ما التقويم المعتمد في ” بلجيكا ” لتحديد وقت صلاة الفجر؟

السؤال

هنا في ” بلجيكا ” نعتمد في معرفة وقت الفجر على جدول مواقيت الصلاة الذي زودنا به مكتب ” منظمة الإغاثة الإسلامية ” في بروكسل ، ووفقاً لهذا الجدول فإن صلاة الفجر في الثالثة وأربعين دقيقة ، والمشكلة أن هذا الجدول يختلف عن جميع بقية الجداول الأخرى الصادرة من هيئات ومنظمات إسلامية أخرى ، فبقية الجداول تنص على أن الفجر في الرابعة والنصف ، يعني أن الفارق قرابة ساعة ! كما أن أقرب دولة لنا وهي ” هولندا ” يصومون ويصلون الفجر وفقاً للتوقيت الثاني ( الرابعة والنصف ) .

وقد ذهبت إلى بعض أئمة المساجد هنا فسألتهم في هذا الأمر فقال لي أحدهم : اعمل وفقاً للجدول الأول ، أي : كل وأشرب ثم صلِّ الفجر في الثالثة وأربعين دقيقة ، بينما قال لي إمام آخر : اعمل وفقاً للجدول الثاني ، أي : كل واشرب حتى الساعة الرابعة النصف ثم صلِّ الفجر .

لقد احترنا في أمرنا فلا ندري ما هو الصحيح ، كما أننا كأناس عاديين لا نستطيع أن نميّز الفجر الصادق في الأفق ، لسبب أو لآخر ، فما العمل ؟ أي الجدولين ينبغي العمل به ؟ .

الجواب

الحمد لله

جعل الله تعالى للصلوات الخمس علامات كونية يُعرف بها وقت دخول أول أوقاتها وآخره ، فالفجر – مثلاً – يبدأ أول وقته بظهور الفجر الصادق والذي من علاماته أنه يظهر في الأفق معترضاً من الشمال إلى الجنوب ، وأن ضوءه يزداد شيئاً فشيئاً ، وأنه متصل بالأفق ليس بينه وبين الأفق ظلمة ، وينتهي وقت صلاة الفجر بشروق الشمس ، وهكذا يقال في بقية الصلوات ، وليست التقاويم الحسابية أمراً وارداً في الشرع ، فلذا لا يجوز اعتماد أوقاته إذا كانت تتعارض مع العلامات الكونية المشاهدة بالعين ، ويُجزم – حينئذٍ – بخطئها ، ولا يعدو وضعها أن يكون من باب الاجتهاد الظني والذي لا ينبغي أن يخالف اليقين القطعي المشاهَد بالعين .

سئل علماء اللجنة الدائمة :

هل للتقويم الحالي مشروعية أم لا ؟ .

فأجابوا :

التقويم من الأمور الاجتهادية ، فالذين يضعونه بشر يخطئون ويصيبون ، ولا ينبغي أن تناط به أوقات الصلاة والصيام من جهة الابتداء والانتهاء ؛ لأن ابتداء هذه الأوقات وانتهائها جاء في القرآن والسنة فينبغي الاعتماد على ما دلت عليه الأدلة الشرعية ، ولكن هذه التقاويم الفلكية قد يستفيد منها المؤذنون والأئمة في أوقات الصلاة على سبيل التقريب ، أما في الصوم والإفطار فلا يعتمد عليها من جميع الوجوه ؛ لأن الله سبحانه علَّق الحكم بطلوع الفجر إلى الليل ، ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا العدة ) – متفق عليه – .

الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان .

” فتاوى اللجنة الدائمة ” ( 6 / 141 ، 142 ) .

ونحن نعلم أنه لا يتيسر لعامة الناس النظر في العلامات الكونية لمعرفة دخول أوقات الصلوات وأوقات انتهائها ، ولذا فإن اللجوء إلى التقاويم صار أمراً حتميّاً لمعرفة تلك الأوقات، ونحن لا يخفى علينا اختلاف التقاويم في تحديد أوقات الصلوات وخاصة وقت صلاة الفجر، وسبب الاختلاف بينها يرجع لاختلاف واضعيها في تحديد زاوية الشمس تحت الأفق:

فتقويم ” أم القرى “ يعتمد طلوع الفجر عندما تكون الشمس تحت الأفق بزاوية ( 19˚ – ,3019 ˚ ).

وتقويم ” رابطة العالم الإسلامي “ يعتمد الفجر عندما تكون الشمس تحت الأفق بزاوية ( 17 ˚ – 18 ˚ ).

