باع تمثالًا مجسَّمًا وجعل ثمنه كله في دفع الزيادة الربوية عن أصدقائه فهل يرتفع عنه الإثم؟

السؤال

شخص باع تمثالًا أثريًّا مجسَّمًا، وهو يعلم أن المال حرام ونجس، ولكنه استغل المال بالكامل في دفع فوائد قروض بنوك ربوية عن أصدقائه، مع تعهدهم بعدم الرجوع للاقتراض الربوي مرة أخرى، فهل الشخص عليه وزر؟

الجواب

الحمد لله

أولًا:

قد ذكرنا في جواب سابق حرمة صناعة التماثيل، وبيَّنا وجوب تكسير الأصنام.

ولا فرق بين أن تكون التماثيل مصنوعة من خشب أو حديد أو جبس، فالحكم فيها واحد، ولا فرق بين كونها قديمة أو حديثة.

ثانيًا:

– وقد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حرَّم بيع الأصنام.

فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ عَامَ الْفَتْحِ  وَهُوَ بِمَكَّةَ ( إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالأَصْنَامِ). رواه البخاري ( 2121 ) ومسلم ( 1581 ).

وعليه: فقد أخطأ خطأ عظيمًا ذلك الشخص الذي تُخبر أنه باع التمثال المجسَّم، وليَعلم أن كسبه محرَّم، ولا يجوز له أن يُنفق به على نفسه، ولا أن يرجع شيء من نفعه عليه، مع وجوب التوبة الصادقة من معصيته.

ولا تشفع له النية الحسنة في التخلص من المال بوجوه خير مختلفة في عدم اكتساب الآثام على بيعه لذلك التمثال المجسَّم؛ فالنية الحسنة لا تشفع للعمل المخالف للشرع خاصة مع علم صاحبها أنه يرتكب بفعله معصية ويكتسب إثمًا.

وليحذر المسلم من مكائد الشيطان كأن يزين له وضع المال في بنك ربوي ليأخذ الفائدة الربوية عليه لينفقها على المحتاجين من المسلمين؛ فإن هذا من أبواب مكر الشيطان بالمسلم، وإنما الأمر بالتخلص من المال المحرَّم للتائب من ذنبه، ففرق بين من يؤمر بالتخلص من المال المكتسب بالحرام بعد توبته، وبين من يتعمد ارتكاب الحرام ليتخلص من أمواله.

* قال علماء اللجنة الدائمة  

ولا يحل للإنسان الإقدام على أخذ الفوائد، ولا الاستمرار في أخذها.

الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الله بن غديان، الشيخ صالح الفوزان، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، الشيخ بكر أبو زيد .” فتاوى اللجنة الدائمة ” ( 13 / 354 ، 355 ).

وعلى كل حال:

فالإثم حاصل بفعله لذلك البيع المحرَّم، وعليه التوبة منه، وقد أحسن في التخلص منه بما لا يرجع نفعه إليه، وقد أحسن بأخذ العهد على أصدقائه بعدم العودة إلى معصية الربا.

* قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -:

ومَن أخذ عوضًا عن عين محرمة أو نفع استوفاه مثل أجرة حمال الخمر وأجرة صانع الصليب وأجرة البغي ونحو ذلك: فليتصدق بها، وليتب من ذلك العمل المحرم، وتكون صدقته بالعوَض كفارة لما فعله؛ فإن هذا العوَض لا يجوز الانتفاع به؛ لأنه عوض خبيث. ” مجموع الفتاوى ” ( 22 / 142 ).

ونسأل الله تعالى أن يأجره على عمله هذا – أي: على أخذه العهد على أصدقائه -، وأنه إذا تاب أن يقبل الله منه توبته ويوفقه لعدم العودة لمثل هذا الفعل.

 

والله أعلم.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

spot_img

أكثر الفتاوى شهرة