, وعرَّض نفسه: فهو ضامن لجميع ما وصفنا في ماله, ولا تحمل العاقلة من ذلك شيئًا، وعليه من الإمام العدل العقوبة الموجعة بضرب ظهره وإطالة سجنه, والطبيب والحجام والبيطار فيما أتى على أيديهم بسبيل ما وصفنا في الخاتن. انتهى.

  1. ومنهم العالِم الذي أخطأت يدُه: فهذا يضمن مع عدم ترتب إثم عليه.

* قال ابن قدامة – رحمه الله -:

فأما إن كان حاذقاً وجنت يده مثل أن تجاوز قطع الختان إلى الحشفة، أو إلى بعضها، أو قطع في غير محل القطع، أو يقطع السِّلعة من إنسان فيتجاوزها، أو يقطع بآلة كالَّة يكثر ألمها، أو في وقت لا يصلح القطع فيه، وأشباه هذا: ضمن فيه كله؛ لأنه إتلاف لا يختلف ضمانه بالعمد والخطأ، فأشبه إتلاف المال، ولأن هذا فعل محرم فيضمن سرايته كالقطع ابتداء. ” المغني ” ( 6 / 133 ).

السِّلعة: الغدَّة أو الخَرَاج.

والضمان هنا على عاقلته، وهو مذهب الأئمة الأربعة، بل نقل ابن المنذر الإجماع عليه، فقال:

وأجمعوا على أن قطع الخاتن إذا أخطأ فقطع الذكر والحشفة أو بعضها: فعليه ما أخطأ به، يعقله عنه العاقلة. ” كتاب الإجماع ” ( ص 43 ).

* قال الإمام مالك – رحمه الله -:

الأمر المجتمَع عليه عندنا: أن الطبيب إذا ختن فقطع الحشفة: أن عليه العقْل، وأن ذلك من الخطأ الذي تحمله العاقلة. ” الموطأ ” ( 2 / 852 ).

* قال الزرقاني – رحمه الله -:

” أن عليه العقْل “: الدية كاملة.

” شرح الزرقاني على موطأ مالك ” ( 4 / 221 ).

  1. ومنهم العالِم الذي لم تُخطئ يدُه، وأعطى مهنته حقَّها لكن نتج عن فعله تلف لشيء من أعضاء الأنثى: فهذا لا يضمن ولا يأثم.

* قال ابن القيم – رحمه الله -:

وإن كان الخاتن عارفا بالصناعة وختن المولود في الزمن الذي يختتن في مثله وأعطى الصناعة حقها: لم يضمن سراية الجرح اتفاقًا، كما لو مرض المختون من ذلك ومات .  ” تحفة المودود بأحكام المولود ” ( ص 195 ).

وهذا التقسيم للخاتنين والخاتنات هو نفسه أقسام الأطباء المعالِجين، فلا فرق بين الطبيبة والخاتنة ولا بين الطبيب والخاتن.

 

والله أعلم.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

spot_img

أكثر الفتاوى شهرة