وتقويم ” الاتحاد الإسلامي بأمريكا الشمالية – اسنا – “ يعتمد الفجر عندما تكون الشمس تحت الأفق بزاوية ( 14 ˚ – 15 ˚ ) .

والذي نراه أن التقويم الأخير هو الأرجح والأدق بخصوص تحديد صلاة الفجر، وهو ما يعتمده كثير من أهل العلم والفلَك في زماننا هذا بعد أن تأكد لهم بمشاهدات أهل الاختصاص من أهل العلم الشرعي وأهل الفلك أنه أدق التقاويم حساباً لصلاة الفجر وأنه مطابق للعلامات الفلكية التي حددها الشرع في تحديد دخول أول وقت صلاة الفجر ، وهذا التقويم متيسر الحصول عليه في كثير من الساعات والجوالات والحواسيب والبرامج المختصة ببيان أوقات الصلوات ، فيمكنكم ضبط الوقت على هذا التقويم وبه تعرفون وقت صلاة الفجر ابتداء وانتهاء .

قال الشيخ سعد الخثلان – حفظه الله – :

وقد وُجدت دراسات فلكية حديثة لتحديد الدرجة الصحيحة لبداية الفجر الصادق , والذي استقرت عليه الدراسات أنه ما بين ( 5 ,14 إلى 15 ) … .

ويمكن الأخ السائل أن يستعين بتقويم ” جمعية مسلمي أمريكا الشمالية ” ( الإسنا ) الذي وضع على درجة ( 15 ) بحيث لا يقيم الصلاة ولا يأتي بالسنَّة الراتبة قبله , وهو موجود في ساعة ” العصر ” وساعة ” الفجر ” , أو في موقع ” الباحث الإسلامي ” على شبكة الإنترنت . انتهى من فتوى في موقعه .

http://www.saad-alkthlan.com/news.php?action=view&id=2

وبالنظر في هذا التقويم في 7 رمضان 1432 هـ كان وقت دخول صلاة الفجر في عاصمة بلجيكا ” بروكسل ” : الساعة الرابعة وستة عشر دقيقة ، وهو يؤكد صحة التقاويم الأخرى التي ذكرتها والتي هي معتمَدة أيضاً في ” هولندا ” دون ذاك التقويم المخالف لها بساعة ! .

فإذا وُجد من يقول بأن كلا التقويميْن وضعه أهل علم وخبرة فنقول : إذا كان الأمر كذلك عندك فيجب عليك اعتماد الوقت المتأخر منهما ، فإذا كان أحدهما – عنده – أعلم أو أوثق : قدَّمه .

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – :

والعِلْمُ بالوقت يكون بالعلامات التي جعلها الشَّارع علامة ، فالظُّهر بزوال الشَّمس ، والعصر بصيرورة ظلِّ كُلِّ شيءٍ مثله بعد فيء الزَّوال ، والمغرب بغروب الشَّمس ، والعِشاء بمغيب الشَّفق الأحمر ، والفجر بطلوع الفجر الثَّاني .

وهذه العلامات أصبحت في وقتنا علامات خفيَّة ؛ لعدم الاعتناء بها عند كثير من النَّاس ، وأصبح النَّاس يعتمدون على التقاويم والسَّاعات .

ولكن هذه التقاويم تختلف ، فأحياناً يكون بين الواحد والآخر إلى ست دقائق ، وهذه ليست هيِّنة ولا سيَّما في أذان الفجر وأذان المغرب ؛ لأنَّهما يتعلَّق بهما الصِّيام ، مع أن كلَّ الأوقات يجب فيها التَّحري ، فإذا اختلف تقويمان وكلٌّ منهما صادرٌ عن عارف بعلامات الوقت : فإننا نُقدِّم المتأخِر في كلِّ الأوقات ؛ لأنَّ الأصل عدم دخول الوقت ، مع أن كلًّا من التَّقويمين صادر عن أهلٍ ، وقد نصَّ الفقهاء رحمهم الله على مثل هذا فقالوا : لو قال لرَجُلين ارْقُبَا لي الفجر ، فقال أحدهما : طلع الفجرُ ، وقال الثاني : لم يطلع : فيَأخذ بقول الثَّاني ، فله أن يأكلَ ويشرب حتى يتَّفقا بأن يقول الثَّاني : طلع الفجر ، أما إذا كان أحد التقويمين صادراً عن أعلم أو أوثق : فإنَّه يقدَّم . ” الشرح الممتع على زاد المستقنع ” ( 2 / 52 ، 53 ) .

 

والله أعلم.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

spot_img

أكثر الفتاوى شهرة