الشيخان عبد الله عزام و عمر الأشقر والتشيع، قصتان لم ترويا من قبل
الحمد لله
١. زار الشيخ عبد الله عزام رحمه الله “الجامعة الإسلامية” بالمدينة النبوية في بدايات الجهاد الأفغاني ضد الاتحاد السوفيتي (بدأ الجهاد في ٢٧/ ١٢/ ١٩٧٩ وانتهى في ١٥/ ٢/ ١٩٨٩)، وطلب لقاء طلبة الجامعة من الأردن وفلسطين، وكان له ذلك، فتكلم عن الجهاد الأفغاني بما هو معروف في وقته، وفي حديثه كان يدعو إلى (وحدة الصف) حتى لو كان معهم مخالفون كالشيعة -وفي وقتها كانت ثورة الخميني في بدايتها- وأن الذي ينبغي هو توجيه الجهود نحو العدو السوفيتي.
ثم جاء دور الأسئلة، فسأله أحد الطلاب : هل قرأت كتاب “منهاج السنة” لابن تيمية؟ فأجاب الشيخ عبد الله : لا.
قال له الطالب : الذي يليق بالقادة أمثالك هو قراءة هذا الكتاب؛ للوقوف على حقيقة من يكون في صفك في القتال فقد يكون أشد عداء ممن تقاتله.
فقال له الشيخ عبد الله – بتواضع – : أبشر، سيكون، إن شاء الله.
وانتهى المجلس ولم تنته قصتنا :
فلما كان العام الذي بعده طلب الشيخ الأمر نفسه، وحصل اللقاء مع طلبة كم الأردن وفلسطين، وأثناء حديثه معهم قال : أين الطالب الذي نبهني السنة الفائتة على كتاب “منهاج السنة” لابن تيمية، وأنه لا يليق بنا عدم الاطلاع عليه- والتفت الشيخ يمينا وشمالا بحثا عن الطالب ولم يتأكد من شكله، وكان الطالب يحاول التخفي بين الطلبة ظنا منه أن الشيخ سيقرعه -؟
ثم أكمل الشيخ حديثه قائلا : أشكر هذا الطالب الشجاع بالحق، والذي أدى نصحه لي بصدق، وأبشره أنني قرأت الكتاب بتمعن، وأن الحال قد تغير عندي في تعاملي مع الشيعة، وأنني سأكون حذرا جدا منهم؛ ليس لفساد اعتقادهم فحسب بل لخبثهم ومكرهم، وأنه لا يؤمن جانبهم، وأنهم غير صادقين في عداوتهم لغير أهل السنة.
ففرح الطالب كثيرا على أن جعله الله تعالى سببا في تغير قائد مهم في ذلك الجهاد العظيم.
ثم التقيا بعد المجلس فقال له الطالب: أنا هو من نصحك في السنة الفائتة عن الكتاب، فقال له الشيخ : رأيتك وتوقعتك ولم أجزم، فعانقه ودعا له.
[ محدثي بالقصة هو الطالب نفسه، وهو صديق وفيّ، ومن الإخوان ].
٢. في بداية الثورة الخمينية (١٩٧٩م) وانبهار الجماعات الإسلامية السياسية وذهاب طائفة منهم للمباركة والبيعة! عصم الله بعضهم لما كان يحمله من علم مؤصل، وعقيدة راسخة، ومعرفة بحقيقة هذا الدين الشيعي، وكان منهم شيخنا الجليل عمر الأشقر – رحمه الله -.
ولما دعاه طلبته ومحبوه إلى أمريكا لإلقاء محاضرات -وكانت الثورة الخمينية في أولها وأوج قوتها- تكلم الشيخ عنهم اعتقادا ومنهجا وسلوكا وحذر منهم، فغضب بعض الجهلة الحمقى من كلامه وقاطعوا حديثه برفع أصواتهم، حتى قال له أحمق خبيث (أنت عميل)! فغضب الشيخ رحمه الله وقال جملة لم أنسها منذ (٤٥) عاما قال (لست عميلا لأحد وسأقدم هذه الرقبة في سبيل الله).
فانظر كيف واجه الشيخ تلك العاطفة البلهاء بقوة وشجاعة وعلم، وكيف رد على الإساءة من طلابه الذين علمهم ورباهم على الدين كيف زاودوا عليه الحمية للدين والجهاد والشرع.
[ سمعت الكلام في الشريط بنفسي].
هذان الشيخان الجليلان رحمهما الله كان لهما الأثر البالغ في حياتي، الأول في إنشاء أسرة قرآنية وما أعقب ذلك من الخير العظيم، والثاني في العلم الشرعي تحصيلا وتبليغا.
ومما ميزهما: العقيدة الصحيحة والقوة في الحق ولو خالفوا جماعتهم والآراء العاطفية السائدة في زمنهم.
على ذلك أحيا وعليه أموت، أجهر -قدر استطاعتي- بما أراه حقا وصوابا، وأتراجع إن تبين لي الصواب مع المخالف، ولا أهتم بشهرة القول والفعل وكثرة من يمدحهما إن رأيت خلاف ذلك، ولا أهتم بتصنيفي بأي تهمة فأنا أعرف نفسي وأعرف خصمي، متضرعا إلى الله ربي بالتوفيق والسداد والثبات حتى الممات.
كتبه:
أبو طارق إحسان العتيبي
٢٥ ربيع الآخر ١٤٤٦ هـ
٢٨/ ١٠/ ٢٠٢٤ م
انظر:
أنا والشيخ عبد الله عزام قبل ( 18 ) عاماً قصة فيها عبرة