هل تجوز المقاطعة والتشويش وقت خطبة الجمعة؟

السؤال

هل تجوز المقاطعة والتشويش وقت خطبة الجمعة؟

الجواب

الحمد لله

أولًا:

الكلام يوم الجمعة والخطيب يخطب على المنبر حرام وفاعل ذلك آثم عاصٍ حتى ولو كان كلامه في ذكر الله في تلك الساعة؛ لأن الخطبة أيضًا ذكر لله؛ لقوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله } [سورة الجمعة /9 ].

والسعي المأمور به يشمل الخطبة والصلاة فكلاهما ذكر لله، وذكر الله من تسبيح وغيره يكون سنة ووقته موسع أما الخطبة والسماع لها فذكر واجب ووقتها ضيق فالانشغال بها خير من الانشغال بغيرها من الطاعات.

فالجمعة سكون وسكوت يجب أن يخشع المصلي بقلبه وجوارحه لما تشمله من الوعظ والعلم الذي يحتاج إليه عوام الناس خاصة أن الخطيب يكون عالم القوم وفقيههم وما ينبغي للمصلي أن ينشغل بالسجاد الذي يجلس عليه أو النظر إلى زخارف المسجد.

حتى ولو كان انشغاله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو من أوسع الواجبات المأمور بها حتى ولو كان بكلمة ( صه ) أو كلمة ( أنصت ) والأدلة على ذلك كمما يلي:

عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” إذا قلت لصاحبك والإمام يخطب يوم الجمعة أنصت فقد لغوت “. رواه البخاري ( 892 ) ومسلم ( 851 ).

– فانظر- رحمك الله – حتى قولك للرجل أنصت وهو أمر بالمعروف ونهي عن المنكر: عدَّه الشارع لغواً يحرم ساعة الجمعة.

بل الأمر أشد من ذلك فاسمع إلى الحديث الذي بعده.

عن أبي الدرداء قال: جلس النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر وخطب الناس وتلا آية وإلى جنبي أُبيّ بن كعب فقلت له: يا أُبيّ متى أنزلت هذه الآية؟ فأبى أن يكلمني ثم سألته فأبى أن يكلمني حتى نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي أبيٌّ: مالك من جمعتك إلا ما لغوت، فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم جئته فأخبرته فقال: ” صدق أُبيّ إذا سمعت إمامك يتكلم فأنصت حتى يفرغ “. رواه ابن ماجه ( 1111 )، وأحمد ( 20780 ). وصححه البوصيري والشيخ الألباني في ” تمام المنة ” ( ص 338 ).

فالسؤال عن الآية يوم الجمعة تحبط من أجر الجمعة فكيف من يتحدث عن تجارته وزراعته وأمور دنياه أو من يجعل ساعة الجمعة ساعة النوم فلا يطيب له أن ينام إلا في ساعة الجمعة.

بل إن تشميت العاطس أو رد السلام في ساعة الجمعة غير جائز يقول الشيخ الألباني عن هذا: ( إذاً حكمهما – يعني تشميت العاطس ورد السلام – في الأصل واحد إما السنة كما في كلام الشافعي أو الوجوب كما هو الراجح عند كثير من العلماء فينبغي التسوية بينهما في المنع أو الجواز وفي ذلك عند الشافعية ثلاثة وجوه ذكرها النووي في المجموع.

 وقال:

الصحيح المنصوص تحريم تشميت العاطس كرد السلام.

قلت : وهذا هو الأقرب لما ذكرته في ” الضعيفة ” تحت الحديث ( 5665 ). تمام المنة  ( ص 335 ).

ثانيًا:

المنع من الحديث والذكر يكون حال كون الخطيب يخطب على المنبر، أما وجود الخطيب على المنبر دون أن يخطب فلا حرمة في الكلام وذكر الله لأنه كما جاء في الحديث السابق ( والإمام يخطب….).

فقيدها بحالة كون الإمام يخطب.

وأما حديث: (( إذا صعد الخطيب المنبر فلا صلاة ولا كلام )): فهو حديث باطل لا أصل له.

* وقال الشيخ الألباني: باطل قد اشتهر بهذا اللفظ على الألسنة وعلق على المنابر ولا أصل له  السلسلة الضعيفة ( 87 ).

ثالثًا:-

– الأسباب التي تبيح الكلام أو الحركة والخطيب يخطب على المنبر:

إذا عرضت للمصلي حاجة لا يستطيع دفعها كالنعاس أو قضاء الحاجة أو وجع يحتاج فيه إلى حركة وعدم سكون والدليل على ذلك حديث: ” إذا نعس أحدكم في المسجد يوم الجمعة فليتحول من مجلسه ذلك إلى غيره “. رواه أبو داود (1119) والترمذي ( 526 )، وصححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة ( 468 ).

–  وهناك زيادة عند البيهقي صححها الألباني أيضا وهي ( والإمام يخطب ).

يجوز له أن يصنع ما يباح في الصلاة كإرشاد الأعمى خشية السقوط أو ما لا بد له من ضرورات الحياة التي قد تؤدي إلى الهلاك أو فوات مصلحة عظيمة كطلب المصلين من الإمام أن يستسقي لهم.

*عن أنس بن مالك قال: أن رجلًا دخل المسجد يوم الجمعة من باب كان نحو دار القضاء ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائماً، ثم قال :- يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله أن يغيثنا فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه …  رواه البخاري ( 967 ) ومسلم ( 897 ).

–  تجوز صلاة تحية المسجد بل تجب، وإن كان الخطيب على المنبر يخطب.

عن جابر بن عبد الله قال جاء رجل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب الناس يوم الجمعة فقال أصليت يا فلان؟ قال: لا، قال: قم فاركع ركعتين. رواه البخاري ( 888 ) ومسلم ( 875 ).

 

والله أعلم.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

spot_img

أكثر الفتاوى شهرة