“أحمد أبو لطيف” ما الجديد الغريب في أمره؟!

“أحمد أبو لطيف” ما الجديد الغريب في أمره؟!

 

الحمد لله.

تعجبتُ مما استنكره عامة المسلمين مما جرى بعد هلاك “أحمد أبو لطيف” المسلم الإسرائيلي! الجندي في الجيش الصهيوني من صلاة الجنازة عليه والدعاء له، بعدما لُف جسده بعلم بلده! وذلك بعد مقتله على يد “أبطال غزة” في تفجير “مخيم المغازي” والذي جاء ليشارك في تفجير بيوت أهل غزة.

وسبب تعجُّبي من حال المسلمين الذين اجتمعت كلمتهم على سبّه والدعاء عليه بل وتكفيره، وكأن هذا الأمر يرونه لأول مرة! وما سبب ذلك إلا تلبيس بعض الخاصة عليهم مِن تعظيم حرمة الدم الفلسطيني دون غيره! ومِن تبشيع العدو الصهيوني دون غيره من أعداء الدين! ولْنراجع مع هؤلاء الصادقين مِن المسلمين العاطفيين وقائع أعظم قبحا وأقبح منظرا مما حصل مع الهالك “أحمد أبو لطيف”.

١. جندي مسلم في الجيش الأميركي ينطلق مِن بلده أميركا التي يحمل جنسيتها وسلاحها ويشارك في حروبها، ينطلق فيقاتل مسلمين أفغان فيقتلهم شرّ قِتلة لأنهم إرهابيون في نظر حكومته الأمريكية! ثم يُقتل على يد مسلم أفغاني فيُلف جسده بعلم بلاده أمريكا ويصلى عليه صلاة الجنازة ويدعى له!

أي الصورتين أعظم قبحا و جرما هذا أم أبو لطيف؟

وهذا الجندي الأمريكي المسلم الهالك كان يقاتل بفتوى مجموعة من المشايخ و المفكرين و القُضاة، وهم:
يوسف القرضاوي، طه جابر العلواني، محمد سليم العوا، طارق البشري، فهمي هويدي، هيثم الخياط.

وما كتبه أولئك في فتواهم لمسلمي الجيش الأمريكي الذين استفتوهم في المشاركة في حرب “بوش الصغير” على دولة “أفغانستان” المسلمة ليس فيه رائحة دين ولا علم، فقد قدّموا الولاء لأمريكا على الولاء للدين، وجعلوا أمريكا تُحقّ الحق وتبطل الباطل وجعلوها مِمَّن تُحقق العدالة، وقالوا للجنود المسلمين:

أثبتوا ولاءكم للدولة التي تحملون جنسيتها بمشاركتكم تلك!

ما رأيكم؟ وأين يجد “أحمد أبو لطيف” مثل هذه الفتوى و هؤلاء المفتين في عمله الإجرامي ذاك؟!

[وسنعرض صَفْحا عن كل ما حصل مِن ملابسات بعد تلك الفتوى بسنوات فنقول: إننا نتكلم عن سنوات عُمل بها بهذه الفتوى وقُتل بها مسلمون سالت دماؤهم في بلدانهم بالسلاح الأمريكي والفتاوى، منه ومن أولئك]

٢. جندي سوري يُنكل بالمسلمين في بلده و يَقتل ما لا يُحصى من أبناء شعبه، ثم يُقتل فيُلف جسده بعلم سورية و يصلى عليه الجنازة و يدعى له!

أي الصورتين أعظم قبحا و جرما هذا أم أبو لطيف؟

وهذا الجندي السوري الهالك كان يفعل ذلك بفتوى “محمد سعيد رمضان البوطي!” والذي أثنى على جيش بلده ووصفهم بـ”الأبطال” وسأل الله! لهم التوفيق و السداد، و جعلهم: (مقسما بالله) في رُتبة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا رعوا حق الله في أنفسهم! وقال إنه يخجل أنه جالس في بيته و لا يشارك معهم!
وليس هذا فحسب بل قد صلّى الجنازة على”باسل الأسد” و شهد له بالصلاح و الإصلاح و بَشَّر أهله أنه في الجنة! و صلّى الجنازة باكيا على المجرم الكبير قاتل ألوف من المسلمين في حماة وحلب “حافظ الأسد” و شهد له بالإيمان!
وكِلاهما: -الأب و ابنه- لُفّت نعوشهم بعلم بلدهم.

