كحل الإثمد، تعريفه، ومصدره، وفوائده، وضوابط استعماله للنساء والرجال

السؤال

استمعت، ورأيت، حديثًا، بخصوص استخدام الكحل في العين، فقد استخدم النبي محمد صلى الله عليه وسلم الإثمد، وقال: إنه ينمى الرموش، ويزيد من قوة الإبصار، فهل من السنَّة استخدام هذا الكحل؟ وما هو كحل الإثمد ( تعريفه ، وتفسيره)؟ وأين يمكن إيجاده؟ ولدى كحل أحمر اللون مكتوب عليه أنه إثمد، كما كتب على الزجاجة الحديث السابق، وقد اشتراه قريب لي من المملكة العربية السعودية.

الجواب

الحمد لله

أولًا:

الإثمد نوع من أنواع الكحل، وهو أجودها، ويوجد في الحجاز، والمغرب، وأصبهان، وغيرها من الدول، وهو في الأصل ” حَجَر ” أسود يميل إلى الحُمرة، يدق، ويُصنع منه كُحلًا للعينين.

* قال مرتضى الزبيدي – رحمه الله -:

” الإِثْمِدُ ” بالكسر: حَجَرُ الكُحْل، وهو أَسودُ إِلى حُمْرَة، ومعدنه بأَصبهانَ، وهو أَجْوَدُه، وبالمَغْرِب، وهو أَصْلَبُ.  ” تاج العروس ” ( 4 / 468 ).

* وقال المباركفوري – رحمه الله -:

يكون في بلاد الحجاز، وأجوده يؤتى به من أصبهان.

” تحفة الأحوذي ” ( 5 / 365 ).

* وقال ابن القيم – رحمه الله -:

وأجودُه: السريعُ التفتيتِ الذي لفُتاته بصيصٌ، وداخلُه أملسُ ليس فيه شيء من الأوساخ. ” زاد المعاد في هدي خير العباد ” ( 4 / 283 ).

ثانيًا:

جاء في السنَّة النبوية أحاديث صحيحة أن النبي صلى الله عليه وسلم استخدم الكحل، وحثَّ على التكحل بالإثمد خاصة؛ لمزاياه، ومن ذلك:

  1. عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمْ الْبَيَاضَ فَإِنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ وَإِنَّ خَيْرَ أَكْحَالِكُمُ الْإِثْمِدُ يَجْلُو الْبَصَرَ وَيُنْبِتُ الشَّعْرَ ). رواه أبو داود ( 3878 ) والنسائي ( 5113 ) وابن ماجه (3497)، وصححه الألباني في ” صحيح أبي داود “.
  2. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( اكْتَحِلُوا بِالإِثْمِدِ فَإِنَّهُ يَجْلُو البَصَرَ، وَيُنْبِتُ الشَّعْرَ ). رواه الترمذي ( 1757 )، وصححه الألباني في ” صحيح الترمذي “.
  3. وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (عَلَيْكُم بِالإِثْمِد فَإِنَّهُ مَنْبَتَةٌ للشَّعْرِ، مَذْهَبَةٌ للقَذَى، مَصْفَاةٌ لِلْبَصَرِ ). أخرجه الطبراني في ” الكبير ” ( 1 / 109 ، رقم 183 ). وحسَّنه المنذري والعراقي وابن حجر ، انظر ” الترغيب والترهيب ” ( 3 / 89 ) و ” فتح الباري ” ( 10 / 157 ).

– ومعنى ( يجلو البصر ): من الجلاء، أي: يحسِّن النظر، ويزيد نور العين، بدفعه المواد الرديئة المنحدرة من الرأس.

– ( ويُنبت الشعر ) من الإنبات، والمراد بالشعر هنا: الهدب، وهو الذي ينبت على أشفار العين. انظر ” عون المعبود ” ( 11 / 75 ).

ثالثًا:

نصَّ العلماء على استحباب استخدام الكحل، خاصة الإثمد منه.

* قال ابن القيم – رحمه الله – في فوائد الكحل بعامة -:

وفي الكحل: حفظٌ لصحة العين، وتقوية للنور الباصر، وجِلاء لها، وتلطيف للمادة الرديئة، واستخراج لها، مع الزينة في بعض أنواعه، وله عند النوم مزيد فضل؛ لاشتمالها على الكحل، وسكونها عقيبه عن الحركة المضرة بها، وخدمة الطبيعة لها، وللإثمد من ذلك خاصية.

” زاد المعاد ” ( 4 / 257 ).

* وقال – رحمه الله – في فوائد الإثمد خاصة -:

ينفعُ العين ويُقوِّيها، ويشد أعصابَها، ويحفظُ صِحتها، ويُذهب اللَّحم الزائد في القُروح ويُدملها، ويُنقِّي أوساخها، ويجلوها، ويُذهب الصداع إذا اكتُحل به مع العسل المائي الرقيق، وإذا دُقَّ وخُلِطَ ببعض الشحوم الطرية، ولُطخ على حرق النار: لم تَعرض فيه خُشْكَرِيشةٌ – أي: قِشرة -، ونفع من التنفُّط الحادث بسببه، وهو أجود أكحال العين، لا سِيَّما للمشايخ، والذين قد ضعفت أبصارُهم، إذا جُعِلَ معه شيءٌ من المسك. ” زاد المعاد في هدي خير العباد ” ( 4 / 283 ).

وجاءت رواية أنه صلى الله عليه وسلم كان يكتحل في العين اليمنى ثلاثًا، وفي اليسرى مرتين، لكن الرواية ضعيفة، ولذا فمن اكتحل استحب له الوتر في كلتا العينين.

* قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -:

ويستحب أن يكتحل وترًا. ” شرح العمدة ” ( 1 / 225 ).

رابعًا:

والكحل زينة، لذا لا يجوز للمرأة إظهاره أمام الأجانب، كما لا يجوز للرجل أن يقصد التزين به.

* قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله -:

والاكتحال نوعان:

أحدهما: اكتحالٌ لتقوية البصر، وجلاء الغشاوة من العين، وتنظيفها وتطهيرها بدون أن يكون له جمال، فهذا لا بأس به، بل إنه مما ينبغي فعله؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكتحل في عينيه، ولا سيما إذا كان بالإثمد.

النوع الثاني: ما يقصد به الجَمال، والزينة، فهذا للنساء مطلوب؛ لأن المرأة مطلوب منها أن تتجمل لزوجها.

وأما الرجال: فمحل نظر، وأنا أتوقف فيه، وقد يفرَّق فيه بين الشاب الذي يُخشى من اكتحاله فتنه، فيُمنع، وبين الكبير الذي لا يُخشى ذلك من اكتحال، فلا يمنع.

” مجموع فتاوى الشيخ العثيمين ” ( 11 / 73 ).

فعلى ذلك يتبين أن الإثمد نوع من أنواع الكحل، وهو يميل إلى الاحمرار، وله خاصية تقوية البصر، وتنظيف العين، ويستحب استخدامه للرجال والنساء، إلا أنه يكره استخدامه للرجال إذا قصد به الزينة، وتتزين به المرأة لغير الأجانب.

 

والله أعلم.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

spot_img

أكثر الفتاوى شهرة