ما رأيكم؟ وأين يجد “أحمد أبو لطيف” مثل هذه الفتوى و هذا المفتي في عمله الإجرامي ذاك؟!

٣. جندي مصري يقتل و يُحرّق مسلمين مدنيين في بلده، ثم يُقتل فيُلف جسده بعلم بلده و يصلى عليه الجنازة و يُدعى له، وهذا الجندي قد فَعَل ما فَعَل بفتوى وتحريض مِن:
علي جمعة، سالم عبد الجليل، عمرو خالد، حيث جاء بهم العسكر لِيُطَمْئنوا أفراد الجيش أنَّ ما سيفعلونه مِن القتل للمدنيين مِمَّا تجيزه الشريعة وترغب به، وقد فعلوا ذلك إفتاءً وتحريضا، وفَعَل أولئك قتلا وتحريقا.

ما رأيكم؟ وأين يجد “أحمد أبو لطيف” مثل هذه الفتوى و أولئك المفتين في عمله الإجرامي ذاك؟!

٤. جندي إيراني “قاسم سليماني” يَقتل المسلمين بِلا رحمة، ليس في بلده فحسب بل يتعدّى ذلك إلى بلاد أخرى مسلمة احتلَّتْها بلده، وقد يصل عدد ما قتل وتسبّب بقتله –مئات الألوف من المسلمين الأبرياء– ثم يُقتل فيُلف جسده (أو نعشه) بعلَم بلده ويصلّى عليه ويدعى له!
ولن أقول إنه فَعَل ما فَعَل بفتوى علماء بلده فهذا تحصيل حاصل، لكن ما أقوله هنا إنه وجد مَن يثني على أفعاله ويَترحم عليه ويحكم له بالشهادة مِن خاصة أهل السنة! من علماء ومفكرين ودعاة وقادة مقاومة!
ما رأيكم؟ وأين يجد “أحمد أبو لطيف” مثل هذه الفتوى، وهذا الثناء والحزن والتأثر؟ وأين يجد مثل أولئك المفتين والمتأثرين في عمله الإجرامي ذاك؟!

٥. جندي لبناني من “حزب اللات” يصور نفسه في طائرة حربية يلقي البراميل الحارقة على الشعب السوري بأطفاله ونسائه وشيوخه ومبانيهم ومزارعهم، وقد يصل عدد ما قَتل –عشرات الآلاف من المسلمين الأبرياء– ثم يُقتل فيُلف جسده بعلَم بلده ويصلّى عليه و يُدعى له!
ولن أقول إنه فعل ما فعل بفتوى علماء حزبه فهذا تحصيل حاصل، لكن ما أقوله هنا إنه وجد من يُثني على أفعاله و يَترحم عليه و يحكم له بالشهادة من خاصة أهل السنة! مِن علماء ومفكرين ودعاة وقادة مقاومة!
ما رأيكم؟ وأين يجد “أحمد أبو لطيف” مثل هذه الفتوى، وهذا الثناء والحزن و التأثر؟ و أين يجد مثل أولئك المفتين و المتأثرين في عمله الإجرامي ذاك؟!

والأمثلة كثيرة جدا، تتكرر بعدد البلدان المسلمة المشابهة لهذه، وتتكرر وجود أمثال أولئك المفتين مِن علماء السلطان وعلماء السفارات والغرب والشرق.
والذي جعل الناس تتأثر بفعل المجرم “أحمد أبو لطيف” هو كونه يقاتل في الجيش الصهيوني وكونه يقاتل أهل غزة، والسؤال لكم ما الفرق بينه وبين مَن سبق مِن المجرمين؟ بل كثير ممَّن سبق أعظم جرما منه، ولكنه الإعلام المأجور والإعلام الحزبي فهُما ممَّا ساهم في تعظيم هذا والتقليل أو-الانعدام- مِن شأن غيره مما سبَق، وإلا فالقاتل واحد وإنما اختلفت الأعلام.

والله الموفق لا رب سواه.

وكتبه: إحسان العتيبي أبو طارق.

١٣/رجب/١٤٤٥

٢٥/كانون الثاني/٢٠٢٤

 

 

المقالة السابقةزاد العباد.
المقالة القادمةالتفاؤل في زمن الكروب.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

ابقَ على إتصال

2,282المشجعينمثل
28,156أتباعتابع
8,860المشتركينالاشتراك

مقالات ذات صلة